سيجارة الموت

76 2 2
                                    

وسط الظلام الدامس حيث لا أسمع سوى همسات الصمت ,رن المنبه فاستيقظت من منامي حضرت نفسي للذهاب إلى المسجد كعادتي,بينما كنت أمشي في الطريق نظرت إلى السماء دققت النظر لأرى ذلك المنظر الذي لطال ما أحببته ,خيط رفيع شق السماء منذرا بصلاة الفجر , و بعدما أتممت الصلاة خرجت لتصادفني تلك الصورة الخلابة حيث يتسلل النور ببطء وسط الظلام و تتغير و تنفتح الألوان الداكنة كأنها ورود ,حقا هذا رائع ولكن دعني من هذه الأفكار فلدي عمل ينتظرني ,دخلت إلى المنزل و شربت بعض من القهوة كعادتي و بعد انتهائي ارتديت ملابسي و حزمت أغراضي و خرجت من المنزل.

.........

لم أنم طيلة الليل فبطني يؤلمني بشدة كما لو أن أحشائي تتمزق ببطء,توفي والداي و تركا لي أخ صغير علي رعايته ,ولكن كيف ,حالتي هشة فأنا قلق على مستقبلنا خصوصا بعدما تم طردي من عملي البارحة ,ااخ ,ذلك المنافق الذي يظهر نفسه في هيئت متدين ...أمقته بشدة .....هو السبب فيما حصل لي ....حضر الصباح أخيرا بعد ليلة بائسة و هاأنا أخرج مجبرا للبحث عن عمل .

........

هيييه أخيرا وصلت إلى المطار ,فطائرتي ستقلع بعد ساعة من الآن ,بالتفكير في الأمر إني منزعج قليلا من تصرف أحد العمال البارحة و سلوكه الأناني و المهمل الذي أجبرني على طرده ,أعلم أنه بإمكانه الحصول على عمل بطريقة أو بأخرى ..لأكون صادقا الشيء الوحيد الذي جعلني أصبر على تصرفاته أنه يتيم و وصي على أخ صغير ...هذا صعب بحق ....حسنا لا داعي للقلق سيتدبر أموره ,أما الآن فعلي ركوب طائرتي فالكثير من العمل ينتظرني خلف البحر .

........

سحقا لم يقبل بي أحد ...ماذا سأفعل ألان؟ ... سحقا ...كل هذا بسببه ...لم يكن سبب وجيه لطردي انه متكبر و منافق ,يحسب أنه أفضل منا جميعا ...ماذا فعلت لأستحق الطرد كل ما فعلته أنني حاولت إطفاء سيجارة أشعلها احد العمال أثناء العمل ...هذا كل شيء ...لقد ظلمني .

.......

وصلت أخيرا إلى فرنسا و دخلت تلك الشركة الأجنبية في الموعد المحدد ,وبعد أتمامي لعملي خرجت للبحث عن مسجد بغيت الصلاة ,مازال تفكيري مشوش و ضميري ينغزني تارة خشيت أني ظلمت ذلك العامل و لكنني قبضت عليه متلبسا بسيجارة وسط مكان تعمه المواد سريعة الالتهاب كان ليؤدي بحماقته إلى هلاكنا جميعا ,ااه أخيرا وجدت مسجدا حسنا سأصلي و أذهب لأتناول العشاء و بعدها الى النوم مباشرة فغدا ينتظرني يوم شاق .

.......

مضى علي شهر و أنا في هذه الحال فكما تعرفون في بلدنا هذا من الصعب الحصول على عمل ...نفذت مدخراتي و الأعمال الجزئية لا تفي بالغرض...كما أنني اضطررت لجعل أخي يعمل في السوق لمساعدتي...و بينما كنت أشتكي بهمي لأحد أصدقائي عرض علي دواء ممنوع و قال لي أنه سيريحني ....عندما تتناوله أحسست أن الأرض صغيرة و أنني كبير جدا و بدأ عقلي بدغدغتي ,ااه ينسيني من كل شيء نسيت حتى نفسي و صرت أفرط في تناوله ...شيئا فشيئا بدأت أجن بسببه فلم أعد أملك المال الكافي لشرائه.

.......

مرت مهمتي بسلام و الحمد لله ,لأكون صادقا لم أنتبه لمرور الوقت ...شهر مر بمرور الرياح و هاأنا أعود إلى حيث أتيت ,بعدما أتممت الإجراءات الجمركية في المطار عدت إلى البيت و استلقيت على سريري المريح ...اشتقت إلى هذا المكان بحق,أخذت قسطا من الراحة و بعد استيقاظي خرجت لأتمشى بين زوايا مدينتي النائية ,يبدو أنني نمت كثيرا فقد حل الظلام...حسنا لا يهم سأتمشى قليلا قبل أذان العشاء ,بينما كنت أسير على الطريق الخالية وجدت شخصا نحيل و مسود الوجه و بائس الملامح,جالسا على الأرض واضعا يديه على رأسه تقدمت إليه ببطء لأتفقده ,ولكنه قفز فوقي فجأة حاملا لسكين ,حين ما رأيت عيناه الحمراوتان أدركت أنه لم يعد بوعيه ,حاولت المقاومة ولكنه غافلني بالسكين وغرسه في صدري ..ااااخ هذا مؤلم ,أخذ نفسي يضيق و الدماء تنهمر مني و العالم يدور حولي ,أما هو فقد لاذ بالفرار ...كل ما أستطيع فعله هو نطق الشهادتين قبل أن تأخذني الموت .

........

أستمر الألم في راسي فتناولت أخر جرعة من ذلك الدواء ولكن حين ما استيقظت وجدت نفسي بسكين تكسوه الدماء و شخص طريح أمامي فأدركت أنني أنا السبب ,و عندها أسرعت بالهرب دون حتى أن أشاهد الشخص الذي طعنته ,بينما كنت أركض هلعا و لاعنا لنفسي سمعت فجات صوت محرك يتقدم نحوي فاستدرت و إذا بضوء يتقدم نحوي وسط الظلام ....تبا سيصطدم بي.

النهاية 

الأبيض و الأسودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن