🅾 الحلقه 22 🅾

5.9K 324 8
                                    

💮▪ #مسيرة_الارواح_في_عالم_البرزخ ▪💮

        🅾 الحلقه 22  🅾

تخاصم المجرمين

انتهى كلامي معهم ثم دنوت من ( حسن ) وقلت له : هيا بنا لئلا يعاودون الإلحاح .
قال ( حسن ) : أما ترغب أن تستمع تخاصمهم وتنازعهم ؟ تأمل جيداً ، فأنصت لهم فسمعت أصواتهم في قلب الظلام وإذا بهم يخاطب بعضهم بعضاً : ( لولاكم لكنا مؤمنين وتمتعنا بنور الإيمان ) فرد عليهم أولئك : أنحن صددناكم عن الإيمان ؟ فإن كنتم تريدون الإيمان لآمنتم .
مضت لحظات من الصمت ثم صرخ أحدهم غاضباً : إن فلاناً هو السبب فقد بدأ بلاؤنا منذ أن استمعنا لما قاله وأطعناه !
فأجابه : لو أنكم لم تطيعوني طاعة عمياء ، فارتفع صوت شخص آخر : لقد أطعناك في الدنيا فهيا أنقذنا مما نحن فيه .
وهنا ارتفع صوت كبيرهم قائلاً : ( أما ترون أننا جميعاً مشتركون في العذاب فأنى لي إنقاذكم ) وما أن انتهى كبيرهم من الكلام حتى بدأ الذين اتبعوه بالدعاء بالويل والثبور عليه قائلين : ( ربنا إننا بريئون فهو كبيرنا ومرشدنا في الدنيا فضاعف عليه العذاب ) .
لم ينته تخاصمهم بعد فجذبني ( حسن ) وقال : هيا بنا نسير فإن نزاعهم لا نهاية له وسيطول نزاعهم في جهنم أيضاً . وبعد خطوات تناهى إلى مسامعي صوت رهيب فسألت ( حسن ) عن مصدره فقال : هو صوت أحد المجرمين قد سقط في حفرة سحيقة .
سررت لأن مثل هذا العذاب لا يطالني وهذا ما دفعني إلى مواصلة الطريق بمزيد من الأمان .

سرعة العبور

تقدمنا قليلاً وإذا ببعض أنوار خافتة وأخرى قوية نسبياً تلفت انتباهي . فتصورت أنهم طائفة مثلنا يسيرون على ضوء نورهم ، ولم يمض سوى قليل من الوقت حتى وصلنا شخصاً يتخطى رويداً رويداً على ضوء واحد من الأنوار الخافتة جداً فسلمت عليه وسألته عن حاله فقال : لقد أصابني الإرهاق ، فعلى الرغم من أنني أسير في هذا النفق منذ مدة طويلة لكنني لا زلت في بداية الطريق .
قلت : هذا بسبب قلة إيمانك ، أيد ماقلته له ، وفي الوقت الذي كان يمشي ببطء تأوه بشدة وقال : واحسرتاه واحسرتاه ، ولم نبتعد عنه سوى خطوات وإذا بصراخه يعلو ، أردت الرجوع لكن ( حسن ) قال بسرعة : لقد تعجل وحيث أن نور إيمانه ضعيف جداً فقد هو
ى في إحدى الحفر قلت : وما الذي سيحصل في آخر المطاف ؟
توقف ( حسن ) وقال : لا شيء فإن ( حسن ) الخاص به سينقذه ، لكنه يصل مقصده متأخر جداً . وما أن انتهى ( حسن ) من كلامه سطع أمامنا نور أخذ بأبصارنا ولما اختفى سألت ( حسن ) متعجباً : ما الذي حصل ؟ فتأوه ( حسن ) وقال : إنه أحد علماء الدين قضى عمره مطيعاً عابداً مخلصاً لله ، وها هو الآن طوى هذا الطريق المظلم بسرعة فائقة مستنيراً بنور إيمانه ، فتحسرت أنا أيضاً وقلت : طوبى له ، فيا له من نور ويالها من سرعة .
دخل الهم فؤادي ووضعت رأسي بين ركبتي من الندم والخجل وقلت : واحسرتاه فهذا النور هو نتيجة أتعابي لسنوات طويلة من عمري .
ناديت نداءً انطلق من أحشائي : يا إلهي ، ياعليماً بأحوال الأحياء والموتى انظر إليّ وزدني نوراً ليسهل عليّ العبور من هذا المعبر الشاق .
وبقيت على تلك الحال أبكي وأبكي حتى شعرت بأن النفق ازداد نوراً ولما رفعت رأسي من بين ركبتي شاهدت ( حسن ) وقد أصبح أكثر نورانية من ذي قبل فنهضت وتوجهت نحوه مذهولاً وقلت له : لقد أصبحت أكثر نورانية !
قال : لقد منّ الله عليك برحمته وأفاض عليك بنور مضاعف وهذا بلا شك يعتبر استجابة لدعائك في الدنيا حيث كنت كثيراً ما تطلب رحمة الله لسفرك الأخروي ، ثم واصل كلامه : لا أحد يستطيع العبور من برهوت معتمداً على عمله الصالح ، فلا بد من أن تشمله رحمة الله إلى جانب عمله .
سررت كثيراً وحمدت الله على لطفه ورحمته اللامتناهية ، كنت أسير بسرعة وأمان أكثر حيث تجاوزت بعض الناس فيما استطاعت مجموعة أخرى تجاوزنا ، ومع أني كنت أشعر بالإرهاق لكنني لم أكن أبالي بسبب لهفي لوادي السلام ، فقلت لـ ( حسن ) : ما أطول هذا الممر ؟
فأجابني ( حسن ) وهو يحث الخطى بسرعة : لو أنك صمدت أمام غبار الشهوات لكان الطريق قد سهل عليك كثيراً ، والآن لا بأس فعليك الصبر قليلاً فما أسرع أن ينتهي هذا الطريق .

مسيرة الارواح في عالم البرزخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن