.
نرجس تلك الفتاة الهادئه ذات الوجه الشاحب والعينين الواسعتين الحزينتين ، ورغم كونها تميل الى الحزن والشحوب الا أنك عندما تشاهدها تشعر بقدر كبير من الود والأحترام تجاه هذه الفتاة .
ها هي اليوم تكمل ثمانية عشر سنه من عمرها ، فاليوم عيد مولدها الذي تزامن مع بداية المرحله الجامعيه من حياتها .
أطلقت نرجس العنان لبصرها ليسرح بعيدا مع السهول و الوديان التي تصادفها و هي تجلس في ذلك القطار المسرع نحو المجهول ..! كانت تحدث نفسها:
_ الى أين أنت ماضية يانرجس ؟؟ الى الجامعه ..!
ثم أخذت نفسا عميقا وأرجعته على شكل حسره طويلة جعلت من حولها من الركاب ينتبهون إليها أما هي فكانت بعيدة كل البعد عمن حولها ، فما كان يشغلها هو أكبر من أن تلتفت الى من يجالسها أيا كان .
مدينتها مما يمكنها من تحقيق حلمها و هو " العيش في القسم الداخلي " و هذا المكان الذي تسكنه طالبات من مدن مختلفه حتى إكمال المرحله الجامعيه ..
و ها هو حلمها يتحقق لكن لماذا هذا الحزن ؟
لاحت دمعه في عينها بعد تلك الحسره المثقلة بالالام بعدها رفعت رأسها نحو السماء و هي تنظر من خلال نافذة القطار ثم بدأت بترديد كلمات لا يسمعها الا الله تعالى حيث كان مصدر تلك الكلمات القلب لا اللسان :
_" ألهي .. أنا أمتك الضعيفه التي مانسيتها يوما يارب ، فلا تنسها الآن و هي تتجه الى اخطر مكان والى اصعب مرحلة آه .. آه ..
هل سأكون كماتريدني يارب؟ هل سأتمكن من محاربة النفس والشيطان ؟
و هنا أطرقت رأسها وفاضت عيناها بلدموع ..
وبعد أن أنتبهت الى دموعها حاولت ان تمسحها خوفا من أنتباه أحدهم لها و هي بذلك المنظر
فتحت حقيبتها وأخرجت منها مصحفا كانت تحمله معها دوما فتحته وبدأت تقرأ
(وماتجزون الا ماكنتم تعملون ، إلا عباد الله المخلصين ، أولئك لهم رزق معلوم ، فواكه و هم مكرمون ، في جنات نعيم ، على سرر متقابلين ، يطاف عليهم بكاس من معين ، بيضاء لذة لشاربين)
وعندما بدأت تردد تلك الكلمات الالهيه أحست بشيء من السكينه و الاطمئنان
واستمرت بلقراءه حتى أحست بضجيج يملأ المكان ، أنه صفير القطار الذي يعلن عن الوصول أغلقت القرآن و قبلته ثم أرجعته في الحقيبه ومدت يدها الى حقيبتها الكبيره التي قد ملئت بالملابس وبأغراضها الشخصيه فحملتها و نزلت من القطار و هي مطرقة الرأس
أتجهت نحو المركبات التي تنقلها الى قسمها الداخلي فلقد حفظت المكان جيدا بعد إن جاءت اكثر من مره مع والدتها للتسجيل في الجامعه والحجز في القسم الداخلي للفتيات .
و هي تتجه الى الباص تذكرت والدتها وآخر وصيه توصيها بها قبل مجيئها الى هذه المدينه :
(حبيبتي نرجس أبنتي الغاليه .. إنك ذاهبه الى الجامعه حيث الأختلاط والشباب الكثيرون والصديقات المختلفات ، فلا تنخدعي بهذه الامور .. ولاتنسي حبيبك الذي تنتظريه إياك أن تغفلي لحظة واحدة عنه ولاتنسي وعدك له أبدا )
ثم تذكرت كيف أنها أمسكت بيد والدتها و هي تبكي وتقول :
_أماه .. و هل هو إنسان عادي حتى أنساه ؟ و هل حبي له كحب أي فتاة لحبيبها ؟
ألم تعلميني منذ الصغر أن أفي بعهدي ..
فكيف بلعهد الذي قطعته على نفسي بخصوص هذا الحبيب الغالي ؟ فتأكدي يا اماه .. إنني لو نسيت كل الكون فلن أنسى هذا الأنسان .. وسأفي بوعدي له مادمت حية أرزق . بعد أن تذكرت نرجس الكلام الذي دار بينها وبين والدتها بخصوص حبيبها الذي أنتظرته طويلا وماتزال تنتظره أتجهت نحو الباص بتلك الدموع وذاك الأمل الذي لاح على محياها و هي تردد:
ألا يا نسميا أتى من ديار المحبين .. أقبل ومر بدربي
وأبصر سحائب دمعي .. وحرقة زفرات قلبي
دخلت نرجس غرفتها الجديده بعد ان اخذت المفتاح من أمينة القسم كانت هي أول فتاة تدخل تلك الغرفه واخبرتها تلك المرأه بأن هناك ثلاث طالبات قد حجزت في نفس غرفتها ، فلقد كانت تسع كل غرفة لأربع فتيات وقد جهزت بأربعه أسره ومخزنين متوسطي الحجم للملابس ومرآة كبيره معلقة ع الجدار بلأضافة الى حافظه كبيره للأكل . حمدت الله بأنها أول فتاة تحضر حتى تتمكن من ترتيب الغرفة ع ذوقها ...
ثم فكرت قليلا مع نفسها
_ انا لست الوحيدة التي تقطن هنا فهناك أخريات معي يجب أن أنتظرهن ليكون الترتيب جماعيا يتناسب مع أذواق الجميع . وفي أثناء أخراجها الملابس من حقيبة السفر طرقت الباب ثم فتحت ودخلت فتاة بيضاء طويله ذات ملامح حادة قابلت نرجس بأبتسامه وتحيه . أنشرح صدر نرجس لهذه الفتاة ، بادلتها بتحية جميله ثم ساعدتها بإدخال حقيبه كبيره كانت معها وما إن حاولت إغلاق الباب حتى أشارت تلك الفتاة الى نرجس بأن هناك حقائب أخرى يجب أدخالها.
أسرعت نرجس لإدخال الحقائب الاخرى و هي تفكر فيما قد تحتويه كل هذه الحقائب ثم قالت في نفسها : أكيد إن هذه الفتاة من عائله غنيه فلقد جلبت معها أغراضا كثيره !#يتبع
✍ رويده الدعمي
.
أنت تقرأ
نرجس
Spiritualرواية تتكلم عن فتاة عاشقة للأمام المهدي (عج) وكيف ستهدي بفضل الله صديقاتها وتعرفهن طريق الهدايه والمحبة للأمام الحجة المنتظر (عج ) اتمنى لكم قراءة ممتعة ومفيدة ان شاء الله ✍الكاتبة : رويدة الدعمي