الجزء الثامن عشر

2K 172 7
                                    


إقترب موعد الإمتحانات لهذه السنة والفتيات منهمكات في الدراسة والتحضير لإمتحانات المرحلة الثانية ومما كان يزيد من قلق الفتيات هو مرض صديقتهن أشجان , نعم فلقد هجم عليها المرض بشكل مفاجئ وسريع وصارت في حالة يرثى لها.
كانت نرجس تقضي ليلتها بالقرب من أشجان تحاول أن تقوي عزيمتها ولأنهما كانتا في نفس المرحلة وفي نفس الأختصاص بل في نفس الشعبة الدراسية فلقد كانت نرجس تقرأ بصوت عال حتى تسمع أشجان التي لم تكن قادرة حتى على إمساك الكتاب!  حتى أن رؤى وريم كانتا تتركان الغرفة لنرجس تذاكر فيها مع أشجان وتذهبان هما إلى غرفة أخرى للمذاكرة مع زميلاتهما في تلك الغرفة المجاورة.
إستمرت هذه طوال فترة المراجعة وهذا هو اليوم الأخير يأتي ولم يبق إلا ليلة واحدة تفصلهما عن يوم الإختبار الأول.
حاولت جاهدات أن يقوين من عزيمتها ويساعدنها على تحسين صحتها لكت الأمر كان يسوء يوما بعد يوم ...
وفي الصباح إتجهت نرجس نحوها لتعطيها الدواء وتطمئن عليها فسمعتها تردد بعض الكلمات مما جعل نرجس تتفاءل وتطمئن بعض الشيء ألقت عليها التحية ووضعت يديها خلف ظهرها لتسندها وتناولها الدواء وأثناء محاولة أشجان الجلوس تكلمت ببعض الكلمات وهي تهم بالجلوس ... نعم فلقد رددت هذه الكلمات يا صاحب الزمان يامولاي أدركني.
ثم تساقطت دمعة من عينها حاولت أن تمسحها بسرعة  , أما نرجس فلقد كانت تنظر إليها وهي غير مصدقة لما سمعت ... هل فعلا إن إشجان ندبت الإمام صاحب الزمان? ! هل إنها طلبت منه أن يدركها? ! هل بدأت تتعلق به وتتوسل به إلى الله?
قالت أشجان وهي تتوجع ألما لم بها : أرجوك يانرجس إطلبي من الإمام أن يكن معي في الإمتحان اليوم فأنا بأمس الحاجة إلى وجوده معي ودعائه لي ... إحتضنتها نرجس وبكت الإثنتان ... قالت الأخيرة حبيبتي أشجان من دون أن أطلب منه ذلك فإنه سيكون معك لا شك في ذلك صدقيني.
أجابتها أشجان : أنا أعرف يا نرجس بأني لا أستحق منه الدعاء أو الشفاعة لكنه يحبك ويسمع طلبك أرجوك إطلبي منه أن يدعو لي عند الله في أن أنجح في الإمتحانات أرجوك يانرجس.
قامت نرجس بتهدئة صديقتها ومساعدتها على النهوض وأكدت لها بأنها ستنجح طالما سيكون أبا صالح المهدي معها.
إنتهت أيام الأمتحانات ولم يبق إلا إستلام النتائج وإلإنتقال إلى المرحلة الدراسية الثالثة.
بعد أيام قليلة ظهرت النتائج كانت الفتيات قد نجحن في إجتياز الإختبارات بتفوق ولم يتبق إلا ريم التي تأخرت وما تزال الفتيات ينتظرنها لمعرفة النتيجة وهنا دخلت ريم الغرفة وقد تغير لون وجهها وبدأ عليها الحزن سألتها وبصوت واحد :
ما النتيجة ياريم?
لم تتكلم وإتجهت إلى سريرها باكية.
حاولت نرجس أن تفهم الموضوع لكن ريم كانت في حالة من الهستريا ولم تدع أي من الفتيات تعرف نتيجتها ـ
وفي المساء وبعد أن بدأت الفتيات بتحضير أمتعتهن - إذ في صباح اليوم التالي تكون كل واحدة قد رجعت إلى مدينتها - كانت رين قد هدأت قليلا وإتجهت هي الأخرى إلى تحضير أغراضها والإستعداد للرحيل قالت أشجان : هل سنفترق ياريم دون معرفة نتيجتك?
أجابت ريم : لدي ثلاثة مواد يجب أن أعود بعد شهرين لأعيد إمتحانها مرة أخرى لأني حصلت على تقدير ضعيف فيها. 
قالت رؤى إذن أنت لم تفشلي في جميع الإختبارات ولم تكن نتيجتك الرسوب وما تزال أمامك فرصة أخرى فلماذا كل هذا الحزن?
قالت ريم : أو تسأليني لماذا الحزن?  ما الفرق بيني وبينكن ولماذا أنتن قد نجحتن وأنا لا?
بل أن طلاب مرحلتي جميعم نجحوا إلا إننا لماذا علي أن أعيد الأختبار? هل هذا هو عدل الله ... أو ليس عادلا? ! لماذا إذن يفرق بيني وبينكن. .. لماذا لا يساوي في نتائجنا? ولماذا أنا بالذات لماذا لماذا? !!
وبدأت بالصراخ وعادت حالة الهستريا التي إنتابتها أثناء عودتها من الجامعة ,  كانت في حالة مؤلمة ومحزنة وقفت الفتيات عاجزات إزاءها

ثم أنها أكملت : إن من حقنا على الله أن يعطينا ثمرات تعبنا فلقد درست وتعبت ثم أستلم النتيجة هذه!  وهذه أشجان طوال فترة المذاكرة والتحضير للإختبار لم تقرأ ولا كلمة واحدة وهي نجحت وبتفوق وأنا أفشل في ثلاث مواد ولا واحدة ولا إثنين ... ثلاثة! !
بربكن أو ليس هذا ظلما?  لماذا يفعل الله بي هذا لماذا? أجبوني!
وهنا أجابت أشجان : هل تريدين من الله أن يعطيك حقك?  إسألي نفسك أولا ياريم هل أعطيت الله حقه ,  وبعدها طالبيه بحقك عنده !  ألم تسمعي قول أمير المؤمنين علي عليه السلام :♢ من أراد أن ينظر ماله عند الله فلينظر مالله عنده ♢
تذكري تلك الليلة التي قضيتيها بالرقص والطرب ألا تستحقين أن يعاقبك الله على ما إقترفتيه من ذنب تلك الليلة?
أجابت ريم مابك يا أشجان لماذا تكبرين الموضوع وتعطيه أكبر من حجمه?
ماذا يعني أن قضيتها بالرقص والغناء? أريد أن أمتع نفسي هل هذا حرام? إننا كنا جميعا فتيات ولا يوجد بيننا شاب في تلك الليلة حتى يطلع علينا وعلى رقصنا , ومن ثم ألم تسمعي بالقول : ساعة لربك وساعة لقلبك ... ها ألم تسمعي? !
ضحكت أشجان وقالت : أنا لم أقرأ هذا القول في كتاب معتبر أو أسمعه من حكيم بل دائما يتردد على لسان الجهال الذين يريدون تبرئة أنفسهم! وحتى إن كان هذا القول صحيحا فأكيد إن معناه ليس كما تتصورين أنت ... كم مرة تكلمنا عن الغناء خلال العام الماضي وأخبرتك حينها إنني أقلعت عن ذلك الفعل حال إثبات نرجس لي بأنه حرام حرام حرام.
فأجابت ريم : ولكني إلى الآن غير مقتنعة بأنه حرام ولو كان حراما كما تدعون فإنه من الذنوب الصغيرة وليس ذنبا كبيرا حتى أستحق العقوبة عليه بهذا الشكل!
وهنا تكلمت نرجس : أتذكرين ياريم ذلك الحوار الذي دار بيننا في بداية العام الماضي حول الصور التي أردت تعليقها على الجدار? قالت ريم بعد أن بدأ صوتها بالإنخفاض عما كان عليه
-نعم أتذكر
_ لماذا مزقت تلك الصور بعد الحوار?
- لإني خفت من المصير الذي ينتظرني لو أعجبت بأصحاب هذه الصور.
- وما هو المصير الذي خفت منه?
- جهنم وبئس المصير.
- إذن إن كانت أعمالهم جيدة لماذا يحشرون في نار جهنم إذ لم يكن الغناء أو الطرب حراما ... لماذا سيكون مصيرهم النار? !
- نعم يا نرجس لكني لا أفعل ما يفعلوه .. فأنا لا أعمل مغنية ولم أخلع حجابي كالمطربات ولم أشرب الخمر كأكثر الممثلين والممثلات فأنا أستمع إلى الغناء لا أكثر ولا أقل!
إسمعي ياريم سأروي لك هذه الرواية وأنت بعدها إحكمي هل الغناء حلال أم حرام ..
يذكر صاحب كتاب الفقيه أنه جاء رجل للإمام الصادق عليه السلام
وقال له : بأبي أنت وأمي إني أدخل كنيفا (الحمام ) ولي جيراة عندهم جوار يتغنين ويضربن العود فربما أطلت الجلوس إستماعا مني لهن.
فقال عليه السلام : لا تفعل!  فقال الرجل : والله ما آتيتهن إنما هو سماع إسمعه بأذني !
فقال عليه السلام : بالله أنت أما سمعت الله يقول : ♢إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عند الله مسئولا ♢
فقال الرجل : بلى والله كأني لم أسمع بهذه الآية من قبل!  إني لا أعود إن شاء الله وإني أستغفر الله ـ فقال له الإمام الصادق قم وأغتسل وصل ما بدا لك فإنك كنت قائما على أمر عظيم ما أسوء حالك لو مت على ذلك!  أحمد الله وسله التوبة من كل ما كره فإنه لا يكره إلا كل قبيح والقبيح دعه لأهله فإن لا أهل له

#يتبع
   رويده الدعمي

نرجسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن