الجزء الحادي عشر

3K 201 3
                                    

سأقول لرافد بأنني لن أرضى بتلك العلاقة أبدا وإن كان فعلا صادقا في حبه لي فليتقدم لخطبتي وفي الخطوبة يستطيع التعرف علي أكثر
فرحت نرجس كثيرا الإقناع أشجان بحديثها وحالا ذهبت لتتوضأ وتشكر ربها لقد تعلمت نرجس من والدتها بأن تردد هذه الآية كلما وفقها الله لتعريف شخص ما على الطريق الصحيح إذ كانت والدتها تقول لها :
- إننا يا نرجس لا نهدي الناس لأن الهداية من الله وإنما نكون الوسيلة فقط يعني أن ذلك الشخص الذي أراد الله أن يهديه فإنه يهتدي إلى الطريق الصحيح سواء تكلمنا نحن معه أو غيرنا المهم أنه ما دام يتقبل الهداية فإن الله يرسل إليه الوسيلة التي توصله إلى مرفأ السلام فلا يأخذنك الغرور فلولا الله وإرادته فإنك لن تستطيعي أن تتفوهي بكلمة واحدة مفيدة  !
وكانت تقول أيضا عندما تفشل نرجس في إقناع أحد الأشخاص :
- لاتحزني يا أبنتي .. إن قلب هذا الشخص ما يزال كالأرض المالحة التي لا تستقبل المطر ! فإن قلب الإنسان كالأرض وإن الهداية كالمطر ...
فإن كان القلب سليما ونظيفا فإنه سيستعد  حينها لإستقبال هداية الله كالأرض النظيفة الخالية من الأملاح والأوساخ والشوائب فإن هذه الأرض حالما ينزل المطر نراها إخضرت وأثمرت ...
وإن كان القلب قاسيا فإنه لن يستقبل الهداية ولو أرسل إليه الله مئات الرسائل لأنه ما يزال متسخ القلب وغير مستعد لإستقبال أي وسيلة تجعل قلبه طاهرا نظيفا ( بل ران على قلوبهم ) كالأرض المالحة التي مهما أمطرت عليها السماء فإنها لن تخضر ولن تثمر حتى تزال هذه الأملاح والشوائب وتصبح أرضا خصبة ونظيفة
وهذا هو السبب الذي يجعل بعض الناس تتأخر هدايتهم وهذا هو أيضا نفس السبب الذي جعل الله يقول في محكم كتابه ( و الله يهدي من يشاء ) يعني أنك أيها الإنسان المؤمن الذي تريد هداية الناس أنك عاجز عن ذلك وإن الله سيرسل إليهم الوسيلة متى ما رآهم قد طهروا قلوبهم وصاروا على إستعداد حينها سيهدي الله من يشاء منهم بعد أن عرف منها الأستقبال لتلك الوسيلة وما علينا نحن والمؤمنون إلا أن نقوم بنصيحتهم
كانت نرجس تسأل أمها دائما عندما كانت صغيرة
- أماه كيف بأولئك البعدين عن رسائل الهداية ... ؟
من سينصحهم ومن سيرشدهم إلى الطريق الصحيح ... ؟
كانت تفرح الأم عندما تسمع ابنتها تحمل هموم الناس تعتني بمشاكلهم منذ صغرها وكانت تجيبها :
اسمعي يا نرجس ما دام العبد يكون  باحثا عن طريق الحق حتى وإن كان في مجتمع فاسد وهنا فإن الخالق العطوف لن يترك عبده الضعيف هذا حائرا هكذا وسيرسل إليه وسيلة الهداية ما دام باحثا عنها وهذا ما يجعل الكثير من المسيحيين أو المتدينين بأديان أخرى يعتنقون الدين الإسلامي رغم أنهم كانو في وسط مجتمع فاسد منحل ...

وما هذه الهداية إلى ديننا الحبيب إلا لسلامة فطرتهم ونظافة قلوبهم بعد أن صلت نرجس صلاة الشكر والإمتنان إلى الله بسبب هداية صديقتها توجهت نحو المذاكرة وهي مطمئنة القلب صافية البال وفي اليوم التالي نفذت أشجان ما وعدت به نرجس وذهبت إلى هيام وأرسلت عن طريقها خبر إلى رافد عن كل ما قررته . فما كان من الأخير إلا أن رفض الفكرة وهرب من الموضوع بل وخرج منه وكأن شيئا لم يكن ! بعد أن رأى أن أشجان صعبة المنال ولا يمكن أن يلهو معها كما كان يخطط !
حينها عرفت أشجان حقيقة هذا الشاب وأنه لا يريد علاقة سليمة تنتهي بالزواج وإنما يريد اللهو واللعب فقط وحمدت الله أنها لم تقم علاقة معه وإلا لكانت فقدت سمعتها ولشاع أمرها بين الطلبة وقد يصل الخبر إلى أهلها .
وهنا توقفت عن التفكير وقررت أن تنسى الأمر تماما
ظل أمر حبيب نرجس ( مجهولا ) بالنسبة لأشجان فهي ما زالت تسمع صديقتها تدعوا لذلك الحبيب وتحدثه ليلا .
أخبرت صديقتيها الباقيتين بالموضوع وإن نرجس لها حبيب تذكره كل ليلة وعندما ينام الجميع وبعد أن تنتهي من صلاة الليل تبقى تكلمه إلى أن تنام !
رفضت الفتاتان تصديقها في بادئ الأمر لكنها أكدت لهما أنها الحقيقة وأقسمت بالله وبحبيبه المصطفى إن الأمر صحيح فقالت لها رؤى:
- لا تسيئي الظن بنرجس يا أشجان فقد تكون مناجاتها لله سبحانه فأنا لا أعرف لها حبيب غيره
عادت أشجان لتأكد لهن أن حبيب نرجس إنسان وهو حي يرزق حيث قالت لهن :
- أنا أميز بين مناجاتها لله وبين حديثها مع ذلك الحبيب  ... أنه إنسان موجود الآن صدقوني ومن بين كلماتها التي أتذكر ها جيدا هو ما تقوله لذلك الحبيب :
- أين أنت أيها الغالي وماذا  تفعل الآن في مثل هذا الظلام الحالك وهل مازلت مستيقضا أيها الحبيب ؟
وهنا تعجبت كل من رؤى وريم من هذا السر الغريب ... وقررن أن يجبرن نرجس على البوح بسرها وإلا خاصمنها جميعا !
وفي الليلة التالية إجتمعن الفتيات حول المدفأة كعادتهن فتكلمت رؤى بصفتها أقرب صديقة إلى نرجس :
- أختاه يا نرجس .. لدينا سؤال يحيرنا ونحتاج الى جواب
- تفضلن على الرحب والسعة
- هل جربت الحب يوما ما ؟
وهل سمعت تلك الكلمة حتى أطلقت آها طويلة ثم أتبعتها بحسرة جعلت الفتيات يستغربن كثيرا فهن طوال الفترة التي عشنها مع نرجس لم يرنها تتحسر على شيء أبدا ...
فلقد كانت راضية قانعة بما قسم الله في كل أمور حياتها
قالت ريم : أتتحسرين يا نرجس ؟
أجابت وهي ما زالت متألمة ولم لا ؟
- قالت ريم : وعلى مم تحسرك ؟
أجابت : ألم تسألني عن الحب ... أم أنا مخطئة ؟!
تكلمن سوية : نعم ... نعم سألناك
فأدارت وجهها نحو النافذة الصغير وقد بدأت تنظر إلى الأفق وهي تقول :
- لقد عذبتني هذه الكلمة كثيرا يا . ..

#يتبع  ٠••
رويده الدعمي

نرجسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن