الفصل الخامس عشر

52 4 0
                                    

الاثنين، الثالث من مايو، الساعة الرابعة والربع مساءً
منزل فيتزويليام

كانت تنقر بأصابعها على مفاتيح الحاسب المحمول المستقر في حضنها، زفرت الهواء بملل مظهرةً انزعاجها من عدم حصولها على مبتغاها.

"ما الذي تفعلينه؟" سمعت صوتًا ذا بحةٍ رجوليةٍ يهمس في أذنها فجأةً لتفزعَ، لكنها تمالكت نفسها قبل أن تصرخ بتذمرٍ: "منذ متى وأنت هنا؟ لمَ لم تنبهني أولًا؟"، جلس بقربها ورفع الوردة الزرقاء أمامها قائلًا: "ما قصة هذه الوردة؟"

قالت مختصرةً الحديث: "لقد أعطاني إياها آيدن، يقول ابحثي عن معنى اللون لا النوع، ولكني لم أَجِد سوى الأساطير الإغريقية واللاتينية"، انفجر ضحكًا على ما قالته، مسح دموعه التي انهالت من شدة الضحك ليقول بعدئذٍ بين ضحكاته: "لم أعلم أني أنجبت فتاةً حمقاء إلى هذا الحد".
- "وأنا لم أرَ أبًا يشتم ابنته على مسامعها" تمتمت لتعود للبحث على الحاسب.

أمسك فيتزويليام بالحاسب ووضعه بعيدًا ثم أمسك بالوردة وثبتها في شعرها بجانب أذنها اليسرى، سألته محاولةً الوصول إلى جهاز الحاسب والذي أصبح يعلوها: "ما الذي تفعله؟ أريد أن أعرف ما المغزى من ذلك"، عبست ثم تذمرت قائلة: "إن لم ترغب بإعطائي إياه فلتخبرني إذا ما تعنيه هذه الزهرة"، انتزعت الوردة من بين خصلات شعرها وأخذت تنظر لها بتمعن، اقترب من أذنها ليهمس: "من المفترض أن تكون الفتيات هُن من يحفظن هذه اللغة، على كلٍ، إنه يعني: أنتِ لغز بالنسبة لي"

اليوم التالي، يوم الثلاثاء، الخامس من مايو
الساعة الثانية وثمانية عشر دقيقةً مساءً
مقر الفرع A

حرك شعره الكستنائي عن جبينه لتنعكس أشعة الشمس الساقطة من النافذة على عينيه البنيتين، أنزل كفه الأيمن إلى ذقنه ذي اللحية المرسومة بدقة، بينما يتأمل أرجاء المكتب ويحاول رسم صورة لها في خياله دقائق، تداعى إلى مسامعه صوت فتاة تتحدث إلى شخصٍ ما: "توقف...تمهل لحظة...سوف آتي، لا تقلق...لا لن أهرب...لدي بعض الأعمال في المقر سأنهيها وآتي إليك...لمَ تصر على قدومي الآن وموعدي بعد نصف ساعة؟" ويبدو من طريقة حديثها أنها تتحدث عبر الهاتف.

فُتح الباب ليلتفت الجالس أمام المكتب ويحدق بها، قالت قبل أن تقفل دون أن تترك مجالًا للمتحدث للرد: "آيدن، سأحادثك لاحقًا"، أخرجت من حقيبتها جهازًا أسودَ صغيرًا ووضعته في أذنها اليمنى ليطابقها تمامًا، نطقت الفتاة ضاغطةً على الجهاز في أذنها: "إلِّنا، لمَ لمْ تخبريني أن هناك من سأقابله في المكتب؟"، ازدردت ريقها قبل أن تتحدث إليه: "اعذرني قليلًا"

مكنونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن