الفصل السابع

6.1K 126 0
                                    


لماذا لا ترحلين؟

تلك الحادثة الصغيرة، كانت فاتحة علاقة مختلفة تماماً مابين مارغريت وفرنسوا، مع انها لم تلاحظ ذلك إلا في وقت لاحق.
تلك الليلة في الفراش، حاسبت نفسها وتوصلت على كره منها الى استنتاج بأن فرنسوا كان على حق تماماً عندما قال بإنه يعرف سوزان مئة مرة اكثر منها ، فهي لا تعرف سوزان حقاً ولا تفهمها، وكانت مشغولة بمناكدة فرنسوا حتى انها ، بكل صدق، لم تفكر كثيراً بمصلحة شقيقتها، مع ان الفكرة من مجيئها الى فرنسا هو بناء علاقة جيدة مع عائلتها وعائلة دوفال الذين يعطون اهمية كبرى لحياتهم العائلية، ولكن ماهذه الفوضى التي رمت نفسها فيها؟ بالطبع كانت تساعدهم في تربية الاطفال، ولكن في كل صداماتها مع فرنسوا، تصرفت وكأنها طفلة مدللة، مصممة على تسجيل نقاط فوز عليه، ولا بد انه الآن مقتنع ان رأيه بها، المرتكز على تصرفاتها الماضية، له ما يبرره تماماً، ومرة اخرى لديها دافع لتخجل من نفسها
والحقيقة، عندما تمعن التفكير بها، ان عداءها الشخصي لفرنسا مرتكز ايضاً على مامضى وانتهى من زمن ، وبكلمات اخرى ، لم تكن افضل منه عندما يتعلق الامر بنسيان الماضي ، وقبل ان تعلن كانت قد عزمت على التفكير جيداً قبل ان تشك في دوافع فرنسوا وتتخذ موقف العداء من اي شيء يقوله او يفعله ، وان تنصرف ، واقعاً مثل شخص ناضج منصف في تفكيره كما تظن نفسها، وهذا ما ادركت، يعني ان تعترف لفرنسوا انها كانت مخطئة ، ويعني ان تعلن له، وهكذا ستفعل.. ستفعل ولو قتلها ذلك.
ولكن الأمر لم يقتلها في الواقع ، وعندما بدأت به ثبت انه ليس عملاً بغيضاً ابداً.
اثناء تجولها في الحديقة ، في الامسية التالية استطاعت ان تختلي بفرنسوا لوحدهما لبضع دقائق عندما عاد الى المنزل من عمله وبعدما اوقف سيارته في الكاراج تقدمت منه مباشرة.
- فرنسوا....
- نعم.
كان يسير باتجاه المنزل ، ولكنه توقف لينظر اليها متسائلاً وصدمها ان وجهه قد اصبح مألوفاً لديها بشكل لا يصددق ، وعندما التقت عيناهما شعرت بتسارع غريب في نبضاتها ، شيء ما في طريقة نظره اليها، شيء بدا جديداً ، دافئاً ، حميماً، ذا معنى، اجفلها حتى نفسها تسارع ، وتذكرت اتهاماته بأنها تغوي مارك بمجرد النظر اليه، وهاهو الآن يفعل الشيء نفسه لها....
ومد يده يمسك بمعصمها وقال:
- حسناً ؟ ماذا تريدين قوله لي ياعزيزتي؟
وابتلعت ريقها بصعوبة، وبجهد كبير تمالكت نفسها وقالت:
- اريد فقط ان اقول... انا آسفة بخصوص يوم امس .. لأنني كنت بلهاء، فأنت محق تماماً حول ارمان.. واعترف بهذا ، انه لا ينفع ابداً لأن يكون رفيقاً لسوزان واعدك انني لن اشجعها بعد اليوم ان تراه، لذا لم يكون عليك ان تبعدها.
واشتدت قبضة اصابعه على معصمها..
- إذاً... أنت ايضاً لا تريديني ان ابعدك من هنا... وانت لست غير مهتمة كما كنت تدعين؟
وهزت رأسها ، ثم نظرت اليه محدقة بتفاصيل وجهه الذي اثارها منذ ايام كما لم تشعر بإثارة في كل حياتها ، مع انها لم تكن مستعدة لتعترف بهذا.
- لا.. لا اريد ان ابتعد عن هنا يافرنسوا..
وفوراً تساءلت لماذا اعترفت هكذا له ولنفسها.
- امر غريب حقاً! وانا ايضاً لا اريدك ان تبتعدي..
صوته كان منخفضاً وهناك رجفة غريبة في نبرته، ثم سحب يده عن معصمها فجأة وقال:
- هل تسليت اليوم ؟ هل شاهدت مارك مازلنغ؟
- لا.. ولكننا سنلتقي يوم الثلاثاء ، سيقدم لي هدية اخرى إحدى لوحاته وسنذهب الى ( ارميت) لنصنع لها إطاراً.
- تهنئنى لك، ارجو ان تكون تستاهل الإطار..
- إنها تستاهل.. مارك لديه موهبة.. وانا واثقة من هذا.
ولم يعلق بشيء ، بل فتح لها الباب وتبعها عبر الردهة الكبيرة الى غرفة الجلوس، حيث كانت العائلة مجتمعة، سوزان كانت ترضع الصغير وجبته، فنظرت الى مارغريت غاضبة وقالت:
- كنت اظن ان دورك في إطعام الطفل هذه الليلة..
وتدخل فرنسوا قائلاً، وهو يجلس على الاريكة:
- يبدو انك مخطئة إذاً ياسوزان، لقد كنت كسولة جداً في الايام الأخيرة ،والكسل يقود الى الفوضى.. لقد كانت مارغريت تحدثني عن موهبة مارك هازلنغ كفنان.. ماموضوع تلك اللوحة يااختي العزيزة؟
- إنها صورة دوار الشمس.. وسأريك إياها بعد وضع إطار لها.
واستدارت مفتشة عن شيء لتقديم المساعدة، كانت الخالة انيتا تشرف على عشاء انطوانيت وماري روز ، كانت قد نشرت الملابس على الطاولة ، وتركتها لسبب مادون إكمال ترتيبها، وبدأت مارغريت بطي الثياب ، والتفتت ماري روز مبتسمة وقالت:
- احب ان ارى اللوحة ايضاً يامارغريت، فأنا لم اشاهد لوحات مارك بعد.
يوم الثلاثاء ، تمكن مارك من استعارة سيارة جدته، وذهبا معاً الى ( ارميت) وقبل العودة الى المنزل، ذهب الى المقهى لتناول القهوة..
وبعد ان احضر الساقي القهوة لهما سألها مارك بطريقة عرضية وهو يمرر اصابعه في شعره الأشقر:
- وكيف حال ماري روز هذه الايام؟
- إنها بأحسن حال.. وماذا تعني؟
- اعني .. منذ الانفصال.. ألم تخبرك؟
- هذا صحيح.. ألم تلاحظي في حفلة الغداء ، انهما لم يتبادلا كلمة واحدة؟ وسألت فيليب فقال ان الحب بينهما انتهى، ولكنني لا اظن ان الجدة قد عرفت بعد، ستضرب رأسها في السقف عندما تعلم، ألم تلاحظي ايضاً ان شقيقتك المثيرة كانت تتعدى على ممتلكات ايلين ايضاً..
- عن ماذا تتحدث؟
- اوه يافتاتي العزيزة..أنت تعرفين بالطبع ان جدتي عينها على آل دوفال كوسيلة لجلب بعض المال لإصلاح القصر! وهي لا تريد ماري روز فقط.. بل فرنسوا ايضاً ، وليس هناك فتيات جميلات في قرية صغيرة مثل( هوشيه) وفتاة جميلة مثل ايلين لها الحظ الأكبر باكتسابه، ولكن الطفلة المسكينة لا تعرف الكثير من الحيل.. بينما شقيقتك من الواضح انها تعرف الكثير! وايلين تشعر بالإحباط وتريد العودة الى ارميت ، لقد اخبرتني هذا بنفسها .. والشكر لسوزان..
وانزعجت مارغريت من هذه الأخبار وقالت بتعجب:
- اوه، حقاً! ولكن لا تستطيع لوم سوزان لهذا، انت مخطئ، اؤكد لك ، اعلم انها كانت مزعجة ذلك النهار ولكن..
- مزعجة! إنها طريقة مضحكة لوصف المسألة! مع ان المعنى يعتمد على مااتعنيه، اعلم انها شقيقتك الصغيرة، ولكنني بصراحة اعتقد انها عابثة خطيرة، وكذلك تملك فرنسوا ليس من شأن احد، وهي لا تنوي ترك ايلين تحصل عليه، لقد كانت تعني هذا تماماً ذلك اليوم..
- هذا كله هراء! سوزان تلميذة مدرسة، واعلم انها تحب إغاطة فرنسوا.. ولكن.. ولكنه الأخ لها.
وضحك مارك بسخرية ناعمة:
- هيا الآن يامارغريت! واجهي الحقائق ،انه ليس اخوها، هل هو مثل الأخ لك؟
- هذا امر مختلف، سوزان جزء من العائلة منذ كانت طفلة ، لقد فهمت كل شيء بطريقة خاطئة، ولكن دعنا لا نتجادل ، هل تظن حقاً ان ايلين تحب فرنسوا؟
- اشك في ان ايلين تعرف ماهو الحب بعد، إنها تنتظر بهدوء اتعرف ماهو، وبما انها فتاة رقيقة تربت على الطريقة الفرنسية القديمة فهي تحترم رغبات جدتها، واظن اذا وصلت الى درجة ان يضع فرنسوا في رأسه ان يعلمها الحب فستخاف كثيراً، انه يرغب في نمرة، وهي مجرد قطة، واللعبة ستكون قاسية عليها، وفي رأيي ان جدتي قد أخطأت..
ودفع كرسيه قليلاً الى الوراء وقال:
- الافضل ان نبدأ بالعودة الى القرية ونضع حداً لهذا الكلام عن الفضائح، لابد ان جدتي ستظن انني اقوم بإغوائك الآن، ولو لم يكن الامر يزعجها ، وهناك شيء اود قوله يامارغريت .. انظري.. بما ان ماري روز وفيليب قد انتهى مابينهما الآن، حسناً .. لاتضحكي عليّ ، قد احاول التودد اليها، ولا اعلم مدى فرصتي معها ، فعائلة دوفال مشهورة بعدم حبها للإنكليز، أه..إن هذا خالٍ من الذووق مني؟ أليس كذلك؟ لنقل إذاً إنهم يفضلون الفرنسيين..
- لا تحاول تجنب جرح مشاعري، على كل ، ماري روز مهتمة بانكلترا، وهي تعمل جاهدة للتدرب على تكلم الانكليزية، إذا كان هذا يريحك، والاظن انها متحاملة ضدنا كثيراً.
- حسناً .. هذا شعاع من الأمل، لك روح رياضية ، مارغريت، لقد كنت اتودد اليك ، وها انا اقول لك ان لديّ ميول لفتاة غيرك! لابد انك تظنين انني عابث، هل تخفي هذه الابتسامة قلباً مجروحاً؟
- انت تعلم ان هذا غير صحيح.
- انا الآن من جرح قلبه، ولكنني دائماً كنت اؤمن ان فتاة مثلك لابد لها صديق في انكلترا.. هل انا صادق؟
- آسفة ..لا.. يبدو انها فكرة شائعة عند الجميع، ولكنني خالية من اية علاقة وسعيدة لهذا، سأحاول ان اوضح لماري روز بطريقة ما أنك لا تخصني ، لقد تذكرت، إنها كانت سعيدة عندما علمت انك ستهديني لوحة، ولكنها اخفت الامر ببراعة.
وكان فرنسوا قد وصل لتوه عندما كان مارك يفتح باب السيارة لمارغريت عند باب المنزل ، وودعها بتلويحة من يده،وقال لها فرنسوا بعد ان انتظرها لتدخل :
- يبدو ان الصداقة البريئة بدأت تزدهر..
فأجابته بابتسامة بريئة :
- اجل.. في الواقع.
- ستكونين آسفة عندما يحين وقت ذهابك الى باريس..
- اجل سأكون آسفة.
وكانت تعني ماتقول، ولكن ليس لحساب مارك
بريد اليوم التالي حمل خبرين، الاول ان هناك تأخير بسيط في عودة الوالدة والثاني ان ليون وهنرييت سيصلان بعد يومين الى ( هوشيه) ليأخذا الطفال معهما الى منزلهما في ( ديجون)..
وقالت سوزان:
- لن يكون هناك اطفال لرعايتهم بعد الآن ولن نحتاجك هنا يامارغريت يمكنك العودة الى بريطانيا..
- ولكنني اريد ان ارى امي ياسوزان عندما تعود.
- ومن سيصدقك بعد ان تركتنا كل هذه السنوات ؟ ولماذا لا تجعلي صديقك يأتي بك الى باريس في وقت لاحق من السنة..
- لأنني وهنري لسنا صديقان لهذه الدرجة.
- اعتقد ان هذا بسبب مارك هازلنغ..
- لا.. ابداً مارك مجرد صديق.
وقفزت سوزان عن العشب واقفة وقالت:
- لا اصدقك..انا تعبة من الجلوس هنا سأذهب على الدراجة الى ( فلورون) حيث اكون اول من تخبر فرنسوا بقدوم ليون وهنرييت..
- هل انت ذاهبة الى هناك حقاً.. اريد التأكد من انك لن تذهبي الى مزرعة رولان..
- انا لا اهتم به، لقد نسيته تماماً.. اريد ان اعرف ماذا سيقول فرنسوا عندما يعرف عن تأخر رجوع امك، حول بقائك هنا، اتعلمين انه طلب منك المجيء من اجل امي فقط؟. نحن عادة لا نستقبل الغرباء في بيتنا، ولم يكن احد يرغب في مجيئك..
- انت لا تعنين هذا ياسوزان.. انا لست غريبة .. انا شقيقتك.
- وهل جرحت مشاعرك، انا اقول لك الحقيقة، لقد افسدت عليه عطلة الصيف، فرنسوا كان طبعه سيء، ولا شيء بقي على ماكان عليه، كلنا نتمنى ان تذهبي وتتركينا وشأننا..
وقفزت على دراجتها وقادتها بعيداً..
ووقفت مارغريت حيث هي.. وقلبها ينبض بسرعة، لقد بدت سوزان وكأنها فعلاً تكرهها! ولكن لماذا؟ لماذا؟ هل هي..هل يمكن.. ان تكون تريد فرنسوا لنفسها؟ لو ذهب الاطفال .. وماري روز.. ودفعت مارغريت للاختفاء.. ستكون سوزان مع فرنسوا لوحدهما ماعدا الخالة انيتا.. أهذا ماترغب به سوزان؟ وقاطعت مارغريت افكارها: لابد انني مجنونة! لقد قالت سوزان هناك فتاة اخرى! سوزان في السادسة عشر! ولكن فرنسوا قال ( في السادسة عشر وجميلة جداً جداً).
وعادت وهي تفكر الى حيث تجلس ماري روز.
- عن ماذا كنا نتحدث؟
- عن اصدقائك! وعن مارك...
- آه نعم، لقد ازعجتني سوزان ، في الواقع ليس هناك بيني وبين مارك سوى الصداقة البريئة، هناك بعض الأشياء المشتركة لأننا قريباً بنفس الطريقة في انكلترا؟ وهذا كل شيء..
- ولكنه اهداك لوحة من لوحاته..
- هذا فقط لأنني اعجبت بعمله، ولم اكن واثقة انني سأقبلها، لا يجب عليه ان يهدي اعماله هكذا، ربما سأعلقها هنا في المنزل إذا سمح فرنسوا ، على كل ، سنبحث الامر عندما ينتهي الإطار.
- ومتى سيكون ذلك؟
- ليس لدي فكرة.. سيهتم مارك بالامر.. في الواقع ايلين تتحدث عن العودة الى ارميت، لذا ربما تذهبين معها عندما يوصلها فيليب ، واعتقد انهما سيدعوانك.
- اتعنين ان فيليب سيدعوني؟ لا يامارغريت هذا غير محتمل، انا وفيليب انهينا صداقتنا ، لم نعد نفكر بالزواج، لقد كان يعتقد اننا نحب بعضنا،واعتقد اننا احبننا بعضنا قليلاً، كانت المدام ترغب في ان نتزوج ووافق فرنسوا ، ولكن الآن انتهى الامر بيننا ، وهذا كل شيء ، لذا لن اذهب الى ارميت معه، واعتقد انني لن اعود الى هنا إلا بعد وقت طويل، عندما يأتي ليون غداً سأذهب معه الى ديجون..
- اوه لا.. لا يجب ان تفعلي هذا.
- ولم لا؟.. انت وانا الآن متفاهمين وسنتفرق كأصدقاء، كما يرغب فرنسوا تماماً..
- اجل ولكن...
وتوقفت عن الكلام ، فقد ظهر مارك هازلنغ وهو يتقدم نحوهما ويستطيع الان ان يتولى قضيته بنفسه، ولكن ماري روز وقفت على قدميها وقد شحب وجهها.
- لاتذهبي ارجوك، مارك وانا لا نريد ان نكون لوحدنا، ارجوك!.
وجلست ماري روز ثانية، وعندما وصل مارك وحياهما قالت مارغريت بسرعة :
- سأخذ انطوانيت الى الداخل لأقرأ لها قصة هيا بنا ياعزيزتي.
- اوه ارجوك.. قد يريد مارك ان يبحث امر اللوحة معك..
وقال مارك :
- اللوحة؟ آه، اجل سأحضرها غداً ، لماذا لا تاتيا معي؟
وقال مارغريت فوراً:
- لا استطيع ..الخالة انيتا وانا لدينا عمل غداً...
- وانت ياماري روز؟
- لا اعلم.. سأعود الى ديجون مع شقيقي في اليوم التالي يامارك، واكمل عطلتي هناك..
- اجل يجب عليك هذا؟
- اجل.. وانا متأكدة ان فرنسوا سيوافق!
وامسكت مارغريت بيد الطفلة :
- تعالي ياانطوانيت.. سنذهب لنقرأ قصة عن ( الجميلة النائمة)
واختفت في الداخل وهي ترمق مارك بابتسامة..
وكانت جالسة في غرفة الجلوس والصغيرة على ركبتيها عندما سمعت صوت سوزان تدخل المنزل ثم وقع اقدامها تركض على الدرج، وفي اللحظة التالية كان فرنسوا يقف في الغرفة ينظر اليها وهو عابس..
- ألا تعلمين ان مارك هازلنغ في الحديقة.
- اجل اعلم.. إنه يتحدث مع ماري روز ، أليس كذلك؟
- أليس من الافضل ان تخرجي اليهما؟
- أنا؟ ولماذا؟
- لماذا؟ لأنه من المفروض انه هنا ليراك..
- لا.. إنه هنا ليرى ماري روز.
- ماذا؟.
- اجل.. إنه له الحق الآن بما ان ماري روز وفيليب قد غيرا رأيهما حول بعضهما البعض..
- إذاً هكذا هو الأمر ، وأنت ألا تمانعين ؟
- لا امانع ابداً.. لقد قلت لك اكثر من مرة ان مابيننا..
- صداقة بريئة..حسناً انت تعرفين انني لا أؤمن بهذا يامارغريت..
والتفت الى انطوانيت التي نزلت من حضن مارغريت وركضت نحو الباب :
- اذهبي والعبي في الخارج ثم عودي مع الخالة انيتا ياصغيرتي..
ووقفت مارغريت ، الطريقة التي نظر بها اليها الآن جعلتها تضطرب وتذكرت كيف انه عانقها ليلة كانت عند المدام هوبرت بنوا، هذا شيء حدث بينهما لم يكن اي منهما يريده، ولقد دفعت هذه الذكرى الى زوايا فكرها، ولكن ليس بسبب المدام، والآن العداء بينهما قد انتهى وتساءلت بشيء من القلق لو انه كان من الأفضل ان يستمر.
كان سيعانقها مرة اخرى ، لقد اقتنعت بهذا لحظة التقت عيونهما واصبح نبضها يدق بجنون، وكان مارك هناك مايدفعها الى الهرب ومع ذلك كانت تشعر انها لن تهرب، وبطريقة ما احبت ان يحدث هذا ثانية، كما حدث ذلك تماماً في المرة الماضية..
ثم عادت الى وعيها ، ياللسماء! ماالأمر؟ النية في عينيه... ولكن ربما سيخبرها عن تأخير والدتها في العودة الى باريس! او حتى انها قد تجاوزت مدة اقامتها هنا! فالسماء وحدها تعرف ماذا قالت له سوزان، وقالت له بصوت متحدٍ:
- اعتقد ان سوزان اخبرتك بالخبر؟.
- اجل.. سوزان تفعل هذا دائماً ..إضافة الى واقع انك عائدة الى انكلترا..
- وهل قالت لك هذا؟.
- اهذا بسبب انك لم تعودي قادرة على تسلية نفسك مع مارك؟ أم بسبب خطبتك غير الرسمية في انكلترا؟
- ولا واحد من السببين، إضافة الى انني لا انوي العودة الى انكلترا.
- اتعنين ان سوزان لم تكن تقول الحقيقة؟
وترددت قليلاً فهي لا تريد ان تتهم اختها بالكذب..
- ربما اعتقدت انني اريد العودة ، ولكنني لا اريد، ومهما كان ما تعتقده ، فإن هنري ليس حتى خطيبي غير الرسمي، لذا ترى ان ليس لدي شيء لأعود اليه، لقد اتيت الى هنا لأرى امي، وانا انوي الانتظار في فرنسا حتى تعود هذا اذا سمحت لي، فعلي ان انفذ ماتقوله بالطبع.
- هذه تصريحات مفاجئة منك يااختنا، انت عادة صريحة، ومن فتاة غيرك قد يبدو الأمر مثيراً..
- لا اقصد إثارتك ، ولكن انا مدركة انني كنت صعبة التعامل دون سبب.
- ولكن ليس مؤخراً.. حقاً لا .. ونحن لم نتقابل كثيراً في المدة الاخيرة، ربما بعد ذهاب الأطفال وماري روز ايضاً، سنتمكن من التعويض عن هذا..
- وهل يجب ان تذهب ماري روز؟
- أظن هذا، فسيوفر علينا كثيراً من الإحراج مع المدام هوبرت بنوا..
- اجل.. ولكن الأمر لن يكون لطيفاً لمارك.
- لمارك؟ يالهي؟ وماذا تعنين؟ ألانه يلاطف شقيقتي ويتحدث معها في الحديقة...
- الأمر اكثر من هذا..لقد قال لي بنفسه ، إضافة الى انني اظن ان ماري روز تبادله الشعور.
- وفري عليّ الأحاديث العاطفية! لا... شقيقتي ستذهب الى ديجون وهذا نهائي، وإذا مارك يتصور انه يحبها ، ويجب ان تعذريني على عدم ثقتي بمصداقيته، لأنه كان يبدو عليه انه مغرم بك من يوم او يومين، اذاً فعليه ان يجد طريقة اخرى لإقناعها ، ولن اسهل عليه الامر ، وخاصة انني مسؤول عن ماري روز الى حين عودة والدي الى باريس..
- انه مضحك ان تتحدث عن إحراج الناس وأنت...
وتوقفت ، وعضت على شفتها بعد ان نظر اليها نظرة نارية...
- حسناً .. تابعي كلامك..
- حسناً، وانت ترى ان ايلين تريد العودة الى ارميت
وضحك عالياً وكأنه ليس لديه شفقة..
- ياللإشاعات في هذه القرية! وهل من المفترض ان اكون مسؤولاً وملاماً عما تريده ايلين او لا تريده.. ياعزيزتي لابد انك سمعت مافيه الكفاية عن العواطف بيني وبين ايلين موران من صديقك مارك..
ولكن ليس لديك دليل على ان هذه العواطف موجودة حقاً ، اليس كذلك ؟ ايلين بالتأكيد طفلة جميلة وفاتنة ومطيعة ، ولكن جمالها لا يوافق ذوقي ولا دمي يغلي عندما تكون بقربي، ومن الغرابة جداً، انك انت تثيريني يامارغريت ماسترز .. جسدياً وعاطفياً اكثر فأكثر..
وحدقت به واحمر وجهها حتى اصبح قانياً ، ولم تستطع استيعاب ماقاله، وخاصة على ضوء إصرار سوزان انه متورط مع فتاة اخرى، ولابد ان ماقاله هو مجرد مغازلة عابرة ، مع ان فكرة مغازلته لها من الصعب تقبلها، ومن هي تلك المرأة الأخرى؟ وقال بعد صمت اصبح متوتراً بالتدريج:
- حسناً ، اذا كان من غير الصحيح انك تريدين تركنا، إذاً يجب ان تبقي واريد ان اعرف لماذا قالت سوزان هذا، هذا كل شيء..
- ربما تعتقد انني اطلت الإقامة هنا، انني دخيلة، ولست جزءاً حقيقياً من العائلة، ومن غير المريح ان يستقبل الامرء ضيفاً لمدة طويلة.
- فهمت.. في هذه الحالة الافضل ان تذهب سوزان مع ماري روز الى ديجون.
وقبل ان تحتج ، دخلت سوزان الى غرفة الجلوس وارسلت الى مارغريت نظرة غاضبة وكأنها تقول:( ماذا كنت تقولين لفرنسوا؟ وبادرها فرنسوا:
- انت مخطئة بقولك ان شقيقتك تريد العودة الى انكلترا ، على العكس فهي ترغب في البقاء ، واذا كان الامر يتعلق بكرهك لوجودها، اذاً افضل شيء لك سيكون ان تذهبي الى ( ديجون) بعد يومين ، وعندها سنكون جميعاً سعداء..
- ماذا؟ اوه، لا يافرنسوا! لن اكون سعيدة ابداً، لقد قرفت مافيه الكفاية من رائحة رضاعة جاك ومن صوت انطوانيت وهي تكرر سؤالها عن كل شيء طوال النهار، واذا كانت مارغريت قد اخبرتك شيئاً عني.. لقد تجادلنا قليلاً ، هذا كل شيء، انه امر غير مهم، وهو شيء طبيعي عندما يكون اثنان يقابلان بعضهما يومياً، ولكنني ارغب في ان انسى الأمر، وأنا واثقة انها ترغب في العودة الى انكلترا حقاً، ولكنها تحاول ان تكون مؤدبة، وصديقها يكتب لها رسائل طويلة و....
- هذا يكفي ..الأمر انني لا اريد ان احتوي فتاتين متخاصمتين تحت سقف بيتي، واذا كان لا يوجد مايكفي لإشغالك هنا، فسوف تقعين في المزيد من المشاكل، وأظن الافضل لك ان تذهبي الى ديجون..
وظهرت نظرة غضب في عيني سوزان،وضربت بقدمها ، وهي تصيح كطفلة غاضبة فاسدة:
- لن اذهب يافرنسوا! واذا ارسلتني بالقوة ستندم..
- اوه.. لا تهدديني ياسوزان.
واستدار متجهاً نحو الباب، وانفجرت سوزان بالبكاء، ومع ان فرنسوا كان ظهره اليها ، فقد سمع نحيبها،وكان اول رد فعل لمارغريت ان تقول :
- ياللطفلة المسكينة!.
ولكنها تذكرت قول فرنسوا ان الفتاة تستطيع ذرف الدموع متى شاءت، وملاحظة مارك بأنها خطرة وعابثة وعنيدة ، وبدأت سوزان تجري وراء فرنسوا تصيح باكية:
- سأعمل على تحسين لغتي الانكليزية يافرنسوا..اعدك.. سأكون حسنة الأخلاق.. حقيقة.. ولكن ارجوك دعني ابقى..
وعلى الرغم من كل مافعلته معها، تمنت مارغريت ان يوافق.. ففكرة بقاءها لوحدها معه كانت تثيرها كثيراً، وفي قرارة قلبها ، كانت تعرف انها قد بدأت في الشعور جداً بجاذبيته..وهذا امر لا مستقبل له.

صيف بلا ورود.  روايات  احلام.                             للكاتبة : اماند ستيلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن