1- أن الخطأ صفة في الإنسان
أخي الكريم.. إنك لو تأملت في حقيقة الإنسان لوجدت خلقه ناقصًا.. ولوجدته ضعيفًا قاصرًا عن الكمال في عقله وجسمه ونفسه.. وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال مهم يتعلق بخلق الإنسان.. لماذا خلقه الله ضعيفًا قابلاً للخطأ؟
أخي.. لقد أخبر الله جل وعلا عن الإنسان في آيات كثيرة في كتابه العزيز.. وظهر من تلك الآيات أن صفات النقص التي خلق عليها الإنسان لابد وأن تولد فيه من الأخطاء والزلات ما يناسب تكوينه.. قال تعالى: (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا( [النساء: 28] وقال سبحانه: (وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا( [الإسراء: 11] وقال عنه أيضًا: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا( [الأحزاب: 72]، (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا( [المعارج: 19-21] وقال تعالى: (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ( [الحج: 66].. وهذه الصفات وغيرها في الإنسان كلها تدل على أن الإنسان لا كمال.. وأن الخطأ مميز من مميزات الإنسان.. وما كان الله جل وعلا ليخلق الإنسان بهذه الصفة إلا وله من ذلك حكمًا بليغة هو يعلمها.
وإن من أجل الحكم من خلق الإنسان خطاءً أن يعبد المسلم ربه بالتوبة والرجوع إليه.. ليقف على رحمته وعفوه ولطفه.. ولذلك لما خلق الله الإنسان بتلك الصفات, فإنه قد شرع له التوبة ولم يغلق عنه بابها أبدًا حتى تقوم قيامته.
أخي الكريم.. لا تجعل ذنبك يزرع في نفسك اليأس.. فإنك إن كنت أذنبت.. فلأنك إنسان.. فإرادة الله حكمت بأن يعمر الأرض قوم يخطئون.. ثم يتوبون.. فيتوب الله عليه.. وهذا رسوله الله يقسم على ذلك ويقول: «والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله تعالى بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله تعالى فيغفر لهم» [رواه مسلم].
واعلم أخي المسلم.. أن هذا لا يسوغ لك أن تخطئ كل وقت وحين.. بل أنت ملزم شرعًا بطاعة الله ومجاهدة نفسك.. لكن في الوقت نفسه هذا يحفظك أن لا تستسلم لذنبك وأن تجعل التوبة هي مخرجك كلما أخطأت..