ومعلوم أن المرأة إذا كانت غاية في الستر والانضباط، لم يقدم عليها من في قلبه مرض، وكفت عنها الأعين الخائنة بخلاف المتبرجة المنتشرة الباذلة لوجهها، فإنها مطموع بها.
واعلم أن الستر بالجلباب، وهو ستر النساء العفيفات يقتضي أن يكون الجلباب على الرأس لا على الكتفين.
ويقتضي أن لا يكون الجلباب – العباءة – زينة في نفسه، ولا مضافا إليه ما يزينه من نقش أو تطريز، ولا ما يلفت النظر إليه، وإلا كان نقضا لمقصود الشارع من إخفاء البدن والزينة، وتغطيتها عن عيون الأجانب عنها) [حراسة الفضيلة للعلامة بكر أبو زيد ص 55 – 56].
إن العفاف المنشود من الحجاب لا يمكن أن تظفر به الأخت المسلمة إلا إذا أدركت جيداً المفهوم الشامل للحجاب.. وعرفت مدلوله ومعناه.. وما يُقصد منه!! فحتى لو أدنت المسلمة جلبابها كما أمر الله ! لكنها لم تقر في بيتها... وأدمنت الخروج صخبا في الشوارع والأسواق.. فإنها ليست محجبة.. أو متساهلة بالحجاب.. بل لأنها تعرض ذاتها وحجابها للفتنة بخروجها الذي لا ضرورة له!
ولذا فإن عفة الحجاب أشمل من مجرد لبس العباءة.. إنها الحد الفاصل بين الفضيلة وما يخدشها.. سواء كان ما يخدشها : تبرج... أو خروج.. أو كلام.. أو رفقة سيئة أو غير ذلك من قوادح العفاف.
فالأخت العفيفة لا تبارح بيتها إلا لحاجة تطلبها.. وذلك حفاظا على عفتها وصونا لعرضها.. ومن النساء من (تخرج متطيبة بطيب قوي الرائحة يفتن كل من في قلبه مرض من الرجال وربما خلع ثياب الحياء وصار يلاحقها ويغازلها، تخرج من بيتها تمشي في السوق مشيا قويا كما يمشي أقوى الرجال وأشباههم كأنما تريد أن يعرف الناس قوتها ونشاطها وتمشي كذلك في السوق مع صاحبة لها تمازحها وتضاحكها بصوت مسموع وربما تدافعها بتدافع منظور, وتقف على صاحب الدكان تبايعه، وقد كشفت عن يديها، وربما عن ذراعيها, وربما تمازحه، أو يمازحها، أو يضحك معها، إلى غير ذلك مما يفعله بعض النساء من أسباب الفتنة والخطر العظيم والسلوك الشاذ الخارج عن توجيهات الإسلام، وعن طريق أمة الإسلام.
يقول الله عز وجل لنساء نبيه ( وهن القدوة، وهن أعف النساء وأكرمهن وأرفعهن قدرا. يقول الله لهن : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ( [نصائح وتوجيهات للبيوت ص31].
ولذلك كانت البيوت من الحجاب والواجب في حق النساء.. فكما أن العباءة تحجب العيون الأجنبية عن النظر إلى النساء فكذلك البيوت تحجبها! ولا يعدل عن حجاب البيوت إلى غيره إلا لحاجة داعية!
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( «المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها» [رواه الترمذي].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : «المرأة يجب أن تُصان وتُحفظ بما لا يجب مثله في الرجل، ولهذا خصت بالاحتجاب وترك إبداء الزينة، وترك التبرج، فيجب في حقها التستر باللباس والبيوت ما لا يجب في حق الرجل، لأن ظهورها للرجال سبب الفتنة، والرجال قوامون على النساء» [مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 15/297].
إن الرجال الناظرين إلى النساءمثلُ السباع تطوف باللحمانِ
إن لم تصن تلك اللحومَ أسودُها
أكلت بلا عوضٍ ولا أثمانِ