إن قرار المرأة في بيتها يحميها من سموم العيون المريضة. وفتن الاختلاط.. والأنفاس العليلة.. كما يمكنها من استثمار وقتها.. وأداء مسؤولياتها الأسرية.. فهي فتاة البيت وبهجته.. وهي الزوجة.. والأم المسؤولة عن أبنائها.. كما أخبر رسول الله ( : «المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها» [رواه البخاري ومسلم].
أما حال خروج الأخت المسلمة لحاجة داعية، فإنها ملزمة وقتئذ بالحجاب الذي يسترها.. ويُعْلِن للناظرين عفافها ونظافتها.. وهو لن يكون كذلك إلا إذا استوفى شروطه ونعوته المبينة في كتاب الله وسنة نبيه (، وهي:
1- أن يكون ساترا لجميع بدن المرأة، لقول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا(.
وقالت عائشة رضي الله عنها : «يرحم الله نساء المهاجرين الأول لما أنزل الله (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ(شققن مروطهن فاختمرن بها» [رواه البخاري].
وقال القرطبي رحمه الله : «لما كانت عادة العربيات التبذُّل، وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعيًا إلى نظر الرجال إليهن، وتشعب الفكر فيهن، أمر الله رسوله ( أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن» وقال رحمه الله : «والصحيح أنه [أي الجلباب] الثوب الذي يستر جميع البدن» [الجامع لأحكام القرآن 14/243-244].
2- أن لا يكون الحجاب زينة في نفسه : لأن المقصود منه هو لستر الزينة، وقطع دابر الفتنة، فإذا كان الحجاب مبدياً قال تعالى : (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا(، فظاهر العباءة يستحيل إخفاؤه عقلا فهو لذلك ليس من الزينة ما دام لا يحتوي على زينة لافتة للنظر كالتطريز والصور والكتابات ونحو ذلك مما يعلم منه أنه زينة مثيرة.
3- أن يكون فضفاضاً: لا يبرز بدن المرأة ولا يصفه بل فيه من الاتساع والشمول ما يستر حجمها، فعن أسامة بن زيد قال : كساني رسول الله ( قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله (: ما لك لا تلبس القبطية ؟ قلت : يا رسول الله، كسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله ( : «مُرْها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها».
4- أن يكون غير شفاف : فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( : «صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون الناس، ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة؛ لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها, وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» [رواه أحمد].
قال ابن عبد البر رحمه الله « أراد ( من النساء اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر، فهن كاسيات بالاسم، عاريات في الحقيقية »
5- أن لا يكون معطراً : لما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله ( : «أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية» [رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح].
6- أن لا يشبه لباس الرجال : لقوله ( : «ليس منا من تشبه بالرجال من النساء ولا من تشبه بالنساء من الرجال» [رواه أحمد].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : «لعن رسول الله ( الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل».
7- أن لا يشبه لباس الكافرات : لعموم قول ( : «من تشبه بقوم فهو منهم» [رواه أبو داود].
ولقوله ( أيضا : «رأي رسول الله ( عليَّ ثوبين معصفرين فقال : إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها» [رواه النسائي].
8- أن لا يكون لباس شهرة : لقوله ( : «من لبس ثوب شهرة في الدنيا، ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب فيه ناراً»[رواه أبو داود].