* أيها المذنب! تذكر شدة الموت!
يا عاكفًا على لذات الدنيا.. ولاهيًا بلهوها.. أما سمعت عن الموت ومرارته؟! أما سمعت عن شدة سكراته.. وفظاعة ساعاته؟!
فيا لله! ما أشد سكرات الموت! وما أفظع لحظاته!
وها هو نبينا ( يصف لك تلك الغمرات والسكرات – وهو ( يومها في مرضه الذي توفي فيه – وفي ذلك عظة لكل عاقل!
عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله ( وهو بالموت، وعنده قدح فيه ماء، وهو يدخل يده في القدح، ثم يسمح وجهه بالماء، ثم يقول: «اللهم أعني على غمرات الموت، وسكرات الموت»! [رواه الترمذي]
نظر الحسن البصري إلى رجل يجود بنفسه، فقال: «إن امرءًا هذا آخره؛ لجدير أن يزهد في أوله، وإن امرءًا هذا أوله؛ لجدير أن يخاف آخره»!
وتذكر – أيها المسكين – أن الموت له ما بعده.. وما بعده أفظع منه!!
فتأمل في حالك – أيها الغافل – فلا ترحلن من الدنيا وقد أثقلت كاهلك بالخطايا!
يا باكيَ الميتِ على قبرِهِامضِ ودَعْهُ فستنساهُ
من عاين الموتَ فذاك الذي
لم ترَ مثلَ الموتِ عيناهُ
كم من شقيق لم تجدْ
غير أن غمَّضَ منْ يهوي وسجَّاهُ
وكم محبٍ لحبيبٍ إذا
سوَّى عليه اللحدَ خلاَّهُ
سمع الحسن البصري امرأة تبكي خلف جنازة، وتقول: يا أبتاه مثل يومك لم أره! فقال لها: بل أبوك مثل يومه لم يره!
فحري بك – أيها المذنب – أن يطول جزعك.. قبل أن تطول حسرتك.. يوم أن تأتيك رسل ربك.. وأنت في سكرات الموت مأخوذ!
قال الثوري: «إذا عاين المريض الموت؛ ذهبت المعرفة بينه وبين أهله»!
قيل لحبيب الفارسي في مرضه الذي مات فيه: ما هذا الجزع الذي ما كنا نعرفه منك؟! فقال: «سفري بعيد بلا زاد، وينزل بي في حفرة من الأرض موحشة بلا مؤنس، وأقدم على ملك جبار، قد قدم إلي العذر»!