~ زوجة , عاملة وأم ~

3.5K 96 14
                                    

~ عن النساء اتحدث ~ 

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

~ عن النساء اتحدث ~ 

- كان هناك امرأة في الثانية والثلاثين من عمرها تقضي معضم وقتها في المنزل تكنس وتمسح وتطبخ وترعى اطفالها الثلاثة وتبذل قصاري جهدها في سبيل راحة زوجها الذي كان يعمل من الصباح حتى المساء ويعود ليجدها قد حضرت له حماماً دافئاً وملابس مكوية نظيفة وطعاماً شهياً , وذات صباح اخبر الرجل  زوجته ان الشركة التي يعمل بها ستقيم حفلة كبيرة في المساء بمناسبة ذكرى افتتاح الشركة لذا طلب منها ان تذهب معه كما انه طلب منها ان تعتني بمظهرها قليلاً فهو لم يراها متأنقة منذ وقت طويل ولا يرغب بأن يصطحبها معه الى الحفلة وهي ترتدي مئزر العمل المشبع بروائح الطعام وقيء الأطفال  .

وحين عاد في المساء وجدها لا تزال ترتدي ملابس فضفاضة مليئة بذرات الطحين وينبعث منها رائحة قيء الاطفال وشعرها كان مكوماً فوق رأسها بشكلٍ فوضوي بينما كان وجهها منهك وقد بدت اكبر من سنها الامر الذي جعله ينزعج منها فزجرها قائلاً بحدة : الم اطلب منكِ ان تكوني جاهزة في هذه الساعة لتذهبي معي الى الحفلة ؟ 

فتنهدت وقالت بصوت مرهق : بلا لقد طلبت ذلك ولكنني لا استطيع ان اذهب معك لأن لدي الكثير من العمل كما انني لا استطيع ان اترك الاطفال في عهدة امي هذا اليوم فهي متعبة قليلاً ولن تتمكن من الاعتناء بهم .

فزم الرجل فمه بحركة تنم عن الانزعاج والغضب وقال : ان جميع زملائي سترافقهم زوجاتهم الى هذه الحفلة ما عداي انا وسأبدو كالأحمق امامهم  لان زوجتي تجد اعمال المنزل اكثر اهمية من مرافقتي وتشريفي امام الناس لذا انا ذاهب بمفردي ولا تنتظري عودتي لانني سأذهب للنوم عند امي فقد سئمت من رؤية منظركِ المثير للشفقة واستنشاق رائحة القيء التي تنبعث منكِ .

قال ذلك ثم خرج من المنزل وصفق الباب بقوة وفي تلك اللحظة انهمرت الدموع من عيون زوجته وسرعان ما مسحتها وذهبت لتتابع اعداد العشاء من اجل اطفالها , اما هو فكان يبدو منزعجاً ولم تعجبه الحفلة خصوصاً لأنه كان الرجل الوحيد الذي لا ترافقه زوجته الامر الذي جعله يغادر المكان على مضض وذهب الى منزل امه التي استقبلته احر استقبال وحين سألته عن سبب قدومه لزيارتها دون ان يصطحب معه زوجته واطفاله قال بأنفعال : ارجوكِ يا امي لا تذكريها امامي فهي قد سببت لي اهانة كبيرة عندما فضلت اعمال المنزل على الذهاب معي الى حفلة الشركة وجعلتني ابدو امام زملائي كالأحمق .

فتنهدت الأم وامسكت يده وقالت : الهذا السبب انت منزعج يا بنُي ؟

فقال : لا ليس لهذا السبب فقط فانا بدأت اشعر بالملل منها وحين اطالبها بحقوقي التي شرعها الله لي تتهرب في كثير من الاحيان , هل تعلمين اصبحت اكره العودة الى المنزل حتى لا اراها بذلك المظهر المبتذل ولا اشم راحة قيء الأطفال التي اصبحت جزء لا يتجزء من شخصيتها كما ان جسدها اصبح متراهلاً ويشعرني بالتقزز كلما نظرت اليها وخصوصاً بطنها .

فانزعجت الام مما قاله ابنها بحق زوجته وقالت بحدة : انت لا تملك الحق في قول هذا عنها وتذكر كم كان جسدها جميلاً ناعماً ومنحوتاً في بداية زواجكما , هي لا زالت نفس المرأة الجميلة وتحمل نفس الروح التي طالما احببتها ولكن الفرق انها اعطتك اليوم اطفالاً ووهبتك حياة وثمن هذا كله هو خسارتها لجمالها ورشاقتها لذا لا يحق لك ان تتذمر بشأن بطنها الغير مشدود وقوامها الغير ممشوق ولا تفكر انها معجبة بذلك لكن عاطفة الامومة داخلها تجعلها تغض النظر عن الاعتناء بنفسها فهمها الوحيد هو رعاية اطفالها  والعمل على توفير سبل الراحة لك وتذكر ان هذا البطن الذي تنتقده الان كان يوماً البيت الدافئ الذي احتضن اولادك لمدة تسعة اشهر بكل المها وتعبها وثقلها لتختمها بالم الولادة الذي يعادل كسر 42 عظمة في جسدها وعوضاً عن المجيء اليَ لتشكي وتبكي اذهب اليها وطيب خاطرها واطبع قبلة على بطنها المشوه كدليل على امتنانك لها بدلاً من ان تطبع دمعة على خدها بسبب انتقادك .

في تلك اللحظة شعر الرجل بالخجل من نفسه لان كلام امه الحاد اعاد اليه ذكرياته الجميلة مع زوجته عندما وقع في حبها وادرك انها لم تصبح كما هي عليه الان بمحض ارادتها ولكن الظروف والأطفال والاعتناء بالمنزل وبه كانوا السبب الرئيسي لتغير شكلها كما انه شعر بالألم لأنه جرح مشاعرها قبل ان يخرج من المنزل لذا نهض من مكانه وغادر منزل امه ثم ذهب الى منزله وحين دخل اخذ ينادي على زوجته فوجدها جالسة وبيدها احد قمصانه وتقوم بتثبيت الازرار التي على وشك السقوط بينما كانت الدموع عالقة في زوايا حدقتيها فتنهد واقترب منها ثم اخذ القميص من يدها ووضعه جانباً وبعدها رفع رأسها لتنظر اليه ثم مسح دموعها وقال : انا اسف يا حبيبتي , ارجوكِ سامحيني فانا لم اقصد ان اجرح مشاعركِ .

قال ذلك ثم طبع قبلة على جبينها فقالت له بصوت اختنق تحت الدموع : لا تعتذر فانا اعلم ذلك ولكن اود ان اخبرك بانني لم اختار بأن اصبح هكذا ولكن ....

فقاطعها قائلاً : اعلم هذا لذا لا تقولي اي شيء وصدقيني انني لا زلت احبك وارغب بقضاء حياتي كلها برفقتك حتى وان اصبحتِ عجوزاً دون اسنان .

قال ذلك واحتواها بين ذراعيه وقد قطع عهداً على نفسه بأن يصونها ويحترمها الى اخر  يوم في حياته ... 

- العبرة من هذه القصة ان نراعي مشاعر النساء لان المرأة تتحمل مسؤولية أكبر من طاقتها  في سبيل اسعاد عائلتها وهي تصبح المعلم والطاهي والطبيب والسند المتين الذي يدعم الاخرين  , وقد منح الله للمرأة ميزة لم يمنحها للرجال وكرمها بسورة النساء ولم يرضى العزيز الجبار الحزن لهن كما ان الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام قال  : (( إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ, لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ, فَإِنْ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا, وَبِهَا عِوَجٌ, وَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهَا كَسَرْتَهَا, وَكَسْرُهَا طَلَاقُهَا))  

وانا اقول : أن قصرت لا تلُمها فمن يعيش حياته دون تقصر , وأن عاتبتها فلا تجرح مشاعرها ورفقاً بالقوارير ... 

بقلم / نونا مصري 


~ هن القوارير , رفقاً بالقوارير ~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن