الفصل التاسع
نظرت نسيم بقلق بعد انصراف شوقي فقالت لهارون بتساؤل .." هو يقصد ايه بالكلام إلي قاله يا هارون أنا خايفة يعمل فينا حاجة "
حاول هارون طمأنتها و لكنه هو نفسه قلق فهو مرهق و جائع و متألم من كثرة ما ضرب من ذلك الحقير شوقي و لكنه لا يستطيع إظهار شيء أمامها حتى لا تقلق و ترتعب قال لها بهدوء .." ما تخفيش لو كان عايز يقتلنا كان قتلنا من وقت ما مسكنا و لكن أنا متأكد أنه عايز مننا حاجة و عشان كده سيبنا عايشين متقلقيش يا نسيم أن شاء الله كل حاجة هتكون بخير " ثم أكمل مبتسما.." بقولك ايه حاولي تقربي بالكرسي بتاعك جمبي عشان تنامي شويه و إنتي سانده رأسك على كتفي أكيد لما تصحي عقلك هيكون صافي و نفكر مع بعض هنتصرف إزاي "
هزت رأسها موافقة و هى تقول بهدوء.." حاضر بحاول " وقفت على أطراف أصابعها و رفعت المقعد عن الأرض و بدأت في التحرك تجاهه ببطء و هو يبتسم لها مشجعا و عندما أصبحت بجواره جلست مرة أخرى و هى تتنهد براحة كمن بذل. مجهود شاق ..قالت بهدوء .." أنا جعانة قوي مش قادرة أستحمل خلاص الراجل ده معندوش دم و لا ضمير عشان يسبنا كده من غير أكل الله أعلم بقالنا أد ايه هنا الليل زي النهار عندي " أبتسم هارون ينظر لملامح وجهها المرهقة فهى رغم كل ما مر بهم لم تنهار خوفاً أو ترتعب نعم ارتعدت قليلا و لكن اي كان في مكانها و تعرض لهكذا موقف كان سيقلق بعض الشيء و لكنها أثبتت له أنها رغم كل شيء قوية و تتحمل أصعب الظروف و لم يجدها تلك الفتاة المدللة التي ظنها أنها حقاً فتاة شجاعة و يعتمد عليها قال لها بحنان ..
" حطي رأسك على كتفي يا نسيم و نامي شويه و إن شاء الله هتقومي فايقة و كويسة و التعب قل "
هزت رأسها بتعب و هى تقترب منه بمقعدها أكثر لتجلس ملتصقة به وضعت رأسها ببعض الخجل و الحرج على كتفه و حاولت أن تغمض عينيها لتستريح قليلاً و لكن بدلاً من ذلك تنهدت بهدوء سأله إياه..
" هارون تفتكر مامتك كانت هتحبني لو عرفتني "
تعجب من سؤالها لا يعلم بما يجيبها فقال بحيرة .." معرفش يا نسيم ليه بتسألي "
أجابت بحزن .." أبدا عادي يعني سؤال و جه على بالي "
صمتت قليلاً ثم عاودت حديثها مخبره إياه .." تعرف أخويا معاذ كان أكيد هيحبك لو عرفك " صمتت مرة أخرى ثم تثاءبت و قالت .." هو زي بيحب كل حاجة أنا بحبها "
أتسعت عيني هارون دهشة من حديثها و هو ينتظر لتكمل و لكنها لم تفعل هل تقول أنها تحبه أنتظم تنفسها فعلم أنها غرقت في النوم من كثرة التعب و الإرهاق فتنهد حائرا و هو يستند بوجنته على رأسها و يغمض عينيه هو الآخر ليغرقا في النوم ....
************※لم يعلما كم مر عليهما من وقت و هما نائمان عندما سمعا جلبة في المكان و شوقي يدخل دافعا أمامه رجل قصير يرتدي سروال أسود و قميص أزرق بخطوط بيضاء و يحمل بيده حقيبة سوداء من الجلد و الرجل يتحدث مع شوقي كأنه يفهمه أمر ما .."يا حضرة إلي أنت عايزة ده مينفعش و لا يجوز شرعاً و تُحسب زيجة حتى لو تممت رسمياً "
كان هارون و نسيم ينظران لما يحدث بعدم فهم قلقت نسيم من حديثه خائفة أن تكون هى المقصودة بحديثه هل يريد أن يتزوجها هى رعد قلبها فزعا في صدرها و هى تتابع ما يحدث باهتمام لتفهم عما يتحدثان عندما وكز شوقي الرجل و هو يدفعه و أشار لأحد رجاله فأخرج هذا الأخير سلاحه من جيب سترته القديمة وجهه للرجل بتهديد الذي قال بتصميم و تأكيد .." أنت حر بس خليك عارف أنه غير شرعي طالما الطرفين مش موافقين عليه "
هنا قاطعه هارون و قد نفذ صبره و قال سألا ببرود .." ممكن حد يقولي في ايه بالظبط "
نظر إليه الرجل القصير ثم قال لشوقي الواقف بجمود .." تقول أنت و لا أقول أنا "
أشار له شوقي ساخرا بيده يدعوه لإخبارهم بنفسه فالتفت الرجل لهارون ليكمل .." و لا حاجة بس عايزني أجوزكم "
شهقت نسيم و عقد هارون حاجبيه و شوقي يبتسم بشماته قائلاً بخبث .." يا بخت من وفق راسين في الحلال يا باشا أنا غلطان "
نظر إليه هارون بحدة و هو يكتم غضبه بشق الأنفس هل الرجل قد جن حقاً زواج زواجهم من هو و نسيم هذه الفتاة التي قابلها صدفة و لم تكن سعيدة منذ راها و أبيها الذي حتما يبحث عنها الآن تحت الصخر هل سيدع شيء كهذا يمر تتزوج و بدون علمه و هى خطيبة آخر لا مستحيل أن يحدث هذا معه الن يفيق من هذا الكابوس قال له ببرود مؤكداً لشوقي .." أنت أكيد اتجننت يا شوقي دي مخطوبة لواحد تاني و ده لا يجوز شرعاً حتي لو أنا عايز اتجوزها بجد يا عديم الضمير "
فسألته نسيم بريبة و هى تنظر لهيئة الرجل .." ده مأذون و جاي عشان يجوزنا طب إزاي مأذون و لابس بنطلون و قميص أنا ديما بشوفهم في الأفلام يلبسوا قفطان و عباية و طاقية على راسهم "
نظر إليها هارون بذهول و هو يجيبها بعدم تصديق .." هو ده كل إلي لفت نظرك أن المأذون لابس بنطلون بدل القفطان و مش واخدة بالك أنه بيقول هيجوزنا "
رفعت حاجبيها متذكرة .." اه صحيح أنت بتقول ايه يا راجل يا مجنون أنت تجوزنا إزاي أنا مخطوبة و هو متجوز "
سألها شوقي .." مين إلي متجوز وهو يمنع يتجوز واحدة تانية لو متجوز و بعدين هو مش خطيبك أصلا و لا انتوا بتشتغلوني "
رد هارون بحدة .." بنشتغلك ايه يا مجنون أنت ..و أنا كنت قلتلك إنها خطيبتي عشان بشتغلك "
نهى شوقي الحديث و قال للرجل القصير و هو يربت على كتفه بتهديد .." يلا يا مولانا طلع دفترك و سجل ...الجوازة دي لازم تتم "
صرخ به هارون .." إيه يا مجنون أنت مش سمعت المأذون هتبقى لاغية حتى لو ده حصل "وكز شوقي المأذون في جانبه و سأله .." يعني القسيمة إلي هتطلع مش هتبقى إثبات على الجواز "
أرتبك المأذون قال " أنا مأذون كاتب عقد قران مش أكتر أنا مش شيخ عشان أفتي في الأمر كل إلي بقوله إن طالما الزواج بدون موافقة الطرفين يعتبر غير شرعي أما الأمور المتعلقة بالعقد فده شيء يخص القانون و طالما صدرت قسيمة جواز فلازم لو الزوجين هيفترقوا لازم يطلقوا طلاق رسمي و إخراج قسيمة طلاق " فقال له شوقي بعد أن أطمئن لما يريد .." طيب يلا أخلص معندناش اليوم كله عشان خاطر حضرتك تدينا مواعظ و تنصحنا يلا طلع دفترك و أكتب "
قال الرجل القصير في محاولة أخيرة منه .." طيب إزاي لا في صور و لا بطاقة و لا أي حاجة تثبت "
قال شوقي ساخرا .." مين قالك مفيش بطاقة تثبت في طبعاً " أخرج من جيبه بطاقتين شخصيتين أحدهما لهارون و الأخرى لنسيم فسأله الأول .." أنت جبتهم منين "
رد شوقي بلامبالاة .." من جيبك و جيبها يا ناصح يلا يا مولانا خلصنا "
سأله المأذون .." طيب يا أستاذ أنت موافق على الجوازة دي و لا لأ "
رد هارون بجدية و سرعة .." لأ طبعاً دي مخطوبة لواحد تاني مينفعش و كمان أبوها ..."
قاطعه شوقي بغضب و هو يتجه لنسيم يمسك يدها لينزع من إصبعها خاتم الخطبة و قال و هو يلقي به في أخر المكان .." اهه مش مخطوبة استريحت " رد هارون بغضب شديد .." لأ مستريحتش و بطل جنان و مشي الراجل ده من هنا دلوقتي "
أقترب منه شوقي و أمسك به من شعر رأسه بعنف و قال بحدة .." يا تتجوزها يا هقتلها تختار إيه و أنت حر "
ارتعدت نسيم و هتفت به خائفة .." هارون "
التفت إليها مطمئنا .." أطمني هو كده كده هيتلغي ما تخفيش "
أطالت النظر إليه بصمت هل يظن أنها خائفة لزواجها منه هى خائفة من هذا الرجل الذي يسبب له الأذى الجسدي كلما غضب باختصار هى خائفة عليه أشاحت بوجهها و قالت بهدوء .." معاك حق "
زفر شوقي بضيق و هتف بهم .." يا رب نخلص من الكلام الجانبي ده و ندخل في المهم و المهم هو أنك يا حلو هتتجوز السنيورة النهاردة و دي مش أول مفاجأة أنا محضرها لسه عندي مفاجأت كتير بس استناني" ثم التفت إلى الرجل و قال بتهديد ..." يلا يا مولانا أبدا بدل ما أبدا أنا بيك أنا و أخلص عليك "
أرتعد الرجل و قال لهارون و نسيم في كلمة أخيرة ..." انتوا موافقين على الجوازة دي "
هزت نسيم رأسها موافقة و هارون يجيب هو الآخر .." أيوة يا سيدنا موافقين أتفضل أكتب إلي أنت عايزه مش هتفرق "
هز الرجل رأسه بلامبالاة و أخرج من حقيبته دفتره الخاص بعقد القران و بدأ في كتابة العقد تحت نظرات شوقي الفرحة بشماته أنهى الرجل عقد قران هارون و نسيم و امرهما بالتوقيع على العقد و أحضر شوقي رجل من رجاله ليشهدا عليه زمت نسيم شفتيها و قالت ببرود .." أنا يشهد على جوازي إثنين مجرمين "
رد هارون بسخرية .." يعني هو جواز بجد يا نسيم "
رد كاتب العقد بتعجب .." هو انتوا مش وافتقوا على الجواز برضوا و لا أنا غلطان "
أتسعت عيني هارون و نسيم بدهشة و سألا في صوت واحد .." تقصد ايه "
رد الرجل بهدوء .." يا أستاذ أنا سألتكم موافقين على الجواز قولتوا ماشي موافقين "
سأله هارون .." يعني ايه "
أجابه الرجل .." يعني تسأل في الموضوع ده أولا واحد شيخ و ثانياً موقفكم القانوني من الجوازة دي لو حبيتوا تتطلقوا "
أشار شوقي لأحد رجاله أن يخرج الرجل قائلاً .." كفاية كده بقي رغي و أنت" وجه حديثه لكاتب العقد قائلاً بتهديد ..." حاول تخلص إجراءاتك و تطلعلي القسيمة بسرعة عايزها تبقى في أيدي بعد بكرة بالكتير أتصرف أدفع رشوة أي حاجة المهم تكون معايا بعد يومين و إلا أنت عارف ايه اللي ممكن يحصلك أنت و مراتك و عيالك الراجل بتاعي هيفضل معاك لحد ما تجبها "
أرتعد كاتب العقد بخوف و هز رأسه موافقا و هو يغادر مع الرجل بعد أن رحل وقف شوقي و هو يكتف يديه أمام صدره ناظرا إليهم بشماته و هو يقول بسخرية .." مبروك يا باشا مبروك يا طعمة بالرفاه و البنون "
صمت قليلاً ثم أنزل يديه يعقدها خلف ظهره و يكمل ببرود متجولا ذهابا و إيابا أمامهم .." طبعاً انتوا عايزين تعرفوا أنا ليه جوزتكم "
نظر إليه كلاهما و هو يكمل بسخرية .." أولا أنا عرفت أنتِ مين يا بنت شكري عبد المقصود الجبالي صورك ماليه الجرائد و عامل مكافأة للي يدل عليك "
أبتسم شوقي شامتا و هو يرى أتساع عينيها رعبا فقال .." ما تخفيش يا حلوة أنا مش عايز فلوس أبوكي زي ما بتشوفي في الأفلام أنا مش عايز منك أنتِ حاجة " ثم التفت لهارون و أكمل ..." أنا عايز من الباشا و أنتِ بس هتكوني ورقة ضغط عشان ينفذ طلباتي و عشان هو عنده ضمير زيادة عن اللزوم مش هيضحي بيكي حتى لو كان على رقبته المهم دلوقتي هنتحرك من المكان عشان أنا مضمنش المأذون يفلت من الراجل بتاعي و يروح يبلغ عن مكانا أصلي أنا جبته عادي من غير ما أغمي عنيه زي الأفلام .." ثم ضحك ساخرا و قال .." أصلي إحنا مش بنمثل يا قطة ده الواقع و الواقع بيقول أن لو طلباتي متنفذتش يا باشا هتكون حياتها التمن "
سأله هارون و قد دب الخوف في قلبه يخشي أن يعرض حياة نسيم للخطر بسببه أو لا يستطيع حمايتها .." و ايه طلباتك يا شوقي عشان أعرف "
مط شوقي شفتيه و قال .." بعدين بعدين يا باشا تعرفها في الوقت المناسب و دلوقتي هنتحرك عشان نروح مكانا الجديد "
هتف برجاله الماكثين في الخارج في انتظار أوامره .." حودة ... سعده" دلف كلاهما إليه و الأخير يقول .." أيوة يا ريس أوامرك "
أجاب شوقي .." هاتوا بقية الرجالة عشان هنتحرك على المستودع الجديد " ثم أبتسم بمكر .." بس المرة دي غمي عنيهم عشان مليش مزاج أغير المكان تاني "
تحرك الرجلين ينفذان أوامر شوقي فاتجها لنسيم و هارون اللذين كانا مازالا ماكثان على المقعدين الخشبيين و مقيدان كما هما فقاما بتعصيب عينيهما و فك قيود ايديهما و ارجلهما ثم بعد ذلك قيدا أيدي هارون للخلف حتى لا يشكل تهديدا عليهم أثناء الطريق خرج شوقي يضحك بمرح كمن يشاهد مسرحية هزلية أمامه ...**************※************
أنت تقرأ
مطلوب ( الذئب) / صابرين شعبان
Adventureهو مغرور و متهور يفعل ما برأسه و لا يطيع أوامر رؤسائه و دوماً يقع في المشاكل هى مجنونه تظن أن الحياة فيلم كبير و هى تعيش داخله تاركه الواقع خلفها ماذا يفعلان معا عندما يتقابلان على الطريق هارون و نسيم و إتنين على الطريق