الفصل الثالث
**********
سمعا طرقا عنيفا على الباب فظنت نسيم أن والدها قد علم مكانها فنظرت لهارون بقلق الذي هز رأسه مطمئنا و هو ينهض من مجلسه قائلاً ..” خليكي إنتي يا أمي أنا هفتح الباب أشوف مين “
أتجه هارون للباب ليفتحه ليجد أمامه شاب في الخامسة و العشرون يرتدي بنطلون چينز و قميص أزرق بأكمام قصيرة و حذاء أسود لامع يصفف شعره للخلف و يرتدي سلسال من الفضة يظهر من فتحة قميصه كانت ملامحه الوسيمة متوترة من رؤيته لهارون الذي ظن أن ذلك هو هشام خطيبها لنسيم و قد وجدها نظر إليه الشاب بتساؤل حاد ..” أنت مين و بتعمل ايه هنا في بيت ياسمين “
رفع هارون حاجبه ساخرا و تنهد براحة .. إذن هو ليس خطيب نسيم و لكنه يعرف ياسمين ..أتت الحاجة زهرة على صوت السائل فقالت بغضب ..” ايه جابك هنا تاني يا نور بيه إحنا مش كنا خلصنا “
قال نور باستعطاف و رجاء ..” يا ست زهرة ما أنا قلتلك أنا عندي استعداد تكمل تعليمها و هى معايا و كل طلباتكم مجابة ليه ليه بس العند “
ردت الحاجة زهرة بحدة ..” يا أبني الموضوع مش موضوع عند يا أبني أنت أهلك مش موافقين هما رافضين تتجوز حفيدتي هما بيقولوا إننا مش من مقامكم عايزني إزاي أوافق تتجوزوا غصب عنهم ..عشان لما تحب تصالح أهلك و تراضيهم هيكون على حساب بنتي مش كده ساعتها ممكن يطلبوا منك تطلقها و أنت أكيد هتعمل كده عشان تراضيهم و أنا بنتي مستقبلها يضيع لا أبداً على جثتي يحصل “
هم نور أن يدلف للمنزل فمد هارون يده يوقفه بحزم قائلاً ..” الحاجة مأذنتش بالدخول مايصحش تدخل غصب عنها “
أزاح نور يد هارون عن صدره و هو ينظر إليه بحدة يتسأل بغضب ..
” و أنت بقى هنا بصفتك ايه أنا أول مرة أشوفك هنا و أنا عارف أن ياسمين معندهاش قرايب غير جدتها أنت تطلع مين “
هنا قاطعته ياسمين قائلة ببرود ..” يا سيد نور الأستاذ ضيفنا و مايصحش تدخل و تسأله بيعمل ايه هنا و أنا مش هعيد كلام تيتا تاني و أقولك أني عمري ما هتجوز واحد غصب عن أهله و أني عمرى ما هسيب دراستي و ياريت تريح نفسك و تشوفلك واحدة مناسبة ليك و لأهلك و تنسي سكة بيتنا دا نهائي “
سألها نور بغضب و هو ينظر لوجهها الصغير ..” يعني ده أخر كلام عندك يا ياسمين “
ردت ياسمين بحزم فكرامتها فوق كل شيء ..” أخر كلام يا بيه و يا ريت تنسى أنك عرفتني في يوم أنا لا من توبك و لا أنت من توبي “
وقف نور صامتا ينظر إليها بعتاب فأشاحت بوجهها بعيداً حتى لا يرى عينيها اللامعة بالدمع فقال بهدوء يتنافى مع ما يحدث ..” ماشي يا ياسمين عموماً أنا مش مستعجل و أن كان على سنين الكلية أنا هستناكي بس أتأكدي أنك مش هتكوني لحد غيرى على جثتي على جثتي يا ياسمين تتجوزي حد غيرى “
هنا تدخلت جدتها قائلة برجاء ..” يا أبني الله لا يسيئك أبعد عننا أهلك مش هيسبونا في حالنا و أحنا ناس غلابة مش حمل بهدلة و بنقول يا حيط دارينا و بنتي معندهاش غير كرمتها و مستقبلها لم تخلص علمها متضيعيش تعبنا السنين إلي فاتت عشان عند و لا نزوة “
وقف هارون أمامه قائلاً ..” أظن أنت سمعت الحاجة تقدر تتفضل من غير مطرود وجودك غير مرغوب فيه “
رد نور بهدوء متجاهلا طرد هارون له أمام ياسمين التي تقف مسمرة تسمع حديثه الذي يحمل بعض العتاب ..” أنا ماشي يا ياسمين بس خليكي واثقة أني مش هسيبك وزي ما قلتلك إنتي ليا مش لحد تاني “
رحل نور تاركا الصمت يخيم على الجميع و ياسمين تذهب لغرفتها باكية نظر هارون لنسيم بإشارة فهمتها فانصرفت تذهب خلفها لتهدئها ..
فقال هارون بهدوء ..” حاجة زهرة أقدر أعرف ايه المشكلة لو أقدر أساعد مش هتأخر “
قالت زهرة ببعض الحزن ..” يا أبني أنت جاي شوية و ماشي ليه بس أشيلك همومي وهتستفيد ايه غير أن بالك يتشغل و تضايق “
أمسك هارون يدها يجلسها على الأريكة الصغيرة في الردهة ..” بوصي يا أمي إنتي مش هتضايقيني و لا حاجة بالعكس لو في حل لمشكلتك يبقى نساعد في حلها “
شردت الحاجة زهرة قليلاً و كأنها تستعيد شيء من الماضي ثم قالت بحزن عميق وظهر على وجهها تجاعيده ..” من حولي تلات سنين كده أبني و مراته كانوا عندي هنا في زيارة هما كانوا عايشين في مصر و للحقيقة ياما اتحيلوا عليا عشان أروح أعيش معاهم هناك ..بس أنا كنت برفض و كنت بعند كل مرة يفاتحني فيها أكتر من إلي قبلها كنت بقول أني مقدرش أسيب بيتي إلي عشت فيه طول عمرى من يوم ما أتجوزت أبوه و لا أقدر أسيب الأرض الي سبهالي أمانه و وصاني مبعهاش أبداً و لا حد من بعدي يبعها لأنها كانت من ريحة المرحوم أبوه و ده إلي كان أبو ياسمين هيعمله كان هيبيع الأرض لأنه ملوش لا في الطين و لا الزراعة و مع اصراري على الرفض هو تعب و زهق من كتر ما تحايل عليا في النهاية أستسلم و أكتفى بالزيارة من وقت للتاني هو و مراته و ياسمين و في أخر زيارة ليهم كانت ياسمين عندها إجازة أتحيلت عليه يسبها تقضي معايا الإجازة و يبقى يرجع يخدها و فعلا ساب ياسمين و في كل يوم بفتكر و أحمد ربنا أنه سبها معايا لأن اليوم ده كان يوم ما مات هو و مراته أم ياسمين حصلتلهم حادثة و هما راجعين مصر و من وقتها و ياسمين عايشه معايا نقلنا ورقها و كملت الثانوي هنا جابت مجموع كويس و هتدخل الجامعة ..لما شافها نور كانت في سنة تالته و هو الشهادة لله جاني وقتها و طلبها مني لكن لما عرفت أن أهله مش موافقين عليها أنا طبعاً قلقت مقدرش أوافق على كده و حط بنتي في موقف صعب وسط ناس رفضين وجدها وسطهم ..طبعا أنا رفضت و قولتله يا أهلك يوافقوا يا مش هيتجوزها و لسه برفض و زي ما شفت بيجي من وقت للتاني عشان يعيد نفس الكلام أنه هيساعدها تكمل تعليمها لما يتجوزوا لكنه بياخد نفس الرد مني إحنا ناس على ادنا مش حمل بهدلة محلتناش غير سمعتنا و كرمتنا و أنا خلاص يلا حسن الختام و مش عايزة أسيب بنتي و عندي شك أنها مش هتكون مبسوطة و أنها مع واحد مش هيقدر يحافظ عليها و أنا لو وافقت أنه يتجوز ياسمين من غير رضا أهله ساعتها أنا و بنتي بس إلي هنخسر “
كان هارون يستمع صامتا و هو لا يعلم بما يجيبها و كيف يساعد فهى معها حق في كل ما تفعله فسألها بجدية ..” ياسمين أمتي هتبدا جامعة“
ردت زهرة و تمسح دموعها بطرف غطاء رأسها قد استعادت بعض هدوئها بعد تذكرها لوفاة ولدها الوحيد و زوجته ..” كانت بتحضر علشان تسافر و الظاهر نور سمع من حد أنها خلاص مسافرة عشان كده جاي يعيده تاني متأمل أغير رائي “
صمتت قليلاً ثم أكملت ..” ياسمين عندها شقة أبوها في مصر بس أنا مش هبقى مطمئنة لو فضلت هناك لوحدها عشان كده إحنا قررنا أنها هتفضل في بيت الطالبات في السكن مع البنات على الأقل هكون مطمئنة عليها شويه “
سألها هارون بتعجب ..” طيب ليه مترحيش معاها و هى تفضل جمبك و تحت عينك و تبقى مطمئنة عليها “
هزت زهرة رأسها بحزن ...” تفتكر مفكرتش في كده أكيد طبعاً فكرت بس نعيش منين إذا مكناش نراعي حتة الأرض إلي معيشانا لو سبناها مين هيزرعها و يهتم بيها ..“
فكر هارون قليلاً ثم قال بجدية ..” طيب يا حاجة زهرة أنا عندي حلين يا ريت تقبلي منهم إلي يناسبك .. الحل الأول و يا ريت تقبليه و تعتبريني زي أبنك بجد و ياسمين زي أختي أنا عندي زيها و ياسمين تفضل عندي في البيت مع أمي و أختي و إنتي بنفسك تسافري معاها و تطمني و تقدري تزوريها وقت ما تحبي و أعتقد أن ده أفضل من بيت الطالبات ..
الحل التاني هو أنك تجيبي حد يهتم بالأرض و تسافري إنتي معاها و تفضلوا في بيتكم هناك و أنا بنفسي هاجي أطمن عليكم من وقت للتاني و أشوف طلباتكم إذا سمحت لي طبعاً ..قلتي ايه تختاري أي حل فيهم و أنا عارف أنك هتختارى إلي في مصلحة ياسمين “
صمتت الحاجة زهرة قليلاً ثم قالت ..” المفروض ياسمين هتسافر بكرة و لا بعده و ده وقت قصير عشان أشوف حد يراعي الأرض و نجهز كل حاجتنا قبل ما نمشي “
أبتسم هارون و علم ما اختارت من الحلين فقال يطمئنها ..” طيب سيبي كل حاجة عليا و إنتي تقدري تحضري نفسك إنتي و ياسمين و أنا هروح أشوف حد يراعي الأرض و تقدروا تسافروا معانا النهاردة على مصر على الأقل عشان أطمن عليكم ..“
هزت زهرة رأسها موافقة ..فسألها هارون ..” طيب كنت عايز أسأل على حاجة كمان “
ردت زهرة ..” أتفضل يا أبني أسأل عايز تعرف ايه “
قال بهدوء ..” هو نور ده ساكن هنا و لا في مكان بعيد “
تعجبت زهرة من سؤاله و لكنها لم تعلق و لكنها أجابت بحيره..” هو قاعد هنا في بيت أهله قريب من هنا بيجوا فيه في الإجازات “
هز هارون رأسه و قال ..” طيب قولي لنسيم أني مش هتأخر و إنتي و ياسمين حضروا نفسكم عشان تسافروا معانا “
تركها راحلا و هى تقف مشتتة لم تستوعب بعد أنها قررت ترك بيتها فعلاً لأجل حفيدتها و مستقبلها ...
بعد أن أتفق هارون مع أحد جيران الحاجة زهرة لمراعاة أرضها و أنه سيدفع له مقابل ذلك رحب الرجل قائلاً إنه يخدم السيدة بعينيه لجيرتها الطيبة فقال هارون أنه سيأتيه بأجرتها بنفسه فسأله هارون عن منزل نور فدله الرجل برحابة صدر يوصله للمكان ثم أنصرف طرق الباب بهدوء منتظرا فتح نور الباب ليجد هارون واقفا أمامه بهدوء ينظر لهيئته المشعثة بتعجب فقد كان قميصه ملقى على الأرض فوقع نظره على سلساله الفضي في عنقه ينظر لحرفي إسمه مع ياسمين نظر إليه نور بحده عندما وجده يتفرس في ملامحه بمكر ..” أنت جاي هنا ليه و عايز ايه “
رد هارون بهدوء ..” طيب مش هتسمحلي أدخل دا أنا ضيفك يا أخي عيب “
أفسح له نور الطريق على مضض فدلف هارون للمنزل ينظر حوله بفضول فهو كما قالت الحاجة زهرة ميسور الحال و لن تقبل عائلته بزواجه من ياسمين قال هارون ..” اسمحلي أخد من وقتك خمس دقايق “
أشار إليه نور بالجلوس و هو يسأله بفضول ..” أنت تقرب لياسمين إيه “
رد هارون مبتسما فهو يخشى وجود منافس له على قلب ياسمينته ..
” أنا زي ما هى قالت ضيف و ماشي بعد شويه متقلقش “
أرتبك نور و هو يبرر نفسه أمامه ..” أنا مش قلقان قولي بقى أنت عاوز إيه و جاي هنا ليه “
رد هارون بجدية ..” جاي أعرف أنت عاوز ايه من ياسمين “
عقد نور حاجبيه و بتسأل ليه طالما أنت مجرد ضيف و ماشي زي ما بتقول “
هارون بهدوء متفرسا في ملامح وجهه المتقلبة ما بين ضيق و عنف و غضب و غيرة هو حقاً يريد مساعدتهم إذا كان جادا و يريد الزواج من الفتاة فهى ليست في مجال تحمل مهوس يطاردها طوال حياتها إذا كان حقاً يحبها ..” أنا عايز أساعد إذا كنت بجد عايز تتجوز ياسمين “
رد نور بلهفة ..” أنا بجد عاوز أتجوزها صدقني دي مش نزوة زي ما جدتها بتقول “
قال هارون بجدية ..” طيب أنا هقولك على الخلاصة إلي لو نفذتها ياسمين هتكون ليك أهم حاجة لازم تقنع أهلك يوافقوا و حط تحت أهلك يوافقوا ميت خط لأنه أهم شرط عشان الجوازة دي تتم إذا حققته يبقى الباقي كله سهل معاك فرصة عشان تقنعهم طول فترة دراستها الجامعية يعني أربع سنين أظن ده وقت كافي عشان تقنعهم و أنت قولت معندكش مانع تستني أما لو أقنعتهم قبل ما ياسمين تخلص جامعتها أنا أوعدك أنكم ممكن تتجوز و تكمل جامعة و هى معاك و سيب الحاجة زهرة عليا المهم تقنع أهلك و أحس فعلا أنهم تقبلوا ياسمين و اقتنعوا بيها هما كمان و أنهم مش هيسيئوا معاملتها بعد كده و متجيش قبل كده تتكلم أنت فاهم طبعا “
سأله نور بريبة ..” و أنا ايه الي يضمن لي أن ياسمين تفضل مستنياني مش يمكن جدتها تجوزها لأول عريس مناسب و هى بتدرس “
سأله هارون بمكر ..” أنت عرفت ياسمين إزاي يعني أتعرفتوا على بعض إزاي “
أرتبك نور و أحتقن وجهه و هو يقول بحدة ..” ملكش دعوة عرفتها إزاي دي حاجة بره موضوعنا “
سأله هارون بخبث ..” بتحبها “
رد نور بضيق فهذا الرجل يتدخل فيما لا يعنيه إذا كان يريد مساعدته فليساعده بدون التدخل في تفاصيل علاقته بياسمين ..” برضوا ملكش دعوة أنا عايز أتجوز ياسمين و ده أكبر دليل أني مش عايز أءذيها زي ما جدتها فاهمة و لا عايز أضحك عليها و أنا قلتلها كتير أنها تكتب كل الضمانات إلي هى عايزها بس هى برضوا موافقتش بتقول أن الفلوس مش ضمان لحياة حفيدتها طيب أعمل إيه أكتر من كده مش فاهم “
رد هارون بجدية ..” زي ما قلتلك أقنع أهلك و طالما وافقوا أوعدك أن ياسمين هتكون ليك .. أنا لما شوفتك حسيت أنك راجل و يعتمد عليك و أنك مش عايز تتسلي و لا تضيع وقت بدليل أن الحاجة زهرة قالتلي أنك رحتلها تطلب ياسمين على طول وده دليل على حسن نيتك فياريت متخلفش ظني و دلوقت أنا ببلغك أن ياسمين و جدتها هـ يسافروا معايا النهاردة مصر عشان ياسمين تستعد للدراسة اتمني متحولش تشوفها من ورا جدتها و لا تروح لبيتها أتفقنا و لحد ما تنفذ شرط جدتها متحولش تضايقهم “
اكفهر وجه نور فعلم هارون أنه معترض على عدم رؤيتها فقال بجدية ..
” صدقني ده لمصلحتكم أنتم الاتنين و في مصلحتك أنت أكتر طول ما أنت بطاردها الحاجة زهرة عمرها هتوافق على جوازكم أنت فاهم طبعا “
هز نور رأسه متفهما فقال هارون بمرح ..” تقدر تشوفها لما تيجي هنا مهي أكيد هتيجي في الإجازة هى و جدتها “
نهض هارون ..” متنساش إلي قولناه يلا أنا ماشي بعد أذنك “
نهض نور هو الآخر و قال ..”'انا متشكر “
رد هارون بلامبالاة ..” على ايه ده واجبي اعتبرني أخو ياسمين الكبير و عايز مصلحتها مش أكتر يلا سلام “
أجاب نور بهدوء مودعا ..” مع السلامة “
و قبل أن يرحل هارون سأله نور ..” هو أنت أسمك ايه “
أبتسم هارون قائلاً ..” هارون عبد العظيم “
أخرج من جيبه كارت صغير مده له قائلاً ..” تقدر تجيلي لما تكون في مصر أو تتصل بيا إذا حبيت أي وقت سلام “
تركه و رحل تاركا الآخر في حيره من أمره و هو يفكر كيف سيقنع والداه بأهمية زواجه من حبيبته ياسمين ....💔💔💔💔💔💔💔
أنت تقرأ
مطلوب ( الذئب) / صابرين شعبان
Aventuraهو مغرور و متهور يفعل ما برأسه و لا يطيع أوامر رؤسائه و دوماً يقع في المشاكل هى مجنونه تظن أن الحياة فيلم كبير و هى تعيش داخله تاركه الواقع خلفها ماذا يفعلان معا عندما يتقابلان على الطريق هارون و نسيم و إتنين على الطريق