مخاض

176 16 8
                                    

"مخاض"
لكلٍ منا جريمة في هذا العالم... وهي لحسن الحظ بدون بصمات. لكن الشيء المؤسف ان جريمتنا هي " ان لا بصمات " لقد اجرمنا بحق انفسنا والعالم بطريقة بشعة ... تجعلنا نبدو كالدمى على اقل تقدير او كالأموات إن شئت...

سارت مسرعة نحو محل الكتب في آخر الشارع وهي تسأل نفسها بحماس
" ترى هل سيعرفني هذه المرة؟! "
دفعت باب المكتبة فأصدر جرسا موسيقيا عذباً جعل العجوز الجالس على الطالبة ينطق
" اهلا وسهلا بماذا اخدمك سيدتي؟! "

ابتسمت بإتساع وقد ادركت انه لم يتعرف عليها فقالت بصوت متزن رقيق
" هل وصل كتاب الدكتور احمد خيري العمري الجديد " السيرة مستمرة؟! "
" لا يا سيدتي للأسف لم يصل بعد، لا يزال في معرض القاهرة الدولي للكتاب لا اعرف متى سيصل إلينا ربما العام القادم "

اومأت الفتاة واتجهت الى الداخل وهي تسأل
" ماذا عن سلسلته "كيمياء الصلاة"؟! "
ابتسم العجوز وهو يقول
" في الحقيقة آخر نسخة اخذتها فتاة قبل اسبوع ولم ترجعها حتى الان"
سكت قليلا ثم استرسل وكأنه يحدث نفسه
" ليس من عادتها ان تتأخر في قراءة الكتب، في الحقيقة بدأت اقلق عليها "
سألته وهي تعطيه ظهرها
" لماذا لا تزورها إذاً ؟"
عبست ملامح العجوز واجابها بعد زفير طويل

" لا استطيع ترك المحل ولا اقدر على زيارتها بعد الاغلاق لأن الوقت يكون قد تأخر "

ابتسمت الفتاة وهي تعود لنبرة صوتها الحاني الذي اعتاده العجوز
" ماذا إن اراحتك الفتاة وأتت بنفسها؟! "
هتف بتفاجأ
" هااجر؟؟!"
ضحكت بخفة وقالت مازحةً
" خانتك اذناك هذه المرة يا جدي"
رأت علامات الانشراح على وجهه وهو يقول سعيدا
" اقتنعتِ اخيرا بالنقاب؟!! "
سكتت قليلا ثم اجابت وهي تقف امامه وتحرك نقابها بخفة
" لم يكن تأخيري جزافا يا جدي... الامر وما فيه انني بحثت مطولا عن الامر إضافة.... الى الكتاب ...
بدأ صوتها يتحشرج وهي تكمل
" صدمني... لقد كنت جاهلة بكل معنى الكلمة.. شعرت بشيء يسقط على جمجمتي بعنف... كان الامر اكثر مما قد استطيع استيعابه... ان تكون على خطأ ل 18 عاما، الامر كان صادما "

في تلك اللحظة سمعا صوتا يحمحم ليجذب الاهتمام وعلامات الحرج تبدو جليةً عليه وهو يقول
" هل وصل كتاب " السيرة مستمرة "؟! "

كان شابا يرتدي نظارات طبية وخلفها تمكن عيون زيتونية وشعر فاتح مرتب.
ضحك الجد بإستمتاع وهو يحادث نفسه،
" الوحيدان اللذان يسألان عن نفس الكتاب دائما "
اجابه الجد كما اجاب هاجر سابقا بينما ذهبت هي لتتصفح الكتب بينما يغادر الشاب

اومأ الشاب بتفهم وقبل ان يغادر استدار ليسأل
" ماذا عن سلسلة " كيمياء الصلاة "؟! "

حسنا ربما لعبت الصدفة دورا هنا
" اجل لدينا "
نطق الجد ثم اردف
" هاجر هل احضرتي السلسلة معك؟! "
اصيبت هاجر بالحرج كونها نسيت ان تحضرها معها.. اتجهت حيث جدها وبين يديها رواية " شيفرة بلال" ونظرات الحرج تبدو جليةً على عينيها التي صبغت بلون البن على الرغم من ان وجهها الابيض مغطى بالنقاب الاسود
اومأ الجد بتفهم ثم اردف يحدث الشاب بتأسف
" ليست موجودة الان هل تستطيع ان تعود غدا؟!

مخاضحيث تعيش القصص. اكتشف الآن