الفصل التاسع

3.1K 78 0
                                    


9- ما قامت به لا يغتفر أبداً. و هي في قرارة نفسها لم تقصد أن تؤذيه. لكن خوفها منه أعمى بصيرتها. هل يكتفي بالاعتذار؟

شقت جيسيكا طريقها وسط الحشد الهائل من القرويين الذين تجمهروا أمام منزل زعيمهم يتسقطون الأخبار عن صحته بقلق ووجوم. و اضطرت للتوقف مراراً لتجيب على أسئلتهم من غير أن تسدي إليهم خدمة تذكر، فهي لا تفهم حرفاً مما يقولون. وصلت إلى المنزل شبه منهارة و سارعت إلى إغلاق الباب خلفها، تجاهد في منع الفضوليين من اقتحام الغرفة.
كان دان جالساً إلى جانب الزعيم و قد انتهى للتو من معاينته، فلم يلتفت إليها حينما دخلت، و لم يعرها أدنى اهتماما و هي تستوضح حالة المريض. اكتفى بأجوبة مقتضبة فظة متفادياً الخوض في التفاصيل، فلزمت الصمت و جلست قرب الممرضة تترقب بشوق ساعة العودة لمنزلها في لويزفيل. لا حاجة لبقائها هنا بعد اليوم، فصحة الزعيم في تحسن و يمكن أن يعهد الاعتناء به إلى الآنسة رافيل.
وقف دان و كأنه أدرك ما يجول في خلدها و خاطب الممرضة:
- زال الخطر كلياً و من الآن سيكون في عهدتك. سأطمئن الأهالي.
واجه في الخارج عشرات العيون الحائرة تمطره بنظرات قلقة، فطلب من باتريك أن يطمئنهم على صحة زعيمهم و زوال الخطر عنه. و بعد لحظات علت صيحات المتجمهرين و تقدم منه شيخ جليل متكلماً باسم الباقين و طلب منه و من جيسيكا مشاركة أهل القرية الافطار، فقبل دان الدعوة شاكراً.
بعد الفطور حزم الطبيبان حقيبتيهما و عرجا على خيمة الزعيم مرة أخرى لتوديعه قبل عودتهما إلى لويزفيل.
لفت انتباههما و هما يقتربان من الخيمة، صخب شديد في الاسطبل المجاور و صيحات الرعاة تدوي في كل مكان. و على بعد عدة أمتار من الاسطبل وقف باتريك يراقب ما يحدث مصدراً بين الحين و الآخر أوامره.
كل ما يحدث كان لغزاً بالنسبة إلى جيسيكا و لكن ما ان دخلا الخيمة حتى أدركت سبب الضجة بعد أن بادرهما الزعيم العليل قائلاً:
- لقد اختار أخي نخبة قطعاننا، أريدك أن تختار منها عشرة رؤوس مقابل ما بذلته من جهد لانقاذي. و لا تنسَ يا دكتور أن تجد لنفسك عروساً.
اختلفت وقع عبارته هذه المرة على جيسيكا، فالغبطة التي أحستها المرة الأولى حلت مكانها غصة خانقة بعد تصرف دان معها ليلة البارحة. حتى دان بدا منزعجاً من ملاحظة الزعيم عاتذر بنبرة مهذبة:
- أقدر لك اهتمامك بموضوع زواجي أيها الزعيم، أما الماشية فاعذرني عن عدم قبولها لجهلي أمور تربيتها و الاعتناء بها. و عن بدل الأتعاب فأنا أترك مناقشة ذلك لشريكتي.
لم يعلق الزعيم على رد دان مكتفياً بالابتسام، و صفق مرتين هرولت على الأثر زوجته و كأنها كانت تنتظر اشارته، حاملة علبة كبيرة وضعتها أمام زوجها و جثت على الأرض قرب فراشه.
راقبته جيسيكا بفضول و هو يحل رباط العلبة و يخرج منها جلد أفعى، و ازدادت عيناها اتساعاً حين مد يديه المرتجفتين إليها قائلاً:
- أفعى الدومبا تجلب الخير و الحظ. انها تساعد على انجاب ذرية جيدة.
توردت وجنتاها و ازداد ارتعاشها عندما لاحظت نظرات دان المسلطة عليها، فأجابت بصوت متهدج:
- لست متزوجة أيها الزعيم.
عاود الرجل المريض الابتسام و هتف:
- لا أهمية لذلك، فالرجل أيها الطبيبة يشبه أفعى الدومبا عندما يتهيأ للبحث عن عروس. و يزداد شراسة و نهماً كلما تمعن في البحث، و لا يترك لفريسته أية فرصة للهرب حينما يضرب ضربته.
لم يبد على جيسيكا أنها فهمت ما يقوله فرفع يده مودعاً:
- بأمان الله يا دكتور ترافورد و دكتورة نيل، سيرافقكما أخي إلى المطار.
جلسا في المقعد الخلفي لسيارة باتريك السوداء الكبيرة و نظر دان إلى الهدية في حضنها معلقاً:
- لقد أحسنوا اكرامك، فجلد الأفعى هذا لا يقدمونه سوى في المناسبات النادرة، و للأشخاص المميزين.
شعت عيناه القاتمتان ببريق اعتادت ملاحظته كلما حاول أن يسخر منها، فحولت نظرها عنه بانزعاج و قد عاودتها فجأة ذكرى الليلة الماضية، و تأججت نارها في فكرها من جديد تلسعها و تؤلمها. ستحتاج إلى بعض الوقت لتنسى خجلها بعد السماح له بالتمادي في تصرفاته معها.
لم تكن رحلتهما في الطائرة إلى لويزفيل مريحة كما تمنت جيسيكا أن تكون. فالطقس الغائم جعل الرؤية شبه معدومة، و تسبب في مطبات هوائية بذلت جيسيكا جهداً كبيراً لتفاديها.
- ما الذي دفعك لتعلم الطيران؟
- رافقت أخي مرة في تمارينه و أعجبتني الفكرة.
- هل تحتفظين بمفاجآت أخرى غير إجادتك الطيران؟
أقلعت جيسيكا عن التحديق في ساعات القيادة مبتسمة:
- لا أعتقد.
حطت الطائرة في المدرج المخصص لها في جو ممطر و عاصف اكتنزت فيه السماء بغيوم سوداء ثقيلة، يشق احشاءها بين الحين و الآخر لمعان برق كألسنة اللهب يصحبه رعد مخيف.
وصلت جيسيكا إلى سيارتها و قد بللها المطر من رأسها حتى أخمص قدميها، فجلست خلف المقود تنشف شعرها و يديها. و بعد لحظات وصل برنارد بشاحنة صغيرة و ترجل منها متوجها نحو سيارة دان ثم عاد أدراجه إلى الشاحنة مشيراً لهما، فقيادة السيارة في جو عاصف كهذا و في شوارع تملؤها السيول و الوحول، يعد ضرباً من الجنون. سار الثلاثة على مهل في شوارع المدينة العابقة بالضباب و قد تحولت الى بحيرات من شدة غزارة المطر المنهمر، و رافقهما برنارد حتى مشارف لويزفيل حيث أطلق منبه شاحنته عدة مرات مودعاً و قفل راجعاً من حيث أتى. فأكملا طريقهما كل في سيارته إلى أن وصلت إلى منزلها فاستسلمت لحمام ساخن كان أفضل ما حصلت عليه هذا الصباح.
و انتظرت حتى هدأت العاصفة ثم توجهت إلى العيادة حيث كان الدكتور اوبريان في انتظار سماع أخبار الزعيم سدريك.
تنبهت جيسيكا خلال رحلتها إلى مقاطعة فندا إلى وجوب تجديد رخصة الطيران، فعملت، في الأسبوع الذي تلا عودتها إلى لويزفيل، على تحضير ملفها الطبي و ضمنته كل ما تحتاجه من مستندات و أوراق و قدمته إلى بيتر أثناء تناولهما الغداء في العيادة.
- لا ينقصه سوى توقيعك يا دكتور اوبريان قبل أن أقدمه للدوائر المختصة.
ابتسم بيتر و هو يقطع شريحة اللحم في طبقه:
- لن يستغرق الأمر طويلاً.
- عظيم، فبودي أن أعاود ممارسة هوايتي المفضلة.
قطع عليهما حديثهما هدير شاحنة و جلبة قوية في الشارع أمام المبنى، فنهض بيتر عن مقعده هاتفاً بحدة:
- ما هذه الضوضاء المزعجة؟
و هرول الاثنان إلى النافذة المطلة على الطريق ليقع نظرهما على شاحنة ضخمة متوقفة أمام مدخل المبنى، محملة بعدة رؤوس من الماشية تتناحر و تتدافع في الصندوق الحديدي.
- ماذا تفعل شاحنة كهذه في وسط المدينة؟
بدأ الشك يساور جيسيكا، لكنها أحجمت عن ذكر شيء أمام بيتر و هو يحاول بانفعال ظاهر فتح النافذة. 
أنا متأكدة من أن الممرضة هانسن ستتدبر الأمر بسرعة.
- لا يبدو أنها تلقى نجاحاً في مسعاها، فالسائق مصرّ على البقاء في مكانه.
- من الأفضل أن نذهب و نتحرى الأمر.
انضما خلال ثوان إلى الممرضة الحانقة و بادرها بيتر سائلاً:
- هل تواجهين متاعب يا آنسة هانسن؟
- أعتقد أن الدكتور ترافورد يواجه مشكلة، فهذا الرجل يدّعي بأنه من قبل الزعيم سيدريك الذي أوكل إليه مهمة تسليم هذه الماشية إلى الدكتور ترافورد مقابل انقاذ حياته.
تمتم الدكتور اوبريان محاولاً كبت انفعاله:
- حسناً، من الأفضل أن نطلب من دان الحضور إلى هنا.
ابتسمت الممرضة بمكر:
- سأقوم بذلك في الحال يا دكتور اوبريان.
نظر بيتر إلى حمولة الشاحنة ثم التفت إلى جيسيكا سائلاً:
- أتعرفين شيئاً عن هذا الأمر؟
لم تقو على تمالك نفسها فانفجرت ضاحكة:
- طلب الزعيم من دان أن يختار بنفسه هديته من الماشية، لكن دان حاول التهرب من ذلك. كما أصر الزعيم سدريك على أن يبتاع دان لنفسه عروساً بهذا القطيع.
شاركها بيتر الضحك لكنه أقلع فجأة عندما لمح دان قادماً:
- يا له من طلب غريب! ها قد أتى دان.
ألقى الدكتور ترافورد نظرة سريعة على الشاحنة مستوضحاً:
- ما المشكلة دكتور اوبريان؟
- لا مشكلة البتة يا دان، كل ما في الأمر أن ملكية هذه الحيوانات الثائرة تعود إليك.
جاهدت جيسيكا في كبت ضحكتها و هي تشهد تبدل ملامح دان هاتفاً:
- ماذا؟
- من الواضح أن الزعيم سدريك يعتبر أن الوقت حان لتجد لنفسك عروساً.
للمرة الأولى تشهد جيسيكا دان في هذه الحالة من الارتباك و الاحراج، فلزم الصمت و قد خانته الكلمات و عقدت المفاجأة لسانه. ثم التفت نحوها و كأنه أدرك المصدر الذي استقى منه الدكتور اوبريان معلوماته عن العروس و القطيع، فأشاحت بوجهها تتظاهر بالنظر إلى سائق الشاحنة و قد اشعل سيكارة غير مكترث بما يدور بينهم من نقاش، فكل ما يهمه هو تنفيذ أوامر زعيمه و السهر على اتمام مشيئته.
سأل بيتر بهدوء و جدية:
- هل أطلب من السائق إيصال الماشية إلى منزلك؟
انتفض دان بغضب كمن مسه تيار كهربائي:
- تعلم كل العلم أنه من المستحيل أن احتمل هذه الماشية و هي تتجول في حديقتي.
تدخلت جيسيكا مقترحة بنبرة ساخرة:
- بامكانك ارسالها إلى أهل صديقتك في جنوب أفريقيا.
صاح دان و الشرر يتطاير من عينيه:
- ياللعنة! لا أريد زوجة و عندما أقرر الزواج فلن أبتاعها بقطيع من البقر.
استعاد بيتر رصانته موجهاً كلامه إلى دان:
- يجب أن تقرر ما ستفعله بها يا دان، فلا أظن أن الأبقار المسكينة ستقوى على تحمل تلك الحالة المزرية وقتا أطول.
- بصراحة لا أحفل البتة بما قد يصيبها في هذه الشاحنة اللعينة.
أيقنت جيسيكا أن فرصة الثأر من دان و نظراته الساخرة قد حانت، فعلقت بنبرة هازئة متعمدة التحديق في عينيه الثائرتين:
- تصرفك لا يليق بهذه الهدية الجميلة يا دان، عدا عن أن رفضك يعتبراهانة للزعيم سدريك.
- ان كنت معجبة بها يا دكتورة، فلماذا لا تهتمين بها بنفسك؟
لم تقدر جيسيكا على كبت ضحكة قصيرة زادت من جنون دان:
- الرجل هو الذي يقدم المهر إلى المرأة التي يختارها و ليس العكس. أنسيت قانون القبيلة يا دكتور ترافورد؟
شعر بيتر بأن النقاش سيتحول إلى مشادة حقيقية فتدخل محاولاً تهدئة شريكه:
- لدي اقتراح يا دان، دع السائق يفرغ حمولته في السهل لترعى و ترتاح، و سأطلب من برنارد أن يأخذها في ما بعد إلى مزرعته و يبقيها هناك إلى أن تقرر ما ستفعله بها.
هتفت جيسيكا موافقة:
- فكرة ممتازة، لكن هل ستلقى معاملة جيدة مع وجود قطيع برنارد في الجوار؟
التفت بيتر إلى دان يطمئنه و يحول دونه و الاجابة:
- سأطلب من برنارد الاهتمام بها كاهتمامه بقطيعه.
- شكراً دكتور اوبريان.
تطلع بيتر إلى الممرضة قائلاً بلهجة آمرة:
- آنسة هانسن، أرشدي هذا الرجل إلى السهل بينما اتصل أنا ببرنارد.
أطاعت الممرضة الأمر فورا وتوجهت إلى حيث يجلس السائق و راحت تشرح له بلغته الخاصة ما سيفعله بالماشية.
أمسك بيتر بذراع جيسيكا متوجهين نحو العيادة:
- تعالي يا جيسيكا، سأخابر برنارد و بعدها ننتهي من ملفك.
توجه الدكتور اوبريان إلى مكتب الآنسة هانسن لاجراء المخابرة بينما جلست جيسيكا في عيادته تعيد تصفح ملفها.
فجأة سمعت باب الغرفة خلفها يفتح فالتفتت ظانة أن الداخل هو بيتر نفسه، لكن الابتسامة الناعمة المرتسمة على ثغرها تلاشت عندما وجدت نفسها تواجه دان. عقدت الدهشة لسانها فلم تقو على الكلام و هي تراقبه يغلق الباب خلفه و يدس المفتاح في جيبه. ظنت أنها تتخيل فصاحت بصوت يشبه الحشرجة:
- ماذا تفعل هنا؟
سار دان بخطى بطيئة ناحية المكتب و راح يتفحص الأوراق المكدسة، ثم قال:
- تلقى بيتر مكالمة طارئة من المستشفى و طلب مني اتمام ملف اجازة الطيران بنفسي.
- ماذا؟
- عندما أريد أن أعيان أحداً فأفضل أن يكون عملي كاملاً.
شبكت يديها خلف ظهرها و قالت بحزم:
- لن يحدث هذا أبداً.
تلاقت نظراتهما لثوان و أحست بعينيه الرماديتين توشكان على الانقضاض عليها، و هو يتقدم منها مبتسماً ابتسامة غريبة لم تلحظها من قبل.
نهضت عن مقعدها مذعورة، و تراجعت نحو الباب بخطى متعثرة و يداها على وجنتيها الملتهبتين:
- إذا تجرأت على لمسي فسأملأ المكان صياحاً.
ابتسم مجدداً و ازدادت عيناه لمعاناً:
- أصرخي ما استطعت، فالآنسة هانسن ذهبت لتناول الغداء (و أشار باصبعه إلى باب الغرفة خلفها مردفاً) عدا عن أني أقفلت ذلك الباب و المفتاح في جيبي.
تراخت يداها و تحول لون وجنتيها القرمزي إلى أصفر شاحب:
- يا لك من ماكر نذل.
هتف بتململ:
- إنك تسببين لي الضجر يا جيسيكا. هيا.
لم تخشه كما الآن. و قد تحولت إلى هدف سهل لعينيه تجوبانها من رأسها إلى أخمص قدميها بنهم و وقاحة. شعرت بجفاف هائل في حلقها، و عاد الدم يلهب وجنتيها فالتصقت بالباب صائحة:
- حسناً يا دان، لقد ثأرت لنفسك. أعترف أني أخطأت بالهزء منك و انت تتلقى هدية الزعيم. و أعترف أني أخبرت بيتر عن مغزى الهدية. لقد أخطأت و انت الآن تحاسبني على خطئي، و أظن أننا تعادلنا. أليس كذلك؟
بدا و كأنه لم يسمع حرفاً مما قالت و خطا نحوها مردداً بنبرة باردة:
- يبدو أنك حقاً تريدينني أن أعاينك بطريقتي.
ما ان أصبح قربها و هم بمد يده إليها، حتى رفعت ذراعها و صفعته على وجهه صفعة تردد صداها في انحاء الغرفة. تسمرت في مكانها تحدق به بعينين ضائعتين، و حاولت الكلام لكنها بدت عاجزة عن فعل أي شيء. ما قامت به لا يغتفر أبداً، و هي في قرارة نفسها لم تقصد صفعه. لكن خوفها منه دفعها إلى ذلك بعد أن أعمى بصيرتها.
اشتعلت عيناه و قد هاله ما فعلت، فأمسك بها ضاغطاً بأنامله على كتفيها و صائحاً كبركان ثائر يقذف حممه في كل اتجاه:
- أقسم ألا ألمسك بعد الآن، لكن عليّ اللعنة إن لم أجعلك تدفعين ثمن ما فعلته.
فجأة، دفعها بقسوة بعيداُ عنه، فاستندت إلى أحد المقاعد مغمضة العينين فريسة الدوار و الارتعاش، و سار إلى الباب يفتحه على مصراعيه قائلاً بنبرة متوعدة:
- بإمكانك الذهاب يا دكتورة، لقد تعادلنا الآن.
لم تصدق للوهلة الأولى أنه جاد في كلامه، فبقيت للحظات ثم هرعت نحو الباب تتحقق من فتحه و خرجت لا تلوى على شيء، تحمل إلى منزلها زوبعة من القلق و الاضطراب و دموعاً سخية تبلل وجنتيها.
من الواضح أنه لم يستسغ سخريتها منه أمام بيتر و الممرضة، فثأر منها في العيادة و لابد أنها تمادت في هزئها حتى استحقت هذا العقاب. ربما لو تقبلت ردة فعله ببرودة لما كان حصل كل هذا، لكن الهلع تملكها و شبح ليلة الكوخ غشى عينيها ففقدت صوابها. تعلم جيداً أنه لن يسكت عن فعلتها و لو كانت ناجمة عن خوف. إنها تدين له بالاعتذار، و لكن هل يكتفي بالاعتذار و ينسى ما حدث، هل يمحو أسفها آثار أناملها عن وجهه؟

المجهول _ ايفون ويتالحيث تعيش القصص. اكتشف الآن