سطو

50 18 25
                                    



صغير العُمر سامويل ذا السادسة عشر ، القصير ببنيةِ جسدٍ نحيلة و ضامرة ، صاحب العينين الناظرة إلى الأرض و اللسان الصامت ، يحترق غضباً على نفسه الضعيفة

و كما رأى قائدتهُ العظيمة في عينيه تُوزِّع طعامها على المتسولين هو وزَّع طعامه و استلقى بجوعه الشديد ، إنقاذ سيلينا له أفزعه فالجميع أخبره بأن القائدة لا تُنقذ أحداً يقع في قبضة الشرطة أو شخصٍ ما

فزعه تحوَّل إلى بغضٍ عفنٍ لنفسه حين لم تتحدث إليه سيلينا بشيءٍ عن الحادثة و أمرتهُ بالقعود في مكانه بمحطة القطار القديمة ، بغضه العفن لنفسه تحوَّل إلى فضولٍ عما تفعل قائدته حين أمرت الجميع بالعودة بعد التوزيع

و خروجه وحيداً، باحثاً و مفتشاً عن هيئة قائدتِه أحْرقه غضباً على نفسه الضعيفة التي طَلبت الإنقاذ بعينين دامعة و كادت أن تُرغمه على ابتلاع حصته من الطعام بنهمٍ شديد

يجهل فعلة قائدته بالغد معه حين يذهب الجميع لسرقة الطعام و يتساءل إن سَمِحَت له بالذهاب معهم ؟

لا يجد الثقة المفرطة في قلبه ففي الحقيقة لن ينقذه أيِّ أحد إن لم تكن هيَ موجودة ، ليس لأنه جديدٌ في العصابة بل لأنه يتجنب الحديث و الجلوس معهم ، لا يعلمون عنه شيئاً و لم يتشاطر معهم ذكرياتٍ مؤثرة و بالتأكيد لن يحاولون مساعدته

حقيقة أنه كان على بُعد دقائق من الذهاب إلى السجن تُخيفه جداً و إنقاذ قائدته يُجبره على الشعور بالسوء من خوفه ..

أغمض عينيه بشدة حين اعتصرت معدته جدرانها جوعاً و سعل عدةَ مراتٍ كالمعتاد ، يعلم يقيناً بأنه مريض و يحتاج إلى دواءٍ و طعام ، تجويع معدته ليس قوةً أو تكفيراً لذنبه الذي قام به كما يظن بل موتاً بطيئاً

سبب انضمامه لعصابة السارقين كان هرباً من الجوع و حين سمع أسباب من سبقوه شعر بالخزي و كتم حاجته للطعام و تظاهر بأن القليل يكفيه تحت حجّة -اعتدتُ على الجوع-

صرَّ على أسنانه و يديه قبضت بقوةٍ شديدة على جانبيّ بنطاله الثقيل حين جلس حتى لا يسعل بصوتٍ مرتفع و يزعج الآخرين في نومهم

فتح عينيه بضيقٍ في جوانبها و نظر إلى بنطاله الذي جلبته قائدتُه العظيمة في عينيه ليتدفئ به لِما تبقى من الشتاء ، و تساقط لعابه من بين أسنانه الضاغطة على بعضها البعض بقوة ، ذلك اليوم كان سعيداً جداً بالبنطال و خجلٌ من سخرية الآخرين على ضعفِه

و ذكراه للمفردات التي خجل منها و دفاعِ كامرون صديق قائدتِه المقرب عنه باطئ من قدرته على احتمال سعال رئتيه و تقيأ دماً مستمراً و أصبح تعبه الشديد على مرأى أعين الجميع بما فيهم سيلينا التي كانت تسير ناحيته لتسأله ما إن كان متعباً

عالمٌ معكوسحيث تعيش القصص. اكتشف الآن