يُقال أن أعظم اخوة في هذه الدنيا هم من تنجبهم المواقف والأيام ، كاد أن ينتهي من عمله عندما وجدها تركض إليه وعلي وجهها ملامح الفزع قال لها بتوتر :-
-ماذا حدث يا بيهار ؟!
وقفت بيهار تحاول إلتقاط أنفاسها بصعوبة ثم قالت من بين شهقات بكائها :-
-آكين .. آكين ليس بخير
انتفض من مكانه بصدمة وهو يقول :-
-ماذا حدث له ؟!
مسحت دموعها بحزن :-
-دچوار وجده فاقداً لوعيه بالمكتبة وهو الآن يقوم بفحصه
أجابها بعجالة :-
-سوف أطلب إذناً من المدير ثم آتي معك لرؤيته
بيهار :-
-ليس هناك داعٍ لقد طلبت إذناً لي ولك هيا بنا يا شيرڤان
شيرڤان وهو يتبعها :-
-هيا ..
كان آكين هو الأقرب لشيرڤان فقد ترعرعا سوياً منذ الصغر ويتشاركان معاً بكل تفاصيل حياتهما ، توجها نحو عيادة دچوار دلف شيرڤان للداخل بقلق وتبعته هي بخطوات متعجلة ، كان المكان مظلماً للغاية فقال شيرڤان موجهاً كلامه لبيهار بشك :-
-أين هما ؟!
ابتسمت له بإرتباك ليضئ المكان من حوله بألوان مبهرة ويقترب منه آكين معانقاً إياه:-
-كل عام وانت بخير يا اخي
كان مشدوهاً لم يدرك بعد ما يحدث حوله ثم سرعان مافهم مايحدث فهذه ما هي إلا مفاجأة لعيد مولده!، ابتسم لهم بسعادة ثم عانق دچوار وابتسم لبيهار برقة:-
-شكراً لكي ..
بيهار بخجل :-
-لم أفعل شيئاً
قضي شيرڤان يومه مع أصدقائه بسعادة ومرح شديدين وربما كانوا غافلين عن الأعين المتربصة بهم..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أحياناً تجبرنا قسوة الحياة علي التخلي عن أحلامنا ولكننا دوماً نجد ذلك الصديق الذي يضئ عتمة حياتنا المظلمة ويأخذ بيدنا نحو النور ، انتهت من تحضير العشاء لوالدتها وقامت بإطعامها ثم قالت بإبتسامة:-
-سأذهب لرؤية آكين يا أمي
ابتسمت والدتها بطيبة :-
-أرسلي له تحياتي يا بنيتي
سحبت وشاحاً ثقيلاً علي جسدها :-
-حسناً سأفعل
خرجت من المنزل تتلحف بوشاحها وتنتظر عودته لرؤيتها كما اتفقا ، اقترب منها بإبتسامته الرقيقة وقام بتقبيل جبهتها برقة :-
-كيف حالك يا نارڤين ؟
نارڤين بإبتسامة :-
-بخير .. لقد تأخرت قليلاً هل حدث شئ ؟
آكين :-
-لا كنت مع شيرڤان ودچوار وبيهار فقط نحتفل بعيد ميلاد شيرڤان .. كيف حال خالتي ؟
نارڤين :-
-بخير وترسل تحياتها لك
آكين بحنان :-
-هل تحتاجان لأي شيء ؟
نارڤين بإمتنان :-
-شكراً لك فأنت لا تقصر معنا ابداً
ربت علي كتفها بحنان :-
-هذا واجبي
أردف قبل أن يهم بالرحيل :-
-تصبحين علي خير ..
ابتسمت ولوحت له وهو يذهب من أمامها ثم جلست أمام الباب قليلاً تفكر في حالها وحال والدتها بشرود فهي الآن تبلغ من العمر الثالثة والعشرون ولا تعمل ولم تكمل دراستها حتي وآكين هو من يعيلها هي ووالدتها فهو قريبهما الوحيد ، كان آكين يعلمها في السر نظراً لرفض والدتها للتعليم ورؤيته مضيعة للوقت بينما كانت والدتها سعيدة بتقاربهما لأنها تري أن آكين هو الزوج المناسب لها فتري ماذا تخبئ لهما الأيام ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
ابتسمت لنفسها بجشع وهي تقول بتوعد وأعين لامعة:-
-لقد وجدت فريستي التالية
نهضت من مكانها ونادت علي شريكتها :-
-أليف .. أليف .. لقد وجدت فريستنا التالية يا عزيزتي
اقتربت منها المدعوة أليف ببرود :-
-بماذا تخرفين يا شمطاء ؟
مطت شفتيها بإستهجان :-
-قلت لكي لا تناديني بهذا الاسم !
أليف بضيق :-
-حسناً قولي ماذا كنتي تريدين ؟
أجابتها بسعادة :-
-وجدت ضحايا جدد
أليف بترقب :-
-حقاً ؟!
اتسعت ابتسامتها :-
-أجل .. سيمدوننا بالكثير من الطاقة السلبية والتي ستكفينا دهراً
زمت أليف شفتيها بسخرية :-
-آڤرين .. انتي فقط من تحصلين علي الطاقة وأنا لا
غمزت لها آڤرين :-
-ولكن في المقابل تحصلين علي ما تريدين من الذهب أليس كذلك ؟
أليف ببرود :-
-أجل ..
آڤرين بجشع :-
-دعينا الآن نفكر بخطتنا لإقتحام حياتهم وقلبها رأساً علي عقب
أليف بتفكير :-
-اعطني التفاصيل فقط ..
قصت عليها آڤرين كافة التفاصيل لتظل أليف صامتة لبضع لحظات قبل أن تقول فجأة :-
-كتاب..!
آڤرين بعدم فهم :-
-ماذا ؟!
اتسعت إبتسامة أليف بثقة :-
-سنمرر لهم اللعنة عن طريق كتاب يوضع بمكتبة ذلك المدعو آكين ..
آڤرين بترقب :-
-ثم ؟
اتسعت إبتسامتها الخبيثة :-
-ستسري اللعنة بينهم وسوف نستمتع كثيراً هههههه
علت ضحكاتها الشريرة لتندمج مع ضحكات آفرين وهما يخططا لإنتزاع السلام بين الأصدقاء ، وصلت ضحكاتهما للقبو حيث سمعتها إستيرا السجينة والتي سرعان ما أدركت أن هناك ضحية جديدة ستقع في فخ الساحرة ودعت لها بصمت أن تنجو ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
احيانا يتسلل الحب لقلوب الأصدقاء فيمنح علاقة الصداقة رونقاً جديداً دقات قلب مترددة .. أعين متلهفة ومهتمة .. والكثير الكثير من المشاعر التي تعطي الصداقة مذاقها الخاص ، وقفت تنتظره بعد إنتهاء يوم عملهما الطويل سوياً بالمدرسة التي يعملان بها ، اقترب منها بإبتسامته الهادئة :-
-بيهار هل نذهب ؟
ابتسمت له برقة :-
-أجل هيا بنا
تمشت بجانبه تحادثه في شتي المواضيع كعادتها وهو يستمع إليها بإصغاء شديد ويحاورها بإستمتاع ، وصلا للمكان الذي بعيشان به فقام بتوديعها قائلاً بإبتسامة خفيفة :-
-إلي لقاء بيهار ..
بيهار بإبتسامة مماثلة :-
-إلي لقاء شيرڤان ..
دلفت لداخل منزلها وهو يقف بإنتظارها حتي تدخل ثم تلوح له من نافذتها الصغيرة كعادتها اليومية ابتسم لها ثم دلف هو الآخر لمنزله ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أنهي يومه المتعب من التدريبات الشاقة ثم عاد لسكنه كي يستريح به قليلاً ، استلقي علي سريره وكاد يغمض عينيه ليجد من يقذفه بوسادة ما ففتح عينيه وأمسك بها في إنزعاج :-
-هاااي ! من ألقي هذه ؟!
ضحك الجميع عليه واستهزئوا به كعادتهم دائماً حيث نطق أحدهم بسخرية لاذعة :-
-وماذا ستفعل معه يا مدلل؟! هل ستضربه ؟
غمغم آياش بكلمات مقتضبة وغير مفهومة ليجذبه شاب آخر من ملابسه ويسقطه أرضاً وهو يقول بتشفٍ :-
-ههههههههههه هيا دعونا نعلمه الأدب !
انهالو عليه باللكمات والركلات الموجعة والسباب البذئ والمهين دون أن يستطيع هو الدفاع عن نفسه ممن تكالبوا عليه ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
عندما تتسلل ظلمات الوحدة لحياتك فلن ينيرك سوي صديق حقيقي ، انتهي من جميع مرضاه الذين جاءوا له اليوم وأغلق عيادته متوجهاً لمنزله كي يستسلم لوحدته ككل ليلة تمر عليه بدون رفيق دربه آياش ، تمشي شارداً يفكر بحياته الفارغة الخالية من معاني السعادة والفرح فرغم صداقاته الكثيرة إلا ان قلبه مازال خالياً ولم يطرق الحب بابه بعد ، وجد أنورين يلوح له بإبتسامة سعيدة وهو يقترب منه فقال له بإبتسامة هادئة :-
-مساء الخير يا أنورين ..
أنورين وهو يعانقه بحرارة :-
-مساء النور .. هل انتهيت من عملك ؟
دچوار :-
-أجل .. ماذا عنك ؟
أنورين :-
-أجل .. سأذهب للمنزل ما رأيك أن تأتي معي لنسهر قليلاً ؟
فكر دچوار قليلاً قبل أن يجيبه بتردد :-
-حسناً ..
لم تكن صداقة دچوار وأنورين قوية يوماً ما بسبب عداوة طفيفة نشأت بينه وبين آياش صديق دچوار المقرب ، وصلا لمنزل أنورين ودلف أنورين اولاً قائلاً بترحاب لدچوار الذي تبعه :-
-تفضل يا دچوار تفضل لقد اسعدني حضورك
ابتسم له دچوار بمجاملة :-
-شكراً لك يا صديقي
أجلسه أنورين علي أريكة وثيرة ثم استأذنه في الذهاب للمطبخ قائلاً :-
-سأحضر لنا بعض الطعام
دلف للمطبخ ثم عاد مجدداً وهو يحمل الكثير من الطعام فقال له دچوار بحرج :-
-أنورين ! ما كل هذا الطعام ؟!
جلس أنورين بجانبه وهو يبتسم بحزن :-
-نادراً ما يأتي احد لزيارتي سوي إيڤان ..
ابتسم له دچوار بصدق فقد شعر بالشفقة علي ذلك الصديق الطيب ، قضيا ليلتهما في الحديث والمزاح وتناول الطعام سوياً طوال الليل وبات كل منهما ليلته سعيداً لأنه وجد أنيساً لوحدته ..