لمع البرق خارجا و انطوت السماء سحباً مظلمة فوق لندن ..
الشتاء الماضي انتقلنا الى بيتنا الجديد ، لازلت اذكر ابتسامة والدي العريضة و هو يعاين المشواة في الحديقة و يكاد يقفز فرحا بغرفة الجلوس الفخمة .
كنّا قد امضينا عمرا كاملا بين الشقق الضيقة و قسائم التخفيضات ، كانت امي تعمل بجدّ كبير لتوفّر المال لجامعتي و ابي كان يبذر راتبه على شراء هدايا لوالدتي و مفاجأتنا بعطل من حين لآخر ..لم استطع منع ابتسامتي و انا اتذكر كيف كان ابي يزعج امي في المطبخ ، يضيف بهارات غير مذكورة في الوصفة التي سرقتها امي من الانترنت ، يتذوق من الاطباق قبل ان تحظر ، ينام ببطنه السمين على الاريكة و يأكل الفشار ، يرمي ملابسه بكل مكان ، يسمع موسيقى الكلارنيت و البيانو دائما ، ينسى مواعيد حفلاتي و المناسبات الرّسمية و دائما ما يتأخر عن العمل .. ابي كان رجلا عفوياً بكل ما تحمله الكلمة و لا اعرف مالّذي جعل امرأة منضبطة كوالدتي تختار ان تمضي حياتها مع هذا الرّجل ..
دخل الطبيب بقامته الضئيلة و بشرته الحمراء و مئزره الناصع ، عبث بلوح الملاحظات ثم احظر كرسيّا و جلس بجانب السرير ، حرّك نظارته ثم رفع حاجبيه الاشيبين بتوتر مبالغ فيه لدرجة انني التقته و بدأت راحتا يدي بالتعرق ..
فكّرت في اسوء الاحتمالات ، وفاة امي و ابي الميتان منذ اشهر في غيبوبة اصلا ، لن امشي على قدميّ مجددا و هذا ايضا واقع اقتنعت به ، كانت عقلي يسرع بين كل الاحتمالات و لكنني وجدت انه من المستحيل ان تسوء حالتي اكثر ..
" آنسة ايرينس ، تلقى المستشفى اليوم اتصالا من احد اقاربك "
سؤال واحد ضخم ملئ رأسي ، ألديّ اقارب ؟
مذ بدأت اعي الحياة حولي كان امي و ابي كل ما املك كان لدينا العديد من الاصدقاء حولنا نتبادل الزيارات دائما و يلجئ لهم والدي عندما نحتاج مساعدة ، لكن لم يأتِ ايّ منهما على ذكر عائلته ، كنا عائلة لا جذور لها و حتى عندما كبرت لم يراودني هذا السؤال ، كانت حياتنا مليئة بالاحداث و الاشخاص و الجيران الجدد كلما انتقلنا .
"عفواً ؟!"
"لقد استأجر لكِ جناحا خاصًا بالمشفى لتمكثي فيه ريثما ينهي تحظير اوراق نقلك الى بيته ، جدّك رجل دقيق جداً حتى انه ارسل لك هذه "
اخرج بطاقة من جيب مئزره و ناولني اياها بتوتر ، فتحتها عسى ان أجد داخلها بضع اجوبة أخرس بها فوضى الاسئلة داخل رأسي ..
أسف لأنني تأخرت كل هذا الوقت يا ابنتي ، لم اسمع عن الحادثة قبل ليلة امس .
بللت الورقة بدموعي ، اخيراً احد ما ظهر بحياتي ليعتني بي بعد كل هذه الأشهر من الوحدة و الجفاء ، حتى و ان بدا "جدّي " كتاجر اعضاء بشرية يحاول اختطافي بتواطئ مع ادارة المشفى التي سئمت مني ؟
فليختطف و لنرى مالذّي سيفعله بهاتين القدمين العاجزتين !لا اريد ان افكّر بما سيحصل تاليا فتح القدر امامي بابا لفرصة جديدة و لن اغلقه بتهوّر ، لا اريد ان اندم على رفضي الخروج من المشفى .
اتت الممرضة النحيلة الى الغرفة مجددا و ابتسمت ، لم تكن ابتسامة شفقة او عطف هذه المرّة لقد كانت سعيدة و ليست متأكدة ان كانت سعيدة من اجلي ام لأنني سأغادر و احمل معي نفسيتي المتدهورة بعيدا . رتّبت اغراضي و ارسلتها الى الجناح الجديد ثم ساعدتني على الانتقال الى كرسيّي المتحرك ، سرنا على طول الممر ثم استعملنا المصعد ثم تحركنا نحو باب واسع مغلق عبثت الممرضة ببضع مفاتيح ثم انفتح الباب ..
كان الجناح فخماً ، جدران عاجية بإيطارات معدنية و نافذة بحجم الجدار تطل على قلب لندن الضبابي سرير ابيض واسع تحركت نحو النافذة و طلبت من الممرضة ان تطفأ الاضواء .. كانت الغرفة شبه مظلمة ، اسودّت السماء خارجا و بدأت نتف الثلج في الهطول و انفجر خيط امل رفيع داخلي .
شعور خفيف بداخلي يخبرني ان الحياة لازالت تحمل لي الخير و الايام الجيدة سبقت العالم بفصل كامل و حل الربيع داخلي ثم بدأت العاصفة الثلجية تشتد خارجا .
.
.
.
.
.
.
.
.شكرا بحجم السماء لأصحاب الرسائل الحلوة التي وصلتني على الانتساغرام و الفايسبوك
احبكم ❤التنزيل سوف يكون بمعدل بارت كل يومين و هذ اقصى ما استطيع
اعطوني رأيكم في الاحداث و الشخصيات او اجيبوا على الاسئلة ⬇⬇
ما رأيكم في عائلة ايرينس ؟
ماذا تتوقعون حول صاحب البطاقة ؟
ستتحسن حياة ايرينس او ستزداد سوءا ؟
لماذا توتر الطبيب ؟Instagram: rawnek_Khaldi
Facebook: Rawnek khaldi
VOUS LISEZ
~ يقيني المحتمل ~
Fanfictionكل الاشياء التي آمنت بها تتداعى حولي ، حجم الكذب و الحب القابضان على قلبي يفقدانني اتزاني و يشتتان رزانتي .. ام انني انا من قبض على قلبي بيدي ؟