~4~

136 7 38
                                    

" للذاكرة عقل مثلما للعقل ذاكرة "

اليوم سأغادر المشفى و اغادر والدي اللذان لم ارهما منذ سنة كاملة الى مصير لم اكن اعتقد انني جريئة لهذه الدرجة حتى اختاره ..

لن تعرف نفسك ابدا ما لم تضطر الى ذلك .

بدت كل اختبارات تحليل الشخصية و الكتب التي قرأتها و الشخصية التي ظننت انني عليها امورا سخيفة تافهة امام الشخصية التي اتضح انني عليها  ، كنت احاول ان اتذكر مقاطع من كتب ستيفن كوفاي و اخرى من كتابات هيغل و فرويد لأرى ان كنت قد اخطأت في معرفة نفسي ام انني فقط تغيرت الى فتاة كئيبة انانية و لكنني فشلت .
ابتعدت طويلا عن حياتي و ذاتي و بدأت اضمحل ..

تراودني الكوابيس منذ ان احظروني الى هنا ، تعودت على ان استيقظ متعرقة وسط الليل .

بالأمس رأيت الحلم المعتاد ، ابي يقود السيارة امي بجانبه و انا في الخلف احاول ان اقنعه بانتقالي الى نيوجرسي لأعمل كمصممة ازياء  ..صوت اغنية آدم الصاخبة .. ثم صوت الارتطام المدوي و صراخ امي .. ثم صورة ضبابية لجموع حولنا و رائحة الدماء و البنزين .. بالامس لم ينتهي حلمي هنا فقد كان هناك شاب بشعر اشقر طويل لم استطع رؤية وجهه لكنه حملني من وسط الدماء ..

طيلة فترة حزم الممرضات لأمتعتي كنت اتأمل قدمي و تذكرت اول يوم لي هنا حين اخترقت رائحة الكحول القوية انفي و فتحت عيناي على اضاءة ساطعة و غرفة بيضاء  ضغطت على عضلات قدمي لاخرج من السرير و لم استطع التحرك كانتا ثابتتين ثقيلتين و عاجزتين ..

لازلت اذكر ارتجاج يديّ و انا احاول رفع البطانية بلهفة من فوقهما ، ظننت انني لن جدهما او انني سأجد جبيرة بيضاء .. 

لكنهما كانتا هناك .. سليمتين و شاحبتين ، صفعتهما بكل ما لدي من قوة لكنني لم اشعر بشيئ عدا تنمل اصابع يدي .

سرنا على طول الممر الرئيسي ، ودّعت بعيناي كل ركن على حدة كل مكان كنت اجلس فيه و كل نافذة كنت اخدش الجدار بكرسيي لأطل منها ..

اخيرا الحرية ! هتف قلبي بحماس عندما شارفنا على الوصول الى الباب الخارجي و لكنني كنت خاملة و استأت من انانيتي كثيرا ...

نقلت بطائرة خاصة مع طاقم الممرضات و العديد من الحراس الشخصيين ، قبل سنة كان حدوث شيئ مماثل حلمًا لذيذا فبالكاد كنت قد جمعت مبلغ مقعد في الدرجة السياحية لنيوجرسي ..

ادركت ان القدر يهبنا ما نريد بعد ان نفقد شغفنا به ...

طرنا وسط السحب الثلجية البيضاء و نادرا من ظهرت قطع من الجبال المكسوة بالثلج .. تذكرت افلام الفايكينغز و وودت لو كان هنا كتاب على متن هذه الطائرة .

في لحظة شعرت بالنهم للقراءة كما لو انني استيقظت تواً من سبات طويل بحثا عن الاكل .. رميت رأسي الى الخلف و واغمضت عيني لأخذ قيلولة قصيرة .

كان هناك جالسا مطأطأ الرأس على كرسي وسط الظلام ذات الشخص .. ذات الطيف الذي حملني في حلمي .

فتحت عيناي بوهن رائحة المقاعد الجلدية و معطّر الجو الذي ٱستعمل في المكان تغلغلت داخل انفي و ترسخت داخل ذاكرتي ..
طالما حفظت الاماكن و المشاعر بروائحها ، اخبرتني امي انني عندما كنت رضيعة كنت ابكي اذا ابتعدت عن الغرفة التي انا فيها حتى اكتشفت انني كنت اعرف ابتعادها بإبتعاد رائحتها فأصبحت تضع ملابسها بجانب سريري كل ما غادرت غرفتي .. و عندها فقط توقفت عن منعها من مغادرة الغرفة ..

علميا كانت حواسي تعمل بشكل ممتاز منذ ولادتي حتى انني كنت اميّز متى تخرج امي من المجال الفرموني الخاص بي - وهذا ما يطلق عليه المجال المغناطيسي ايضا - كنت فد امضيت صيف ما قبل الدخول للثانوية اقرأ كتابا يشرح تأثير الفرمونات - والتي هي عبارة عن جزيئات او مبلغات تعمل تقريبا عمل الهرمونات و لكن خارج الجسم و لا تؤثر في صاحبها بل في الاخرين - شعرت انني فعلا مثقفة و انا اخيرا اطالع شيئا علميا بعيدا عن روايات جاين اوستن و قصص كافكا و ديستوفيسكي و كتب مئات الروائيين الاخرين كنت قد ادركت اخيرا انني بحاجة لفهم ما يحدث داخل عقلي و جسمي .

و بعد هذا الكتاب انهمكت في قراءة المقالات العلمية و مشاهدة الاشرطة العلمية و في غضون شهر كنت مستعدة لأفتتح مكتب دورات لأشرح عمل هذه الفرمونات و تأثيرها الخارق على مشاعرنا ، انفعالاتنا و حتى على حواسنا و دورها المحوري في حدوث اي نوع من الانجذاب او الحب او حتى الاشتياق الى احدهم بالمختصر كان ينقصني نظارات باطارات معدنية لأبدو كالباحثات الشقراوات النحيلات ..

حسنا بذكر النحيلات اظن انني اخيرا حصلت على القوام المثالي بعد سنة كاملة من تناول حساء المستشفى المزري و لكن هذا الحساء لم يساعد شعري الاحمر على التحول الى اشقر او حتى اسود او بني اي لون ينقذني من الغرابة التي اقع فيها كلما قابلت اناسا جدد ، الامر الذي يواسيني فعلا انني ذاهبة الى عائلتي -لم ارث هذا ااشعر عن الجيران- و اتمنى ان لا اشعر بالغربة وسطهم ..

كان صوت في مؤخرة ذهني يسخر " إذن جدك و عائلتك ها ؟ حسنا لم اقل شيئا ! "

الاحداث لازالت مملة و لازلت اريدكم ان تتعرفوا على البطلة اكثر لأن هذا مهم كي تفهموا الاحداث القادمة جيدا

قريبا راح تحمى الاحداث و يبدأ الحماس

ما رأيكم بإرينيس شخصيتها و تفكيرها ؟

تحبون الجنجرز ؟ (ذوات الشعر الاحمر او الاصهب)

~ يقيني المحتمل ~Où les histoires vivent. Découvrez maintenant