لقاء عاصف

13K 158 6
                                    

صدحت الألحان المألوفة من جهاز الموسيقى وأخذت أوما تدندن من غير وعي... كانت ترتب زهور الأقحوان الضوئية اللون ، في الفازة .. وارتفع صوتها مع اقتراب الأغنية من نهايتها وتراجعت الى الخلف معجبة بما صنعت .
ولم تحس أن الباب انفتح أو أن شخصا دخل الى المتجر ، وكسر الصمت الذي اعقب آخر الآنغام صوت فيه رهبة :
- "ياالهي اوما ...لن استطيع ابدا ان افهم كيف تمكنت من التوقف!"

استدارت اوما مجفلة فرأت صديقتها داريا تنظر اليها وعلى وجهها تعابير الإعجاب .. فكشرت قليلا وقالت :
- "لقد أخفتني .. لم اسمعك تدخلين .. هل بلغت الساعة السادسة "..
كان اليوم يوم جمعة ، وستخرج مع داريا بعد ساعات لتناول العشاء ، ثم للذهاب للسينما . أجابت داريا :
-"تقريبا .. لقد تحايلت وأقفلت محل الهدايا أبكر بقليل ... ولو كنت اعرف انك تقيمين حفلة غنائية لكنت تركت العمل أبكر من هذا هيا .... غن لي أغنية أخرى !"
منتديات ليلاس
دارت حول منصة العرض ، وجلست فوق كرسي مرتفع تحتفظ به أوما هناك . وابتسمت ابتسامة تودد
فهزت أوما رأسها قائلة :
-"لا تكوني سخيفة ! ماذا لو دخل زبون سيظن أنني جننت !"
نقلت الباقة الخاصة بعيد الهالويين إلى البراد:
- "أتمزحين ؟ ان سماع اوما بايروت شخصيا سينير له يومه ! ماكان يجب أن تتوقفي عن الغناء ".

نظرت داريا اليها بفضول ، وهزت رأسها قليلا... من السهل تصور اوما في دور نجمة رغم ان قصة شعرها عادية وما كياجها كان خفيفا ... فقد كان فيها شئ ما غير محدد المعالم . لم يكن ببساطة الجمال فقط .
فهي بالتأكيد جميلة بشعرها الرائع الأحمر البني الذي يحيط بوجه بيضاوي كلاسيكي ، مكمل بعينين كبيرتين بنيتين تميلان الى اللون الكرزي ...فهناك هالة ما سحر يلفت الانتباه بطريقة لا يستطيعها الجمال العادي .

قالت داريا باندفاع :
-"كان يمكن أن تصبحي نجمة متألقة الآن "..
هزت أوما كتفيها دونما اكتراث ، وأخذت تنظف بقايا اوراق الزهور كي لا تنظر الى صديقتها ...كان فضول داريا بشأن أوما بايروت يثير الإضطراب ...
تمنت اوما لو أنها لم تبح لها بسرها ن فمنذ أن اكتشفت مهنتها القديمة كمغنية، وهي تمطرها باسئلة عن حياتها السابقة ...
ومع علمها أنها تجرح مشاعرها برفضها مناقشة الأمر معها ، فأوما لم تكن تنوي قط أن تفعل هذا .. إنه الماضي الذي مات ودفن .. ولن تنبشه لإرضاء فضول صديقتها .

ومع ذلك كانت تحس بعقدة ذنب نحوها ، واستسلمت في النهاية لرجاء داريا بالغناء لها ... وبدأت أوما بالغناء مع تحول الجهاز الى نغم أغنية أخرى .
وبعد بضعة مقاطع استدارت كي لا ترى الفتاة وجهها .. لقد غنت هذه الأغنية مئات المرات من قبل ..
منتديات ليلاس
فقد كانت أغنية رئيسية في عرضهما وفي أثناء تفكيرها استطاعت سماع صوت أخيها باول الجهوري الملئ بالرجولة ، يرافقها في الغناء و اغرورقت عيناها فجأة بالدموع لقد مات منذ خمس سنوات وتتساءل دوما عما اذا كان الشوق إليه سيتوقف يوما .......مع انتهاء آخر لحن رفرفت أوما بعينيها لتبعد البلل عنهما . والتفتت إلى داريا ..لكن لم يكن وجه صديقتها الذي شد انتباهها .. لحظة طويلة, بل وجه الرجل الواقف خلفها..
ولم تستطع سوى التحديق في عينيه الزرقاوين المتفرستين بها, وهى لا تزال عالقة في سحر الماضي.. ثم رفع حاجبين أسودين بتساؤل و خطوط وجهه الوسيم تعبر عن تسليته .

الافق الضائع الكاتبة: ساندراك رودس  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن