القليل من الحقيقة

4.1K 88 0
                                    

سمعت أوما وقع أقدام تقترب منها وسط أصوات المطار .. مضي علي غياب ستان عدة دقائق ،ولابد أنه رجع فتحت عينيها وجلست مستوية ،مصممة علي أن تبعد شكوكها عنها ،وأن تنسي مخاوفها من المستقبل .

-أوما .. أوما بايروت .. ! اعتقدت أنك أنت !
رفرفت عينيها بشدة وسرعة .. مع أنها هنا في لاس فيغاس لا سبب أبداً يدعوها إلي أن تتوقع رؤية تود مانسون .. مع ذلك لم تندهش لرؤيته يقف أمامها .. للحظات حدقت به مشدوهة ،تتساءل لماذا لا تشعر إلا باللامبالاة.

-"مرحبا تود".
وتابعت تفحصه .. لقد تغير قليلاً ،لكنه لا يزال ذلك الرجل النحيل بقسماته الحادة ،مثلما كان منذ خمس سنوات ..لاحظت أن بذلته عتيقة الطراز،وأن أكمام قميصه مهترئة قليلاً.. ولطالما تفاخر تود بمجموعة ملابسه ،وأحذيته المصنوعة باليد ،ربما سقط بعد أيام صعبة .. وتساءلت لماذا لم تعطها هذه الفكرة أي رضي .
منتديات ليلاس
لابد أن كرهيتها خفت خلال سنوات ،أو خفت قليلاً وهي الآن لا تحس سوي بثورة خفيفة ضد مديرها السابق.
ابتسم تود لها ،وجلس علي مقعد بجوارها .
-ما الذي جاء بك إلي فيغاس ؟ أنت لم تأت لتفتيشي عني ؟ هل أدركت أخيراً أهمية ما تخليت عنه يوم هربت؟
مال نحوها يدرس وجهها،وكانت أكثر حكمة من أن تذكر ستان له . . وقالت كاذبة:
-أنا هنا في إجازة .

بدأ تود يضحك :
-أوما بايروت في إجازة في لاس فيغاس ؟ هذا غير متوقع حبيبتي .. بكل تأكيد يمكنك أن تقولي لي ماذا تفعلين هنا؟علي أي حال ،نحن صديقان قديمان .. ولطالما فكرت بك كأخت لي!
نظرت إليه مذهولة .. كيف لإنسان أن ينطق بكذبة مكشوفة كهذه؟
هي وباول لم يكونا بالنسبة له سوي مصدر للمال . . وتأكدت من الأمر يوم أخفي عنها واقع إدمان باول ،وكل شيء آخر .. ترك باول يموت بدلاً من أن يعرض تلك الصورة الثمينة التي رسمها بدقة لهما وجني ثمارها لوحده للحظة ..
أحست بالغثيان وبتقلص معدتها ما أن تحركت كراهية هذا الرجل مرة أخري في أعماقها .. وقفت فجأة غبر قادرة علي تحمل صحبته لحظة أخري .

-لا وقت لدي للخوض في مثل هذا الحديث تود .. وداعاً!
وقف بدوره ،وأمسك ذراعها ليبقيها بقربه .
-لا تديري ظهرك لي حبي .. مهما كان الذي جاء بك إلي هنا ،ألم تشعري أنه ما كان عليك أن تتركي ؟ لكن الوقت غير متأخر بعد.. بإمكان أوما بايروت أن تعود إلي المسرح .. كمغنية منفردة ستصبحين أكثر شهرة مما كان الثنائي بايروت .
داعب أصبعه معصمها ،وابتسم لها مشجعاً .تصاعد غضبها ..
فاجتذبت ذراعها منه وهي تقول بلهجة آمرة:
-لا تلمسني أبداً.. حتى لو أردت العودة ،وهذا ما لا أريده ،فلن أعود إلي المسرح .. فلو غنيت لكنت مديري .. طننت نفسك حدقاً حين جعلتني وباول أوقع العقد .. وامتلكت الثنائي بايروت لحماً ودماً وروحاً .. لكنك لا تستطيع امتلاك شيء لا وجود له .. أليس كذلك؟ لم يعد لباول بايروت وجود.. انت لم تفهم أنني أفضل التخلي عن مستقبلي الفني علي أن يكون لي علاقة مع جرذ قذر مثلك.

الافق الضائع الكاتبة: ساندراك رودس  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن