1

246 16 9
                                    

نظر الى البحر الواسع وهو ينزلق على الرمل الناعم المتوهج، بينما كان الهواء يلفح وجنتيه المبللتين ،ضم رجليه الى صدره و اغرورقت عيناه بالدموع مرة أخرى، نظر الى صديقه الذي يضطجع الارض بجانبه وقال "ان عيناي تتحسسان من الرمل هذا"
لماذا بررت لصديقي الذي لم ينتبه لعيني الممتلئتين؟. فكر بعدما افترش الارض كصديقه النحيل الذي ظل ينظر للسماء الملبدة بالغيوم، حاول سالم أن يحدق للسماء ولكنه ابى أن يتحمل الهواء البارد فأغمض عينيه وحجب العالم عن حواسه، لم يعد يشعر بالهالة الرمادية في المدينة خلفه ولا يسمع أصوات سحب القارب لم تستجب حواسه ا لا لصوت الامواج الخفيفة ولم يشعر الا بالشمس الخجلة الدافئة، كأنما لو كان يندفن رويدا رويدا، ويصبح جزءا من هذه الترض
سحبه من أفكاره صديقه وهو يناديه: يا سالم استيقظ سنذهب الان!
قام بتعب وشعر كأن العالم أصبح غريبا ومرًا فجأة، الامر دائما يبدأ بأمور صغيرة، ربما توعك مؤقت أو بعض الخيالات المزعجة العابرة، ولكنه بعد فترة يتحول لوحش ذو أنياب حادة تنهش القلب والروح ثم تفتح عينيك فجأة، وتكتشف ان الحرب تسرق عمرك، وتدرك ان المرأة التي تسمي نفسها لجوء وتضم اللاجئين ضمتك في حقيبتها واصبحت ملكا لها الان، لذلك يجب أن تهرب بعيدا عن رائحة الموت والقنابل التي تخنقك في علبة مساحيقها الضيقة
صعد سالم على القارب وارتدى سترة النجاة المهترئة حمل حقيبته التي تحملت مشقة السفر، وجلس بجانب صديقه على المقاعد الخشنة، وحملتهم الامواج الهادئة الى العالم الجديد!
قال لصديقه وهو يفكر بحاله: ما الذي تتوقع ان نجده في العالم الجديد؟
ابتسم صديقه وكأنه أحد الجنود الذين يحاربون بشجاعة وقال: سنجد الطيور ا لملونة والقهوة اللذيذة والعمل المتواضع وساعات الفجر الاولى الهادئة، وان لم نجد الا القليل من كل هذه الاشياء فعلى الاقل ننام بدون أفكار عن الموت!
نظر سالم اليه بسخرية وقال: أصبح الموت هاجسنا الدائم يا عمّار صمت قليلا ثم استأنف: ما رأيك ان نكون غرباء في هذه الرحلة؟
أعني نبتعد عن الموت، نكتشف أنفسنا من جديد؟
اومأ عمار وتمتم: لنكن

اثنان واربعونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن