١- هجوم صاعق

44.8K 547 11
                                    


قاد خافيار سيارته واجتاز البوابة الكبيرة وصولا الي الممر الطويل الذي تحيط به اشجار الزيتون ليصل الي البرج المغربي الرائع المشيد خلف الجبال ثم ركن سيارته المرسيدس قرب سيارة صغيرة بدت غريبة تماما بين السيارات الاخري الجديدة باهظة الثمن ، اذا لم يتمكن سيرج بعد من اقناع سارة بالتخلص من سيارتها القديمة بالرغم من ان سارة امرأة شابة لا ترفض طلبا لزوجها الا انها تسعي دوما للمحافظة علي استقلاليتها وتتصرف بشكل لا يمكن لاحد التنبؤ به احيانا.
لم يكن خافيار متزوجا ولكنه كان محاط دائما بالنساء وهو لم يضطر يوما لبذل جهد للفت انتباه النساء الجذابات اللواتي يلاحقنه بإستمرار
لكن لم تثر اي واحدة منهن اهتمامه بشكل جدي ولم يخطر في باله قط انه حين يجد المرأة المثالية لن تبدي تلك الاخيرة ادنى اهتمام به الي ان التقي سارة.
لقد بلغ ال32 من العمر وهو يملك خبرة واسعة مع النساء لا بل واسعة اكثر من اللزوم علي حسب قول جده الذي يريد لحفيده و وريثه ان يتزوج كان في امكان خافيار ان يسلك الطرق الاسهل ويختار زوجة مناسبة امرأة ذات خلفية اجتماعية مماثلة لخلفيته تؤهلها للتأقلم مع ما سيواجهها حين تصبح فردا من افراد احدي العائلات الاكثر ثراء في اوروبا وبهذا يسلك الطريق الذي سلكه والده الا ان هذه هي المشكلة بالتحديد فكلما حاول خافيار سلوك الطريق السهل اصطدم بشبح زواج والديه الفاشل
قبل ان يغادر الرجل العجوز منزل العائلة في الاندلس في رحلة الي مايوركا وجه انذارا لخافيار
حذر فيليبي مونتيرو حفيده المفضل " تزوج قبل ان اموت والا وهبت ثروتي ل راوول او لاي شخص اخر"
غضب خافيار في بادئ الامر من هذا الابتزاز
الا يعرفه جده بما يكفي ليظن ان باستطاعته ابتزازه..........؟
استدار نحو فيليبي بفخر وانفة وهما صفتان طبعتا علي وجه الجد واشتهر بهماا ولكن ما ارتسم علي وجه العجوز جعله يكبح الاجابة اللاذعة التي اوشك ان يتفوه بها
كان خافيار واثقا من جده ففليبي مونتيرو رجلا مخادعا غالبا ما يحيك المكائد والمؤمرات باختصار عندما يتعلق الامر بالحصول علي مبتغاه فهو قادر علي القيام باعمال شائنة وقاسية الا انه لم يكن يوما فظا في مؤمراته كما انه لم يسبق لخافيار ان يري جده خائفا
- ما زالت الحياة امامك طويلة
ابتسم فيليبي وفطن خافيار كعادته لوجود امر مريب فهو يجيد قراءة الافكار بقدر ما هو بارع في فهم السوق المالي
- في الواقع ما تقوله غير صحيح فقد قال الاطباء انه لم يعد امامي سوي 6 اشهر
- لم ينفعل خافيار كما يفعل الناس عادة عندما يعلمون بدنو اجل شخص عزيز يعجزون عن تصور الحياة من دونه ولم يصرخ قائلا ان هذا امر مستحيل ، اراد القيام بذلك لكنه لم يفعل
وعوضا عن ذلك وبعد دقيقة من الصمت طأطأ رأسه وسأل جده السؤال المشوؤم
" ما المشكلة "
فاجاب فيليبي بصوت منخفض بعد ان اخذ نفسا عميقا
" سرطان ! انتشر الداء اللعين في رئتي ولا فائدة من العلاج واياك ان تخبر احدا بذلك اذا انتشر الخبر سيحاول الكثيرون تدمير الشركة "
وظهرت في عيني الرجل العجوز ومضة اشمئزاز ثم اضاف وقد ارتجف صوته " لا شك انهم سيعاملونني عندئذ علي انني عجوز خرف"
لم يكن فيليبي مونيرو يخشي الموت ولكن الطريقة التي سيموت بها
" لن يفعل احدا هذا "
نظر الرجلان الي بعضيهما البعض و تبادلا وعدا صامتا. تنهد فيليبي راضيا لسوء الحظ ان التوقيت ليس ملائما الان بسبب صفقة بروسلز . لطالما كان خافيار رجلا قادر السيطرة علي مشاعره لكن القلق في صوت جده علي مصير الامبراطورية تلك الامبراطورية التي عمل علي بنائها طيلة حياته جعلت شعورا غريبا يتملكه فصر علي اسنانه وقال
- اثمة وقت مناسب للموت
ارتجف صوته العميق واضاف
-فلتذهب الشركة الي الجحيم فانت ستموت يا جدي
ورد الجد بلامبالاة
- سنموت جميعا في يوم من الايام
- ثم تابع فيليبي بمكر
- اذاكنت تهتم حقا بامري فاثبت لي ذلك وتزوج اريا فهي تحبك
اطلق خافيار ضحكة ساخرة
- انت لا تستسلم ابدا اليس كذلك
كان خافيار يعلم تماما انه في حال تزوج فلن يتزوج من امراة تحبه امراة قد يؤذيها كما الحق والده الاذي بوالدته كانت والدته امراة ضعيفة لم تتقبل يوما فكرة غض النظر عن علاقات زوجها بنساء اخريات واقتصار دورها في حياته علي الظهور بمظهر لائق وتربية ابنها واستقبال الضيوف
انبه العجوز بصرامة
" هذه المسألة ليست بمضحكة يا خافيار فاستمرارية النسل امر مهم عليك ان تنجب اولادا
- اسف لكنني لا استطيع
لم يكن خافيار يخشي ضياع الميراث وايقن ان جزءا منه يرحب بالفكرة فهو شخص يهوي التحديات ولابد ان الانطلاق من الصفر سيشكل التحدي الاكثر اثارة الذي عرفه في حياته وفكرة ان ما سينجزه وليد مجهوده وحده والا علاقة له بما ورثه عن عائلته الغنية امر مرض تماما . للثراء ايجابياته ولكن خافيار تربي ايضا علي فكرة ان الثراء يحمل في طياته المسؤليات ايضا فالاحساس بالواجب العائلي المغروس فيه لا يتيح له ان يحلم برفاهية العمل حرا بعيدا عن شركة العائلة، كما كان متأكدا تماما في اعماقه ان جده لن يحرمه ابدا من الميراث فتصرفاته لم توحي ابدا بهذا لم يكن باستطاعته ان يفعل الكثير من اجل جده لكن يستطيع علي الاقل ان يتركه يلعب دور الطاغية عديم الاحساس لانه يحب ان يلعب هذا الدور امام الناس
حدق الجد والغضب باد عليه الي وجه حفيده القاسي الملامح
- اظن ان لقرارك علاقة بتلك الفتاة الشقراء التي سمحت لسيرج بخطفها منك ..لا تندهش هكذا يا بني
وضحك ثم تابع يقول
- اتظنني اعمى اذا اردت راي فانا اظن انكما تشكلان ثنائيا فاشلا
حبس خافيار غضبه بصعوبة في حين اضاف الجد
- انت طيب و مطواع لذا تحتاج الي شخص ذو طبع اكثر حدة
اجاب خافيار بصرامة
-شخص مثل آريا
تنازل فيليبي عن موقفه
- حسنا ليس بالضرورة آريا ولكن اذا شئت ان تكون وريثي فعليك ان تتزوج قريبا
- علينا الا نتشاجر اقله ليس الان
- فرد عليه الجد مرتجفا لم علينا ان نغير عادتنا فاذا رحت توافق علي ما اقوله ستلاحظ العائلة فورا وجود خطب ما وسيبدأ الجميع عندئذ ملاطفتي وهذا امر لااحتمله
حين يعمل معا شخصان عاجزان بالفطرة عن تقديم اي تنازلات تنشأ بينهما شرارات ولم تمر علاقة خافيار بجده دون نزاع كان فيليبي يجادل خافيار بصوت مرتفع في حين يلتزم ذلك الاخير الصمت وكان خافيار يدرك تماما ان منافسيه في العائلة غالبا ما يتمنون ان يتخطي حدوده مع جده ليصرف الرجل العجوز اهتمامه عنه اانما ما عجزوا عن فهمه هو ذلك الاحترام العميق والمتبادل بين طرفي النزاع
- انا اسف
ربت الرجل العجوز علي كتف حفيده وهو يغادر
-انت غبي وعنيد.
***
نظر الي ساعتة الصغيرة الغالية الثمن وهز رأسه ما زال امامه بضع دقائق قبل الموعد لم يكن يحتمل عدم التزام الاخرين بمواعيدهم ويرفض باستمرار ان يسئ استخدام مركزه بجعل الاخرين ينتظرونه فهو يعتبر الدقة في المواعيد دليلا علي السلوك الحسن والادب
راح خافيار يشق طريقه الي البناء الحجري الضخم وعجزت عينيه المعروفه بالتقاطها ادق التفاصيل عن رؤية اي عيب او خطأ في الحدائق الواسعة وفي الاشجار الخضراء الشذبة بعناية فائقة وحين وصل الي حوض السباحة كان المكان شبة خال الا من بعض السواح الاغنياء الذين يتمشون عند ظهيرة يوم حار جدا في مايوركا
همست سائحة بحماس وهي تخرج من حوض السباحة
-ارايت من مر لتوه
فتح زوجها عينيه النا عستين علي مضض بعد ان احس بيدين مبللتين تلامسان كتفه " من .ماذا
همست فيما حيا الرجل طويل القامة البستاني العجوز الذي مر به
- هناك انه خافيار مونتيرو
- طبعا فخافيار علي علاقة جيدة بكل العاملين علي هذه الجزيرة
- لا داعي للتهكم فانا واثقة من انه هو فما من رجل اخر يشبهه
- كفاك تهريجا يا جان وفكري يا امرأة ماذا سيفعل خافيار هنا
- اجابت وهي تشير الي المنزل المايوركي الطراز الذي يعود الي القرن 13 ويتميز ببرجه المغربي
- لم لا يكون هنا فهو يملك المكان
يؤمن هذا الفندق الفريد من نوعه مخبأ لاولئك الذين يودون التقاعد في مكان يجمع بين احدث وسائل الراحة والاطار التاريخي ويقدم افخر المأكولات كما يؤمن عناية شخصية علي ايدي فريق متخصص
ان الاقامة في هذا الفندق مكلفة جدا ولكن هذا ينطبق ايضا علي الاقامة في الفندقين الاخرين اللذين يمتلكهما ال مونتيرو علي الجزيرة ويسعي كل فندق الي ارضاء فئة معينة من الزبائن فالذين يبحثون عن روعة منطقة البالما سيجدون ضالتهم في الفندق المشيد وسط مدينة قديمة من القرون الوسطي اما الزبائن الذين يبحثون عن فندق يضم 6 مطاعم عالمية ومنتجعا وكافة التسهيلات الرياضية التي عرفها الانسان فسيعشقون الفندق المبني علي الساحل الجنوبي للجزيرة
وتسائل الرجل بحسد
- طبعا هذا الفندق وغيره حول العالم وشركة طيران وميدان سباق الخيل وشركة بناء ..... اما من مجال عمل لا يعمل فيه ال مونتيرو
- ثم تابع وهو يغمض عينيه مجددا
- اشك حقا ان يهتم خافيار بادارة هذه الفنادق بنفسه
- انا واثقة من انه هو
- كما تشائين .
كان الرجل محقا من جهة فرغم ان خافيار يقوم بزيارة تفتيش مفاجئة الي الفنادق الصغيرة التي يملكها الا انه لا يشغل نفسه بمتابعة ادارة هذه الفنادق عن كثب فهو يستثمر مواهبه في مجالات اخري
في بداية مسيرته المهنية اظهر اهتماما علي اكتشاف الفرص الجيدة في سوق العمل لكنه لم يكن يقدم النظريات فحسب فكلما تعطل مشروع بسبب خلاف بين العمال او نزاعات قانونية كان خافيار الشخص الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه لأعادة الامور الي مجاريها
زادت المعلومة التي جعلته يحضر بعجلة الي الجزيرة من حدة ملامح خافيار الوسيمة القاسية عندما قرع باب مكتب سيرج
ورغم انه متوسط الطول الا ان كتفيه العريضتين جعلت الرجل الضعيف الاسمر الجالس وراء مكتبه يبدو اطول
وقف سيرج وقد ارتسمت علي وجهه ابتسامة مرحبة وسلم الرجلان علي بعضيهما
-خافيار مر زمن يا رجل لم ارك فيه
رد خافيار وقد لاح علي شفتيه شبه ابتسامة كانت لتصعق الصحفيين الذين يلقبونه برجل الثلج
- هذا صحيح كيف حال راوول وسارة
- من يراه يبتسم الان ما كان ليخمن انه يجد صعوبة في نطق اسمها قال
- اين هي رأيت سيارتها.....
- رد صديقه بحزن لقد تعطلت اثناء زيارتها الاخيرة يمكنك ان تضحك فانت لم تضطرر في يوم الي دفع هذه السيارة اللعين باستثناء عنادها وعاطفتها غير المنطقية نحو هذه الخردة القديمة التي تسير علي 4 عجلات سارة علي ما يرا م رغم ان ابنك بالمعمودية يحرمنا النوم
- اظن انك اجريت بعض الابحاث دون ان اكلفك بذلك
- هز سيرج رأسه انا في خدمتك ساعة تشاء يا خافيار اعلم انك لا تحب ان اقول هذا لكننا لن نقدر علي رد جميلك حتي لو عشنا 100 سنة
- انت لا تدين لي بشئ يا سيرج
- وغير خافيار الموضوع بسرعة " بالنسبة لذلك الموضوع
ارتفع حاجباه السودوان وضاقت عينا ه الزرقاوان في وجهه الاسمر الداكن وقال
- أأنت متأكد من هذا يا سيرج
- تنهد سيرج وبدا متجهما " اخشي ذلك فالتقارير التي وصلتك صحيحة
- اتعرف الفاعل
- نادل يعمل في المنتجع واسمه لويس غونزاليس شاب في ال 25 من عمره تقريبا عاد للعمل عند بدأ الموسم
لم يدون خافيار الاسم الا ان سيرج متأكد من انه لن ينسي اسم الرجل ولن يسامح الطرف السئول عن الجريمة صحيح ان خافيار صديق لا مثيل له لكنه ايضا عدو لدود
سأل خافيار وهو يحاول السيطرة علي اعصابه "الادلة "
- عمليات تزوير لا تشوبها شائبة
- هل من شخص اخر متورط بذلك شخص اعلي مستوي.......
- اومأ سيرج سيمبسون برأسه
- هز خافيار كتفيه وراح يحدق من النافذة الي الشمس الحارقة وقال بغموض
- حسنا هذا امر مثير
حين عرف خافيار ان احد موظفي الفندق الذي يملكه علي الشاطئ يؤمن المخدرات للنزلاء لم يخاطر بتسليم القضية لاحد الموظفين بل لجأ الي شخص يثق تماما بنزاهته
- لم تبلغ الشرطة بعد اليس كذلك
- طلبت مني ان انتظر ماذا ستفعل يا خافيار
استدار صديقه وشعر للحظة بالاسي علي المجرم بدا وجه خافيار الطويل الحاد الاستقراطي الملامح خاليا من اي تعبير وراحت عيناه العميقتان تلمعان غيظا كان سيرج يعلم ان خافيار لا يتسامح مع تجارالمخدرات ولا يتعاطف مع المتعاطين لاسيما اذا كان احد العاملين في الفندق من المروجين فاخته الصغري كانت تعاطت المخدرات وكادت تموت بسببها قال "سنزور لويس"
حاولت كايت اندرسون اخفاء صدمتها وهي تنظر الي الصور التي سلمتها اياها اختها الصغري بصمت بعد ان سألتها " لايمكن ان يكون الامر سيئا الي هذه الدرجة
تنهدت وهي تحاول النظر باجابية الي هذا الوضع السلبي ثم اعادت الصور الي شقيقتها قائلة
- قد يكون اي شخص .....
***
من مزق هذه الصور ورماها علي الارض
كانت الشقيقتان تعلمان ان هذا الكلام كلام فارغ بما ان الصور السلبية ليست بحوزتهما
اضافت سوزي وقد ارتسمت علي وجهها ثقتها الكبري بقدرة اختها علي حل هذه المعضلة فهي تفعل ذلك بنجاح منذ 20 سنة
- انا من مزق الصور عليك ان تساعديني يا كايت عليك ان تتصرفي لاتخبري ابي وامي ..... قد اموت ان ..
اطرقت كايت وهي يفكر برد فعل والديها ااذا رايا صور ابنتهما الصغري اعترفت سيبدو الامر غريبا عندئذ. لم تشأ كايت ان تفكر فيما سيحصل لو وقعت هذه الصور في ايدي الصحافة فهي واثقة ان عددا من الصحف سيسر بنشر صور فاضحة لابنة احد قضاة المحكمة العليا
- ماذا سأفعل اذا ارسل هذه الصور الي كريس سيظن كريس عندئذ انني علي علاقة بغيره
- الست كذلك
- ارتفع صوت سوزي ارأيت انتي ايضا لا تصدقينني لويس مجرد صديق اقضي معه وقتا ممتعا انت لا تصدقينني اليس كذلك اعرف هذا
- قالت كايت وهي تركز علي المشكلة التي تواجهمما
-اصدقك والان اسكتي يا سوزي فانا افكر
قطبت كايت وبر ز تعارض لون حاجبيها الكثيفتين مع لون شعرهاالذهبي الذي ورثته واختها عن والدتهافيما راحت تعض شفتها السفلى باسنانها البيضاء المستوية
- لم تكن ملامح كايت متناسقة بخلاف اختها كان فمها كبير وممتلئ وانفها المعقوف لم يدفع الرجال يوما للتغزل بها اما عيناهاالبنيتان اللوزيتان فاجمل ملامح وجهها دون شك لكنهما مختبأتان دوما خلف نظارتين اطارهما كبير
- كان انطباع الناس الاول عن كايت اندرسون هو انها امرأة شابة ذكية فطنة وتخزن الكثير من الطاقة في داخلها ورثت سوزي مظهر أمها . و لم تعد كايت قادرة علي احصاء المرات التي سمعت فيها والدتها تقول هذا وهي تحاول اخفاء عيوب ابنتها الكبري كايت اما والدها فكان يضيف بلطف" انها تعوض عن النقص في جمالها الخارجي بشخصيتها الفذة التميزة
كانت كايت تعلم ان هذا الكلام صحيح فلم تستأ منه كثيرا لقد منحتها حساسيتها اسلوب حياة تستمتع به لكنها تتمني احيانا خاصة حين تري رد فعل الرجال عند رؤية اختها لو حظت بالقليل من الجمال
ظهر الانزعاج علي وجه سوزي الجميل بسبب تشتت افكار كايت فهي غالبا ما تلقي تجاوبا اكثر من هذا حين تذرف الدموع، رمت كايت بنفسها علي الكرسي ووضعت يدها علي خدها وقد بدت ساخطة جدا
- لم تورطي مع ذلك الرجل منذ البداية الست مخطوبة لكريس اكل شيئ علي ما يرام بينكما ام انك بداتي تترددين بشأن علاقتك به
قطبت سوزي وقالت
- لا تقولي مجددا انني ما زلت صغيرة وانه لم يحن الوقت لاستقر
ثم هزت رأسها وتابعت
-انا لست مثلك انا لا اطمح الي بناء مستقبل مهني وخطوبتي لا تعني انه يحظر علي ان امرح
لم تتقبل كايت موقف سوزي هذا فهي عنيدة للغاية ولكنها ليست قاسية القلب كما تحب ان تدعي
- اردت ان تمرحي اما استطعت ان تمارسي لعبة الكرة الطائرة
ابتسمت سوزي ومدت ساقها الطويلة المسمرة الي الامام
- حسنا لو وصلت الاسبوع الفائت كما كان مقررا لما شعرت بالملل ......
- خطر لكايت ان سوزي هي الشخص الوحيد القادر علي اللف والدوران لتحمل اختها في النهاية المسئولية سوزي حقا لاتطاق
- اضطررت للعمل وانتي تعلمين هذا
صرخت سوزي باشمئزاز
-العمل هذا كل ما تفكرين فيه لا عجب ان سيب قطع علاقته بك
رفعت راسها و ازاحت خصلة من شعرها الاشقر عن عينها ثم ابتسمت معتذرة
- اسفة كان هذا قاسيا مني
واردفت تدافع عن نفسها
-كانت هذه العطلة سيئة حتي قبل ان اتعرف الي لويس اذ راح ابي وامي يزوران الكنائس والاماكن الاثرية وارادا ان ارافقهما فشعرت بالملل
ان قضاء الوقت في زيارة الاماكن الاثرية لم يكن ابدا طريقة سوزي في المرح واضافت
- لطالما قلت ان فكرة قضاء العطلة مع العائلة في عمرنا هذا امر مثير للمتاعب
- عجزت كايت عن منع نفسها من التعليق ظننتك قلت ان فكرة قضاء العطلة مع العائلة ليست سيئة عندما علمت ان ابي سيسدد تكاليفها كلها
- اشكر الله علي انهما لم يختارا ذلك المكان الملل في الجبال الذي احببته كثيرا فما من شيئ يستطيع المرء فعله هناك سوي مشاهدة العشب ينمو
- كما ان ما من لويس هناك
قالت سوزي بسرعة
-في الواقع يا كايتي اظا انه وضع شيئا ما في كوب العصير عندما نزلت الحوض اعني انا لست متأكدة لكني اعرف فتاة تعرضت لهذ ا مرة
لم تلاحظ سوزي مدي خوف كايت واكملت حديثها من دون ان تعي انها جعلت الدم يجمد في عروق شقيقتها
- من حسن الحظ وصلت مجموعة من اصدقائها في الوقت الذي بدات فيه المادة الموضوعة في العصير تعطي مفعولها فهرب الشاب المسئول عن ذلك اما هي فانهارت وواجهنا صعوبة كبيرة في اعادتها الي المنزل
وتابعت سوزي وقد ظهر بعض التحفظ في كلامها مما فاجأ كايت
- كان شعوري مماثلا لشعورهاا بعض الشيئ كنت شبة عاجزة عن العودة لغرفتي شعرت بدوار وغثيان خفيف
- ردت كايت باشمئزاز " يا له من منحط علينا ان نبلغ الشرطة
سخرت سوزي منها
-كوني واقعية يا كايت فانا انتبه عادة الي مثل هذه الامور فلا اترك ابدا ما اشربه علي الطاولة بل احمله معي باستمرار وطبعا لا اخذ مرطبا او اي عصير يقدمه لي رجلا لا اعرفه
استمعت كايت الي الاحتياطات التي تعددها سوزي و الغريبة تماما عنها وتسائل عما اذا كانت بطبعا شخصا يثق كثيرا بالناس او متهورة تماما فهي لم تأخذ يوما مثل هذه الاحتياطات .... لكنها تذكرت انها لم تواعد يوما شبانا اغرابا بل صدقاء لاصدقائها او زملاء لها في العمل
- ما يغيظني حقا انه لم يحاول ابدا التحرش بي فكل ما كان يسعي وراءه هو مال ابي
- حسنا الحمد لله علي ذلك
- اشعر انني كنت غبية جدا كنت اتساءل عن افضل طريقة لقطع علاقتي به ظننته مغرما بي
ثم انت بحزن وتابعت تقول
-يا الهي ياكايت ماذا يجب ان افعل
وضعت كايت يدها حول كتف شقيقتها الصغري وضمتها الي صدرها ثم قالت لها
- لا تقلقي يا سوزي ستسوي الامور آمل ذلك
رفعت سوزي وجهها الملئ بالدموع فجأة وقالت -اذن ستقرضينني المال كي ادفع له
ردت كايت مستاءة من فكرة تعرضها للابتزاز
- لن نعطيه فلسا واحدا ساحضر الصور و الصور السلبية ايضا
- ولكن كيف
اقرت كايت ب صراحة
-هذا ما لم اتوصل اليه بعد
- اسمعي كايت لا اظن ان هذه فكرة حسنة ما اقصده هو ان لويس لن يسلمك الصور بسهولة اليس كذلك فقد رأيته مرة او اثنتين يخاطب اشخاصا مريبين في الواقع اظنه شريرا
- وكشرت ثم اضافة اظن بصراحة ان الخطر هو ما جذبني اليه اتعرفين ما اعني
ونظرت الي اختها الكبري التي رفعت النظارات عن انفها
-لا اظنك تعرفين ما اعني اعلم انك تظنين انني انانية لكنني قد اذرف عليك دمعة او اثنتين في حال اصابك مكروه بسببي
اخرجت كايت محرمة من جيب سروالها القصير وربتت علي انف شقيقتها الزهري
-لا تقلقي فانا لا انوي ايذاء نفسي يا سوزي
***
انتظرت كايت حوالي ساعة في الظلمة الي ان تأكدت من ان المنزل فارغ استنفذ الانتظار الكثير من شجاعتها وحين حان الوقت لاقتحام المنزل شعرت بالغثيان وراح قلبها يخفق بشدة فخيل اليها ان صوت نبضاته مسموع لم تشعر يوما بخوف كهذا حتي يوم وقفت تترافع للمرة الاولي في المحكمة بعد ان اصبحت محامية
يا لحظها فتح الباب من المحاولة الاولي شعرت بالارتياح اذ ادركت انها لن تضطر ال اختبار براعتها في فتح الاقفال واعادت بطاقة الاعتماد التي احضرتها لفتح القفل لجيب بنطلونها الاسود الخلفي وسوت قلنسوتها التي غطت شعرها الاشقر كله
اضاءت مصباحها وجالت به في انحاء الغرفة المظلمة بعدئذ شقت طريقها بخفة بين الثياب المرمية علي الارض ارتعش جسمها وحبست صرخة كادت تطلقها عندما تعثرت بقميص مرمي علي الارض هذه المغامرة تثير اشمئزازها وخطر لها انه بعد انتهاء كل هذا ستتناول شرابا باردا وتأخذ حماما ساخنا ثم احنت رأسها وهي تسلط مصباحها علي خزانة
كانت يداها ترتجفان كثيرا لذا تطلب فتح الجارور الاول محاولتين وهمست "علي ان اركز "
ثم اخذت نفسا عميقا وتشجعت وفكرت وهي تمرر اصابعها علي مغلف بدا مثيرا للاهتمام " اليوم يوم حظي
وفجأة فقدت السيطرة علي نفسها واطلقت صيحة رعب حين انار الغرفة مصباح قوي وقبل ان تتمكن من النظر الي الوراء احاطت بها ذراعان قويتان ثبتتا يديها علي صدرها فتقوس جسمها وارتفعت رجلاها عن الارض
معرفتها المحدودة للغة الاسبانية لم تمكنها من فهم الاصوات الغاضبة المتقطعة التي وصلت الي اذنيها راحت تحذيرات سوزي من ذلك المبتز واصدقائه الشبوهين تطن في اذنيها فاخذت تقاوم بقوة و راحت تضرب بيدها الطليقة محاولة الحاق اكبر ضرر ممكن بمحتجزها عله يخفف من قبضته المحكمة ووقع كرسي وعدد من الاغراض من بينها نظاراتها ضحية محاولاتها الضارية لتحرير نفسها
لكن محتجزها ابي افلاتها حتي عندما داست بقوة علي قدمه تماما كما تعلمت في صف الدفاع عن النفس ارتاحت قليلا عندما علمت انها آلمته بشدة لانه تمتم كلاما بدا لها انه شتيمة
لم تكن كايت قصيرة القامة ورغم نحول جسمها فهي ليست ضعيفة وتحافظ علي رشاقتها بممارسة الرياضة والجري باستمرار لكنها سرعان ما ادركت انها لا توازي محتجزها قوة وبدا جليا ان امساكها لم يكن مهمة عسيرة علية اذ ما يزال يتنفس بشكل طبيعي جدا ادركت ان الحوار هو الطريقة الوحيدة لخلاصها من هذا المأزق خاصة وانها محاورة جيدة قالت وهي تحاول الافلات
- ارجوك ..... دعني
- انكليزي
شكل هذا السؤال الذي دوي في انحاء الغرفة الدليل الاول علي ان محتجزها لا يفوقها قوة فحسب بل عددا ايضا
- اانت انكليزي ؟
ظهر في الصوت الخفيض القريب من اذنها بحة ضعيفة جذابة و خطر لها انه حتما احد اصدقاء النادل و تذكرت تعليقات سوزي علي انكليزية لويس الرائعة
ردت بكل فخر
- طبعا انا انكليزية
- دوي صوت في انحاء الغرفة
-امرأة!
قال محدثها بخشونة قبل ان يعود التحدث بالاسبانية
- لقد لاحظت ذلك
فكرت كايت وهي تحاول جاهدة فهم كلامه لابد انه يناقش ترتيبات التخلص من جثتي كم من الوقت سيمر قبل ان يفتقدني احدهم وايقنت برعب ان احدا لن يفتقدها قبل الصباح علي اقرب تقدير
كانت قد تركت والديها قبل العشاء مدعية انها تعاني من الصداع واذا استمرت سوزي بتناول الطعام بشراهة كما كانت تفعل فلربما ستموت الليلة او تقضي امسيتها في المستشفي
- سأضعك ارضا الان ولا تحاولي الهرب
هزت كايت رأسها موافقة رغم انها مصممة علي عدم تنفيذ الامر ما ان تتاح لها الفرصة المناسبة
وبعد ان تحررت من القبضة الفولاذية ولامست رجلاها الارض مجددا بدت كايت غير متماسكة لكن اعصابها لحسن الحظ كانت اكثر متانة رفعت ذقنها قليلا وارتدت حلة البراءة وهي تستدير لتقابل اعدائها
قالت وقد رفعت يدها لتحمي عينيها من ضوء المصباح
- اتستطيع ابعاد هذا المصباح عن عيني
و استجاب احدهم لطلبها بعد لحظة
رأت الشخص الذي يقف علي مسافة منها ظلالا بعد ان فقدت نظاراتها لكنها علمت انه شخص يهددها اما الشخص الذي امسك بها فقد كان مختلفا كان قريبا جدا منها لذا تمكنت من رؤيته لاحظت انه شأنها تماما مغطي بالاسود من رأسه الي اخمص قدميه
كانت قد احست بصدره القاسي وبعضلاته القوية اثناء مقاومتها له لكن ما رأته بعدئذ جعلها صامته صمت القبور رمشت بعينها مرارا وهي تحاول تمييز ملامح مهاجمها الذي تبين وبسخرية من القدر انه الرجل الاشد وسامة ورجولة ممن التقتهم في حياتها فهو يتمتع بموصفات رائعة
كتفان عريضتان وركان نحيلان وساقان طويلان اما وجهه ........ فحدث بلا حرج
يا الهي يا لجمال وجهه عجزت عن ايجاد صفات ملائمة تصف بها جماله وغرقت في تفاصيل ملامحه الجذابة البارزة
وجهه قاس كمن لا يقبل التسوية جبينه عال في دليل واضح علي حدة ذكائه انفه الحاد ذكرها بالتراث المغربي الذي رأته في انحاء عدة في اسبانيا وجداه المنحوتان بروعة و المفعمان بالحيوية يشدان بشرة وجهه الذهبية اما فمه فمزيج يخطف الانفاس من السيطرة والشغف ولفتها جسمه المنحوت الذي يجعل من المستحيل تجاهله ولو بين حشد من الناس وطبعت عيناه الزرقاوان الغريبتان ورموشه الكثيفة بصفة الاستثناء لا بل الغرابة
ضاقت العينان الزرقاوان حين راح يتأملها كما فعلت هي لكنه لم يبد معجبا بما راي
بعدئذ سألها وقد نفذ صبره
- والان يا آنستي اين غوانزاليس؟

العروس المبتزةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن