الثأر 1

11.6K 118 4
                                    

كنت ارتب سريري حين سمعت اصوات مرتفعة من الطابق السفلي.. التفت نحو الباب وانا اسير بإتجاهه.. فإذا بصوت اطلاق نار يدوي في انحاء المنزل.. تجمدت في مكاني.. اطلاق نار آخر تستطحبه صرخة والدتي.. تملكني الهلع فاستدرت في غرفتي باحثة عن مكان اختبأ فيه.. لم اجد سوى اسفل السرير.. سمعت صوت اقدام تصعد السلم فأسرعت بإخفاء نفسي تحت السرير و قلبي يكاد يقفز من بين اضلعي من شدة الخوف..

ثم سمعت حديث من بعد امتار عن غرفتي..

ـ رامي هذا طفل

ـ و يعني؟ اتخلص منه بعد شافنه

ـ م..ما اكدر

صوت بكاء اخي.. اخي يزن.. كنت على وشك ان اخرج من مخبأي الا ان صوت اطلاق النار استوقفني بغتة..

ثم صوت من يدعى رامي: اصلا انته يا يوم كدرت تسوي شي, انزل لعالدل شوفه خاف يحتاج مساعدة

ثم استمرت الخطوات نحو غرفتي.. كنت كالخشبة.. لا اتحرك.. لا اتنفس.. و لا اشعر بشيء..

كل ما افعله هو النظر الى باب غرفتي و التساؤل.. لما لم يعد اخي يبكي.. هل اسكتوه لكي لا يزعجهم؟.. هل هرب؟.. يزن, اصدر صوتا رجاءا..

ثم رأيت حذاء اديداس بيضاء تدخل غرفتي بخطوات هادئة.. و كأن من يرتديهن يلقي نظرة حول الغرفة.. كل ذرة في جسمي تشنجت بشكل مؤلم.. بدأ الرجل بالتحرك داخل غرفتي.. الى ان قرر ان يفتح خزاناتي.. باب تلو الباب.. و جرار تلو الجرار.. و كان يخرج كل ما يجده ثمينا.. عندما وصل الى الجرار السفلي انحنى.. فاستطعت رؤيته.. انه شاب.. في بداية العشرينات.. يرتدي قبعة شتوية على رأسه و حقيبة مدرسية بيده.. يأخذ مجوهراتي ليضعهن في الحقيبة..

نادى احدهم من الاسفل: يالله رامي اكو حركة بره!

اسرع رامي بالنهوض و اخذ حقيبته و غادر..

سمعت حركة في الاسفل.. اقدام و اصواتهم الخافته.. ثم عم الهدوء.. هدوء قاتل.. عقلي يعلم بإنهم غادروا.. لكن جسدي لا يود المطاوعة.. يريد البقاء في مكانه.. يخشى من ما قد يلقاه ان نهض و خرج من هنا.. لا اعلم كم بقيت على وضعيتي.. لكني لم اصحى على نفسي الا حين دخلت جارتنا العجوزة سوزان الى غرفتي.. كانت تصرخ.. تنادي بإسمي..

اجبت بصوت بالكاد يُسمع: انا هنا

انحنت تنظر الى اسفل السرير فرأتني.. معالم وجهها لا تفسر.. ما بين الفزع و الحزن و الفرح..

امسكت بيدي و ساعدتني على الخروج من مخبأي: شكرا لله على سلامتك, ظننتكِ اختطفتِ

تركت يدها و أسرعت بخطوات متعثرة الى خارج غرفتي.. نزلت من على السلم و انا اكاد افقد توازني بقدماي المرتجفتان.. ثم توقفت عند نهايته.. و شهقة مؤلمة تصدر مني.. والداي.. ممدان على الارض.. و الدماء تصنع بقع كبيرة على الأرض.. كلاهما اصيبا في القلب.. اجتاح ألم فضيع قلبي.. و كأنني انا من أصيب.. استدرت و انا اشعر بالدوار.. ثم صعدت خطوة خطوة على السلم.. اصبحت لا ارى جيدا.. و كأن احدهم بدأ يطفئ الانوار.. وصلت الى غرفة اخي.. اجبرت قدماي المتحجرتان على أخذ الخطوات الاخيرة حتى وقفت عند بابه المفتوح.. يزن.. ممدد بالقرب من النافذة.. دمائه تسيل من صدره.. عيناه الشبه مفتوحتان.. و ما زالت الدموع تبلل وجنتاه..

رواية الثأرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن