لا أريد عشيقة

33.2K 438 4
                                    


على الاقل هو رفض مقابلتها بالرغم من انه يعرف حتما سبب وجودها هنا ابقت ليوني ملامح وجهها خالية من التعابير ,اذ ادركت ان عيون الموظفين في الجوار تلاحقها بنظرات فضولة ,لاشك ان غياب والدها المترافق مع وصول فيدال سوف يثير بعض الشكوك,لكنها لاتعتقد ان الحقيقة الكاملة باتت معروفة لدى الاخرين .منتديات ليلاس
بدا منظر الرجل الذي خرج من المكتب الذي كان في السابق مكتب والد ليوني بعيدا جدا عن السرور,لايمكنها ان تلومه لانه تجنب ملاقاة عينيها .منتديات ليلاس
لحسن الحظ انه لم يفقد وظيفته بسبب عدم ادراكه لما يدور حوله ,انتظرت ليوني لن يتم استدعاؤها الى الداخل الصومعة وهي تخشى لحظة المواجهة .منتديات ليلاس
مضت سنتان على اخر مرة رات فيها الرجل الذي سوف تتوسله ان يرفق بوالدها ,مضت سنتان على اخر مرة قالت له فيها انه اخر رجل على وجه الارض قد تفكر بالزواج به ,ان كان هذا الرجل مايزال يكن لها الضغينة بسبب ذلك الامر فليست امامها فرصة كبرى بان يتجارب مع توسلها ,لكن بالرغم من ذلك يجدر بها ان تحاول.منتديات ليلاس

لاحظت ليوني ان المراة الجالسة الى المكتب الذي كانت تشغله عادة سكرتيرة والدها هي موظفة جديدة ,نظرت المراة نحو ليوني فيما سمع صوت هاتف الاتصال داخلي ,وبدا الفضول مرتسما بوضوح في عينيها حين قالت
_يمكنك ان تدخلي الان
نهضت ليوني من مكانها وقومت كتفيها استعدادا للمواجهة القادمة ,في الواقع,لن تستغرب ان تخرج من مكتب فيدال مجددا خلال دقائق معدوة بعد ان يطردها ,لن يفاجئها ان طلب منها ان تغرب عن وجهه ,فذلك ليس سوى حق من حقوقه
راقبها فيدال باريلادوس سانتوس بصمت للحظة مطولة ,فيما لم تكتشف ملامح وجهه عما يجول في راسه ,اتكا بشكل لامبال الى اطار النافذة وهو يرتدي بذلة رسمية ذات لون رمادي يميل الى الفضى .
قال بلغته الانكليزية الممتازة :منتديات ليلاس
_تغيرت قليلا.
اشار الى الكرسي الموضوع على جانب المكتب الواسع وقال :
_ارجوك اجلسي !
ردت ليوني :
_من الافضل ان ابقى واقفة .
استنشقت نفسا ثابتا ,ولاقت عينيه الداكنتين مباشرة وهي تقول :
_اظن انني لست بحاجة الى اطلاعك على شعوري تجاه مافعله والدي فهو .....استغل ثقتك به ويستحق ان يدفع الثمن .
حثها فيدال حين لاحظ ترددها قائلا:
_لكن .......؟
قالت ليوني :ليلاس
_لكن السجن قد يقتله .
رفع فيدال حاجبيه السوداوين بتهكم وقال
_ماالذي تقترحينه ؟هل ادعه ينجو بفعلته .
وضعت ليوني كل طاقتها في محاولة الابقاء على راسها ثابتا وقالت :
_انا فقط اطلب منك ان تمنحه بعض الوقت لكي يسوي الاوضاع مجددا ,هو قادر على تسديد كل مايدين لك به من خلال رهن المنزل مجددا.
_وكيف يمكنه ان يرتب امر الرهن من دون ان يكون لديه وظيفة؟
علت وجه فيدال ابتسامة كادت تكون مرحة عندما فشلت ليوني في الاجابة ثم تابع
_اتتوقعين مني ان اعيده الى منصبه السابق ايضا ؟
ردت ليوني :
_لن يحظى بوظيفة ابدا اذا قمت بملاحقته قانونيا ,مايعني انه لن يكون في موقف يسمح له بتسديد الديون المتوجبة عليه.
_اتعنين ان حرمته من اي فرصة تالية كي يتلاعب بالحسابات المصرفية ؟
ادركت ليوني انها ابتلعت الطعم بسرعة ووقعت في الفخ قالت :
_ذلك يبدو منطقيا اكثر من زجه في زنزانة .
درس فيدال ملامح وجهها اللطيف الجذاب الذي يؤطره شعرها الاحمر ثم تابع تحديقه متعمدا على امتداد جسدها الطويل المتناسق قبل ان يرفع نظره مجددا ,احنت ليوني ذقنها ,وقد تالقت عيناها الخضراوان فيما لاقت عينيه مجددا,مايزال انجذابه نحوها قويا كما عهدته في السابق ,وذلك ماابعدها عنه في مامضى ,هذا الرجل معتاد على الحصول على مايرغب به ,لذا فان رفضها الزواج منه لاقى عدم التصديق الكامل من قبله في بادئ الامر ,تبع ذلك السخط البارد عندما اضافت ليوني الاهانة الى جرحه بما قالته حينها ,لكنه مع ذلك لم يفجر غضبه في وجه والدها في ذلك الحين.
سالها فيدال :
_هل ارسلك والدك حتى تدافعي عن قضيته؟
هزت ليوني راسها نفيا :
_هذه فكرتي انا ,انا لا اصفح عما فعله والدي ,لكنني اكره رؤيته محتجزا في السجن انا واثقة انه لن يقوم باي مقامرات اخرى بعد الان.
ساد الصمت مطولا وتمنت ليوني لو ان بمقدورها ان تعرف ماالذي يجول في راس ذلك الرجل الاسمر المتغطرس .
سالها فيدال بعد مدة :
_اتظنينه مستعدا لمتابعة عمله هنا نظرا الى الظروف الحالية ؟حتى الان لايعرف حقيقة الامر الا شخص واحد فقط ,لكن من المحتمل ان يشك الاخرون بالموضوع.
انتبهت ليوني انها تحبس انفاسها فاطلقتها بتنهيدة حذرة ثم قالت :
_سوف يضطر الى التعايش مع هذا الامر ,انه جزء من الثمن الذي يجب ان يدفعه .
استقام فيدال في وقفته وابتعد عن اطار النافذة بهيئته البرتغالية المليئة بالحيوية وطوله الذي يبلغ الست اقدام ثم قال :
_انا بحاجة الى بعض الوقت للتفكير بالامر,سوف اعطيك جوابي هذه الليلة .....في شقتي .
هز راسه ما ان فتحت ليوني فمها لتعترض ,فيما ظهر لمعان قاس في عينيه
تابع يقول :
_الثامنة مساء الا اذا كنت تفضلين تسوية المسالة هنا والان .
علمت ليوني بالضبط ماالذي يعنيه بالتسوية التي سوف تواجهها عند الساعة الثامنة ,حسنا !لاجدوى من التوسل اليه ,ان ارادت ان تحقق النجاح في ماتصبو اليه ,فسوف تدفع الثمن بدورها
لم تبذل ليوني اي مجهود لاخفاء امتعاضها فيما نظرت اليه وقالت :
_حسنا !كان يفترض بس ان اتوقع هذا .
قوم فيدال كتفيه العريضتين فيما بدت ملامحه قاسية عديمة الرحمة ثم قال :
_اظن انني استحق بعض التعويض ,لكن الخيار يعود اليك بكامله .
استدارت ليوني من دون ان تتفوه باي كلمة اخرى وغادرت المكتب ,اتجهت نحو المصعد من دون ان تلتقت يمينا او يسارا
هناك امر واحد مؤكد (لن يجدد فيدال عرضه بالزواج منها هذه الليلة )
سوف يبحث عن طريقة ليهينها تماما كما اهانته هي منذ سنتين ,مجرد تفكيرها بذلك جعلها تشعر بانقباض في اعماقها ,لكن ان كان ذلك يعني بقاء والدها خارج السجن فسوف تضطر الى التعايش مع الامر.
في طريق عودتها الى المنزل اخذت تفكر بالرجل الذي غادرت مكتبه للتو ,فيدال باريلادوس سانتوس هو ظاهرة فريدة ,فقد اصبح احد ابرز الصناعين الناجحين في اوربا وهو مايزال في الخامسة والثلاثين من عمره فقط على الرغم من انه كان بمقدوره ان يسير متباطئا في دروب الحياة ,فهو وريث عائلة ارستقراطية برتغالية ,منتديات لقابلته ليوني لاول مرة بعد اسابيع قليلة من تولي والدها منصب رئيس المحاسبة في شركته في لندن,لابد لها ان تقر بانها شعرت بالانجذاب نحوه في بادئ الامر ,فقلة من النساء يمكنهن مقاومة مظهره الجذاب ,الا ان افتراضه المتعجرف بانه قادر على الحصول على اي امراة يريدها ضايقها ,اما ما سبب لها الصددمة فهو عرضه الزواج عليها لم تقع ليوني فريسة اي اوهام,اذ ادركت ان كل مايراه فيها وجل ًمايشتهيه هو القشرة الخارجية فقط ,انه لايعرف شيئا عن الشخص الموجود في داخلها ,كما انه لايريد معرفة شيء عن ذلك.
فما ان يسام منها حتى يتخلص منها كما يفعل بنسائه الاخريات .
يومها لم يعرف والدها شيئا عن عرضه الزواج بها ,بعد ان توفيت والدتها منذ اربعة اعوام ,لم يبد والد ليوني اهتمام باي شيء سوى العمل او هذا ماكانت تظنه ,لم تعرف ليوني متى بدات لديه مشكلة المقامرة ,لكن يبدو انها استمرت بما يكفي حتى تجعله يسلب اكثر من ثمانين الف جنيه من اموال الشركة.
شعرت ليوني بالقلق على والدها ,ان زجه فيدال في السجن فسوف تسوء صحته ,وربما تخسره كما خسرت والدتها من قبل,ان كان تفادي ذلك يتطلب تضحية منها فهذا ماعليها ان تقوم به .
كانت الساعة قد تجاوزت الرابعة حين وصلت ليوني الى منزلها في تلال نوثوود ,وهو المنزل الذي تتشارك به مع والدها ,انها في السادسة والعشرين من عمرها وتكسب راتبا محترما .
بحيث يمكنها ان تتحمل نفقات الحصول على منزل خاص بها لكنها ترفض ان تنتقل الى مكان اصغر ,كما انها لم تقو على ترك والدها يعيش في المنزل وحيدا.
كان ستيورات باكستر يجلس الى منضدته في غرفة المكتب ,يلعب بتكاسل باللعبة المخصصة للاشخاص الذين يمارسون وظيفة ادراية ,وهي لعبة اهدته اياها ليوني لمناسبة عيد الميلاد الماضي ,رفع نظره عندما دخلت ,فيما بدت عيناه ذاويتين وتعابير وجهه ذابلة .
قال لها بكابة :
_لم اتبلغ اي شيء بعد ,مازلت اتوقع وصول الشرطة في اي لحظة !
بذلت ليوني الكثير من الجهد كي لاتبدو محبطة فقالت :
_قد لايصل الامر الى هذا الحد ......ذهبت لمقابلة فيدال من الواضح انه ليس مسرورا حيال الامر,لكن هنالك فرصة بالا يرفع دعوى قضائية بحقك و.....ربما سيبقيك في منصبك اذا ماتدبرت امر تسديد المبلغ الذي اخذته.
حدق بها ستيورات بصمت للحظة مطولة ,فيما تلاحقت على وجهه مجموعة مختلفة من التعابير .اخيرا سالها :
_كيف بحق السماء تدبرت ذلك ؟انت بالكاد تعرفين الرجل !
شبكت ليوني اناملها خلف ظهرها وقالت :
_توسلت الى طبيعته الجيدة الطيبة
_لم يعطني اي انطباع بانه يمتلك طبيعة كهذه عندما قابلته امس .
توقف ستيورات مجددا عن الكلام ثم قال :
_ماالذي قلته له بالتحديد ؟
_اكدت له انك مستعد لان تقطع اناملك بنفسك قبل المخاطرة بالمقامرة مجددا ,انت لن تفعل ذلك من جديد اليس كذلك ؟
ظهرت ابتسامة ملتوية على فم والدها وقال
_تعلمت درسا قاسيا في هذا المجال صدقيني !
هز راسه والابتسامة ماتزال بادية عى وجهه ثم قال :
_هذا اكثر مما كان بمقدوري ان امل به .....اكثر مما يمكن لاي كان ان يامل به !
تردد ستيورات قبل ان يضيف :
_افترض ان الجميع اصبحوا يعلمون بالامر,اليس كذلك ؟
_شخص واحد فقط يعلم به ,لكن لاشك انه سيتم تبادل بعض الاحاديث بين الموظفين.
اضافت ليوني بجراة :
_على اي حال مواجهة الثرثرة افضل من دخول السجن اليس كذلك؟
هز والدها راسه قائلا
_نعم ,بالطبع !لاتظني اني لست ممتنا ,فانا باكاد اصدق انه لايفكر بملاحقتي قانونيا ,فما بالك بان يبقيني في منصبي ؟هل اعطاك اي تلميح عن الوقت الذي ينوي فيه اعلامي بقراره هذا
_اتوقع ان تعرف شيئا مع حلول يوم غد .
تركت ليوني والدها ليفكر بالامر,وتوجهت الى غرفة نومها في الطابق العلوي ,شعرت انها بحاجة الى البقاء بمفردها لبعض الوقت ,يجدر بها ان تتمالك نفسها تماما ,وان تركز على امر واحد فقط هو اخراج والدها من الورطة التي اوقع نفسه فيها .
لايمكنها ان تنكر الانجذاب الجسدي الذي تشعر به حيال فيدال ,احست بذلك الانجذاب ماان وقعت عيناها عليه مجددا ,لطالما قرات على صفحات المجلات اخبارا عن مغامراته العاطفية مع نساء مختلفات خلال السنتين الماضيتين ,لكن ايا من تلك العلاقات لم تدم طويلا لو انها كانت غبية بما يكفي حتى تتزوج به ,فمن المحتمل جدا ان تصبح واحدة منهن هي نفسها ,اما الفارق الوحيد فهو انها كانت ستحصل منه على اموال تكفي لجعلها تعيش في بحبوبة حتى اخر حياتها ,ربما يعتبرها البعض غبية لعدم استغلالها تلك الفرصة التي سنحت لها في ذلك الحين
لم تبذل ليوني اي مجهود في اختيار ملابسها لهذا المساء ,فاختارت تنورة رمادية عادية مع قميص بيضاء ,لن تسمح لنفسها بالتورط في اي عواطف بتاتا مع فيدال ,فهذا هي الطريقة الوحيدة التي ستمكنها من تخطي المسالة
حجزت لنفسها سيارة اجرة كي تقلها الى المدينة مجددا ,فهي لم تشعر انها في حالة تسمح لها بمواجهة رحلة اخرى بالقطار ,من جهة اخرى ,تركت الباب مفتوحا امام جميع الاحتمالات فاخبرت والدها انها سوف تلتقي صديقة لها ,وانها قد تمضي الليلة في شقتها.
توقفت سيارة الاجرة خارج مبنى المايفير الكبيرالذي يشرفه فيدال بحضوره عندما ياتي الى لندن ,فهو يحتفظ بعدة اجنحة محجوزة باسمه في الفنادق الفخمة في عدد من المدن الهامة ,يقع الجناح الذي يشغله في الطابق العلوي للمبنى وهي تعرف رقم الجناح الخاص به ,لذا تمكنت على الاقل من تجنب السؤال عنه في مكتب الاستقبال ,احست كانها امراة مستهترة تسعى الى جناح عشيقها الغني على الرغم من ان ذلك ليس حقيقيا .
اخذت ليوني نفسا عميقا قبل ان تقوم بقرع الباب ,فتح فيدال الباب ,وراقبها بعينين متفحصتين من تحت حاجبيبن مرفوعين فيما وقفت تنتظر هناك بصمت ,لاحظت انه يرتدي سروالا وقميصا عاديين لكنه لم يبد اقل روعة مما بدا عليه قبل قليل علق فيدال :
_انت دقيقة في مواعيدك ادخلي !
مع ان باب الجناح واسع بما فيه الكفاية الا انها احست انه قريب جدا منها الى درجة الازعاج عندما دخلت وصلت ليوني الى غرفة الجلوس الواسعة وسرعان مالاحظت ان الهندسة الداخلية للجناح تم تغييرها منذ زيارتها الاولى الى هنا ,شكلت الالوان المنتقاة الان لجناح فيدال سيمفونية انيقة من تدرجات اللونين الرمادي والازرق المتمازجين ,تتخللها بعض اللمسات القرمزية ,اما السجادة تحت قدميها فتمتد كبحر فضي ذي موج رمادي نحو النوافذ ذات الستائر الجميلة .

من يتحدى القدر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن