اللعنة الخشبية {مكتملة}

الفصل الاول"تعويذة فاشلة"

اللعنة الخشبية
##################

عام 1780

نسمات الهواء شديدة البرودة تمر على ارض القرية البيضاء المغطاة بالثلوج الناعمة غيوم الليل الشاحبة قد غطت السماء مخفية القمر
معلنة بدء ليلة عاصفة بطقس حاد مما جعل شوارع القرية فارغة تماما من البشر

عدا من شارع فى أطراف القرية شق صمته صوت اصتدام حوافر فرس بالثلوج حتى اوقفه راكبه عند احد الاكواخ
كان كوخاً منعزلاً تحيطه هالة خاصة به

هالةٌ تجعلك تشحب كشحوب سماء الليلة

نزل الرجل من أعلى الفرس وتقدم بثباتٍ وهو يمنع عباءته من الانزلاق تحت قدمه
فقد كانت عباءة طويلة فضفاضة بنية بها غطاء للرأس فأخفى بها وجهه..لتختفى هويته

طرق باب الكوخ الخشبى ليُشق الصمتُ من جديد وما هى إلا ثوانٍ معدودة حتى سمع الرجل صوت ازيز الباب

فدفع الباب برفقٍ ودلف للداخل حيث كانت تقف عجوز بشعر أبيض طويل وعباءة سوداء

تبينها الرجل من المصباح فى يدها فهو الشئ الوحيد الذى كان ينير فى عتمة الكوخ

توجهت هى لأحدى الكراسى وتبعها هو فجلست و جلس مقابلاً لها

لتبدأ هى الحديث
-اذاً؟؟

-تعويذتك فشلت

-الساحرة ماريا لم يفشل لها تعويذة قط..لا بد أن الخطأ من عندك

-الحاكم بنفسه قد اتى فى ظلام الليل خصيصاً ليشرف على طريقة إلقاء التعويذة

-هل أنتم متأكدين أن من القاها لم يكن ساحر او مشعوذ؟

-بالتأكيد فهذا ما اخبرتنا به

-اذن..سأقول لك كلاما أوصله للحاكم بالحرف لا تنقص شيئا ولا تُزيد تلك البحيرة ملعونة لقد فُتح علينا باب ليس لنا طاقة به
اخبره ان يترك كل شئ اما بالنسبة للذين ماتو لا تظنو أن الطب قد يجيد نفعاً
هذا الباب ينتظر شخصا ليعبره و الباب هو من سيجد طريقه إليه

-والناس؟

-اخبروهم أن التعويذة قد نجحت و احظروا المنطقة عليهم جميعاً
لتبتسم ابتسامة جانبية وتستطرد:حتى لا تفشل التعويذة

ليتتطاير الغضب من عينى الرجل:هل تستهزأين بالحاكم الان؟!

-لا و إنما ارشدكم الى ما ينبغى أن يُفعل إن لم يتستطع السحرة ولا الدجالين قبلى ما لم استطيعه انا أيضاً فلابد أن هناك شيئاً خلف الامر لا يجب علينا اكتشافه

-لم يطأ اهل القرية ارض البحيرة من بعد الجثث التى وجدت ولكن هناك شائعات انتشرت حول انها تجلبُ النحس للقرية

-ولهذا فانا الان بكلامى هذا ارضى كلا الطرفين حتى تنتهى اللعنة

##################

فى صباح اليوم التالى..سوق القرية

كان السوق مزدحما بالرغم من برودة الطقس كلٌ الى عمله و اشغاله
وفى احد الدكاكين الصغيرة فى بقعة هادئة من السوق ظهر من شباك الدكان عجوز شقراء تدفع بفتاة شابة لخارج الدكان بعنف

حتى اخرجتها من الدكان لتسقط ارضاً من شدة الدفع و يغطى شعرها البنى القصير تقاسيم وجهها الابيض

استقامت الفتاة لتتضح عيناها الدامعتان بعد سقوط ستار شعرها عنهما

لتصرخ قائلة:لقد عملت هنا لثلاثة أشهر كاملة و الان تأكلين على أجرى!!

-اتصرخين فى وجهى عوضاً عن شكرى بأنى لن أسيقك للشرطة!! ارحلى انك لسارقة

-للمرة الالف اقسم انى لم اسرق شيئا

-اذهبى هيا انك جالبة للنحس لى و للزبائن

-اتظنين انكِ ستهربين بفعلتك هذه؟!

-ومن سيصدق لقيطة فقيرة مثلك لا احد يعلم اصلٌ لها هيا ارحلى وعودى من حيثما اتيتى

و اغلقت الباب من خلفها بعنف ومع اغلاق الباب سقطت الفتاة ارضا و سقطت عبراتها مبللتاً الثلوج من تحتها

لا تعلم الفتاة كم من الوقت استغرقت حتى نهضت وهى تمسح دموعها باكمام ملابسها البالية

سارت على الارض لا تعلم مستقرها لا تجد لها مأوى ولا طريقاً و البرد يضربها من كل جانب و يخترق جسدها الصغير منكسة الرأس كمن ارتكب جريمة

هى تعلم أن كل اثرها فى هذه الدنيا هو اثر اقدامها على الثلوج

عدا ذلك فهى لا تعنى شيئا لاحد ولا احد سيتذكر معانتها..هى فقط..هائمة فى الارض ينبذها الجميع

افاقت عندما وجدت ان الارض بدأت تختلف من تحتها..فبرغم الثلوج استطاعت تميز ان الارض اصبحت اكثر ليناً

لتهمس:عشب..كيف؟

رفعت مقلتيها العسليتان للاعلى لتفاجأ بأنها قد وصلت لأرض البحيرة حديث القرية المخيف .. يتمثل الان امام عينيها

رجعت بضع خطوات للخلف و اخذ الادرنيالين يتدفق فى كل شريان فى جسدها

هلعاً مما رأتهُ!!