كانت ليلة عاصفة عندما اختلط صوت الرعد مع صرخات الولادة ، انهمر المطر بغزارة ، وقفت عجوز القبيلة عند مدخل خيمتها وهمست :
- لم تمطر منذ سنين ، يبدو أن لهذا المولود خيرٌ علينا
- فعلاً ..
جاءها الرّد بسرعة ، وبالرغم من أنها لم تتوقعه إلا أنها ابتسمت عندما رأته يبتسم وينظر للمطر
- ماذا تفعل هنا ؟ إن امرأتك تلد وأنت تتسكع تحت المطر !
قهقه بخفة وأجابها :
- لقد أنجبت فتى كالقمر ونحن نريد مباركتك عليه
هزت رأسها موافقة وتبعته إلى داخل خيمتهِ حيث ساد بها الصمت ، اشتاحتها ملامح الشك ، لماذا لا يبكي الصغير ؟ ألم يولد بعد ؟
سارا معاً إلى جانب المولود الجديد ، هادىء وذا ملامح مميزة
كانت عينياه مفتوحتان على وسعهما تنظران لسقف الخيمة بشرود ،
لا يبكي .. لا يضحك .. جامد الملامحليس على تقاسيم وجهه الغريبة اي مشاعر ،
شديد البياض ذا عينين بنيتين كبيرتين كحبتي بلوط وأنف طويل معقوف وشعر ناعم طويل خشبي اللون .
حدق بالعجوز بنظرة مريبة وانبثق من عينيه صلابة يستحيل رؤيتها على وجه طفل من عمره
ارتجفت يداها وأزاحت خصلة شعرها البيضاء خلف أذنها وقالت برجفة واضحة على صوتها :- هـ هلـ.... هذا .. هل هذا .. و .. ولدك؟
ابتسم ابتسامة عريضة دون أن يدرك التغير المفاجىء في ملامح عجوز القبيلة وقال بمرح :
- أجل .. صحيح أنه لا يشبه والدته ولا يشبهني إلا أنه جميل ، أليس كذلك ؟ انظري تبدو عليه الصلابة والشدة أنا واثق أنه سيكون رجل يعتمد عليه في المستقبل
حدق بهما وكأنه يحدق في العدم ، لا شيء يشده إليهما ، هما مجرد اثنان غريبان عنه ولا مزاج له في التعرف عليهما ، ماذا يريد من امرأة عجوز ذات شعر أبيض طويل أشعث تتكأ على عصا طويلة أو رجل ضخم البنية وأسنانه صفراء وملامح سعيدة ؟
أشاح بنظره عنهما وعاد لتأمل سقف الخيمة من جديد
أمسك يدها وقال بسعادة :- هيا لماذا لم تبدأي بعد ؟
شعر بإرتجاف يدها ، أدار وجهه إليها ورأى ملامح الرعب في وجهها وقد ارتجف فمها الخالي من الأسنان تقريبا وتمتمت :
- لعنة ... إنه ملعون ، ملعون وعلينا الابتعاد عنه
وضعت يدها على فمها كالكمامة محاولة حماية نفسها من المرض الذي يحمله المولود ، استدارت فوراً وحررت يدها من قبضة الرجل ثم ركضت مسرعة خارج الخيمة وهي تصرخ بأعلى صوتها ، أدار الصبي عينيه نحو باب الخيمة ونظر لإهتزاز القماش ببرود ثم أعاد بصره للسقف من جديد .
تبادل الوالدان النظرات الصادمة ، ماذا حدث للتو ؟ وعن اى لعنة تحدثت عنها عجوز القبيلة ؟
أنت تقرأ
قلبي من خشب
Fantasy_ ماذا تنتظر مِن مَن خُلِق من قلبٍ خشبي مثلي؟ لا شيء الغلاف من تصميم المبدعة Fluor - Flower