1) الطفل الملعون

366 46 30
                                    

كانت ليلة عاصفة عندما اختلط صوت الرعد مع صرخات الولادة ، انهمر المطر بغزارة ، وقفت عجوز القبيلة عند مدخل خيمتها وهمست :

- لم تمطر منذ سنين ، يبدو أن لهذا المولود خيرٌ علينا

- فعلاً ..

جاءها الرّد بسرعة ، وبالرغم من أنها لم تتوقعه إلا أنها ابتسمت عندما رأته يبتسم وينظر للمطر

- ماذا تفعل هنا ؟ إن امرأتك تلد وأنت تتسكع تحت المطر !

قهقه بخفة وأجابها :

- لقد أنجبت فتى كالقمر ونحن نريد مباركتك عليه

هزت رأسها موافقة وتبعته إلى داخل خيمتهِ حيث ساد بها الصمت ، اشتاحتها ملامح الشك ، لماذا لا يبكي الصغير ؟ ألم يولد بعد ؟

سارا معاً إلى جانب المولود الجديد ، هادىء وذا ملامح مميزة
كانت عينياه مفتوحتان على وسعهما تنظران لسقف الخيمة بشرود ،
لا يبكي .. لا يضحك .. جامد الملامح

ليس على تقاسيم وجهه الغريبة اي مشاعر ،

شديد البياض ذا عينين بنيتين كبيرتين كحبتي بلوط وأنف طويل معقوف وشعر ناعم طويل خشبي اللون .

حدق بالعجوز بنظرة مريبة وانبثق من عينيه صلابة يستحيل رؤيتها على وجه طفل من عمره
ارتجفت يداها وأزاحت خصلة شعرها البيضاء خلف أذنها وقالت برجفة واضحة على صوتها :

- هـ هلـ.... هذا .. هل هذا .. و .. ولدك؟

ابتسم ابتسامة عريضة دون أن يدرك التغير المفاجىء في ملامح عجوز القبيلة وقال بمرح :

- أجل .. صحيح أنه لا يشبه والدته ولا يشبهني إلا أنه جميل ، أليس كذلك ؟ انظري تبدو عليه الصلابة والشدة أنا واثق أنه سيكون رجل يعتمد عليه في المستقبل

حدق بهما وكأنه يحدق في العدم ، لا شيء يشده إليهما ، هما مجرد اثنان غريبان عنه ولا مزاج له في التعرف عليهما ، ماذا يريد من امرأة عجوز ذات شعر أبيض طويل أشعث تتكأ على عصا طويلة أو رجل ضخم البنية وأسنانه صفراء وملامح سعيدة ؟

أشاح بنظره عنهما وعاد لتأمل سقف الخيمة من جديد
أمسك يدها وقال بسعادة :

- هيا لماذا لم تبدأي بعد ؟

شعر بإرتجاف يدها ، أدار وجهه إليها ورأى ملامح الرعب في وجهها وقد ارتجف فمها الخالي من الأسنان تقريبا وتمتمت :

- لعنة ... إنه ملعون ، ملعون وعلينا الابتعاد عنه

وضعت يدها على فمها كالكمامة محاولة حماية نفسها من المرض الذي يحمله المولود ، استدارت فوراً وحررت يدها من قبضة الرجل ثم ركضت مسرعة خارج الخيمة وهي تصرخ بأعلى صوتها ، أدار الصبي عينيه نحو باب الخيمة ونظر لإهتزاز القماش ببرود ثم أعاد بصره للسقف من جديد .

تبادل الوالدان النظرات الصادمة ، ماذا حدث للتو ؟ وعن اى لعنة تحدثت عنها عجوز القبيلة ؟

قلبي من خشب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن