- أمد يد نجدة معطوبة .. فتلقفها -
Jung Eimy pov :
- لا زال صباح بوسان يتمايل في أطماره البالية ، كأنه أرملة تندب مصيرها الموحش . المدينة الصغيرة تنكمش على نفسها بردا ، صمتا و حدادا على أوراق الخريف المتناثرة هنا و هناك ، تحتضر في سكون مثير للريبة .
- خرس مرير ، أمطار متساقطة ، و نعيق غراب يتيم يشارك في مراسم الحداد الصامتة التي اكتستها الأحياء الشريدة اليوم ، يبكي بوسان و أهلها .
- أطل من السطح ، أبث المدينة العذراء الأشواق دخانا يتداعى من رئتاي في هدوء ، و أنا ألفظ بقايا سيجارتي الثانية بعد العشرة على أنقاض الأزقة اليتيمة من كل شيئ ، أتفحص بنظري العالم من أعلى ؛ حيث يبدو صغيرا وضيعا ذليلا مسودا بلا ألوان .. أنا التي لم تكن لترى يوما من الدنيا غير سوادها .
- في صباح خريفي كهذا ، يستيقظ الناس من أحلامهم الدافئة المليئة بالحب و السعادة ، فيما أستيقظ أنا من سهادي الليلي بعد ليلة أبدية من الأرق إلى عالمي الباهت الكالح . أستفيق منه لأستفيق إليه .
- فهل آن لليالي السهاد أن تنتهي يا ترى ؟
-
|08:05| : عيادة الطبيب .
- تموضعت إيمي على السرير البارد من هذه العيادة الصغيرة ؛ عالم جامد يلفعه البياض . و مقابلها جلس الطبيب النفسي ، بنفس الملامح الباردة التي لا تتغير مع كل جلسة ؛ ملامح ثابتة تماما كحزنها ، سعل الطبيب قبل أن يردف :
- " تتناولين أدويتك بانتظام ؟ "
- أومأت بالإيجاب في سكون ..
- " جونغ إيمي ، ما نوع الأحاسيس التي تنتابك مؤخرا ؟ القلق ، الاضطراب ، أو شيئ من هذا القبيل ؟ "
- رفعت إليه عينين مثقلتين بألف هاجس و هاجس لتمتم :
- " أنا في مرحلة أسوء ، أنا لا أشعر بشيئ "
- " سبق و حاولت الانتحار ؟ "
- ازدادت انكماشا على نفسها ، محيطة ركبتيها بذراعيها ، لتقول بنظرة يحتويها الرجاء و الاستنجاد :
- " مرارا "
- قام الطبيب من مكانه كأن الأمر لا يعنيه ، جلس إلى مكتبه ثم حك ذقنه مفكرا ، أخرج ورقة و خط عليها بعض أسماء العقاقير و الأدوية ، ثم مد لها الورقة في شيئ من البرود و الرسمية ليقول :
- " اكتئاب حاد ، و أرق مزمن كالعادة ، وضعك لا يتغير جونغ إيمي ، اهتمي بصحتك ! "
- هنا ؛ انفلتت منها دمعة لقيطة لم تستطع كبحها ، فكرت لوهلة في هذا الطبيب الذي يسرد نفس الكلام على مسامعها منذ سنتين .. استنجدت به لكونه طبيبا لعله يعينها على جمع شتاتها الضائع ، لكنه و للأسف كان مجرد شخص يقوم بعمله في اعتيادية و فتور . نهضت من مكانها في تثاقل ، تلقفت حقيبتها المدرسية ، ثم اجترت خطاها المتباطئة في إحباط استوطن كيانها نحو الباب ، تاركة إياه خلفها حاملا ورقته ، و قبل أن تخرج التفتت إليه لتردف في هدوء :
- " الطب النفسي ما هو إلا كذبة ابتدعها البشر ، ما يحتاج إليه المضطرب نفسيا فعلا ، هو محادثة دافئة و القليل من الحب و الاحترام و التقدير ، و ليس عقاقير طبيب يرى فيه رقما أكثر مما يرى فيه إنسانا "
- صفقت الباب بقوة خلفها قبل أن تسمع إجابته . استلت نفسا عميقا ، عدلت خصلاتها المتمردة المنسدلة في إهمال ، لتسير متحاملة على نفسها إلى مدرستها لا تلوي على شيئ .
أنت تقرأ
-Insomnia | ليالي السهاد
Fanfic- و حدث أن اخبرتك مرة أن النهايات الحزينة هي النهايات الطبيعية لقصصنا ، و أن السعيدة منها ما هي إلا كذبة نبتدعها هروبا من واقع عقيم ! فهل كنت حينها - و بالصدفة - أتنبأ بنهايتنا معا ؟ - جونغ إيمي - كيم تايهيونغ | مسابقة ماذا لو ...؟ |