6

2.4K 76 6
                                    


الايام علي كل منهم بحال...
مابين يأس عمار من ان يعيش يوما في سعادة طالما كاميليا بعيدة
وبين حزن يستنزف ماتبقي من احمد... وهو يلف كل ساعة انحاء الباخرة بحثا عنها... وهاجسا واحدا يسيطر عليها
" كل الالم ده وهي معاك علي نفس الباخرة! امال اما تبعد بجد هتعمل ايه"!
اما عبدالغفور فبدا وكأن في حياته مهمة واحدة يلتزم بها تمام الالتزام... ان يثبت نفسه وجديته امام فاطمة... ان يخبرها كل لحظة عن حبه... وعن حياة تنتظرهما معا لايقبل عنها بديل.

بوصول الباخرة للميناء المصري... ومع شعوره بدنو النهاية... كان يتنقل كالمجنون بين ممرات الباخرة وسطحها... فعمله يمنعه الا ان يكون اخر المغادرين...
كل ماتمناه ان يراها قبل الرحيل...
في الماضي لم تكن ترحل قبل ان تودعه... بل وتحرص وهي تبتعد علي ارض الميناء ان تلتفت بين اللحظة والاخري ملوحة.
اما اليوم فرأها تبتعد بين فاطمة وعبدالغفور... هزيلة مطأطأة الرأس... ليس خزيا او عارا وانما وداعها للجميع اخبره... انها لاتريد حتي ان تلمح طيفه...
"عمار" دخل للمكتب حيث حاول عمار جاهدا الغرق في اوراق انهاء الرحلة حتي يريح عقله هو الاخر ولو قليلا من التفكير
لم يرد عمار... بل رفع رأسه فقط ناظرا لاحمد بتجهم
" عايز منك خدمة... ممكن"!
تأفف عمار بتصنع... ورغما عنه حالة صديقه البائسة تحزنه
" بالرغم من انك ماتستاهلش.... بس أومر"

بعد اسبوعين
" سمسمة... يا سمسمة" رفعت رأسها بصعوبة من فوق المخدة.... وهي ترفع ذراعا لامها تخبرها انها استيقظت حتي تتوقف عن الصياح
" ايه بقي النوم ده كله! اخواتك هنا وحضرنا الفطار ....يلا قومي"
تأففت وهي تشد البطانية الثقيلة فوق راسها
" كلوا انتوا يا ماما بقي... ماليش نفس"
لم تدعها والدتها المثابرة... لكسلها وخمولها... بل فعلت مادأبت علي فعله الايام الماضية
شدت البطانية عن رأس ابنتها بحزم
" مالكيش نفس! طب بالله عليكي قومي شوفي اخواتك وعيالهم برة والفطار الملوكي وابقي قولي مالكيش نفس"
لم تعرف امها الكثير عما حدث علي الباخرة... هي تعرف عن تعلق ابنتها قلبيا بطبيب الباخرة احمد. .واكدت عليها فاطمة ان اسما في حالة صدمة... وكل ما عليهم فعله هو موؤازاتها...
خرجت اسماء مجبرة لحيث تجمعت العائلة علي افطار يوم الجمعة الشهير
اختيها وزوجيهما واخويها وزوجتيهما ..وحفنة من الاطفال الذين انقضوا عليها احضانا وتقبيلا حتي هتفت والدتها تبعدهم عنها
" ابعدوا كفاية... سيبوها تاكل يا عفاريت انتوا" ...ثم نظرة لزوج اختها الصغري نظرة ذات معني وهي تستطرد
" بكرة جوزها يغير منكم"
التقط زوج اختها ما ترمي اليها حماته فقال بحماس
" صحيح يا اسماء... ماجد صاحبي بيسأل هيجي امتي يزوركم"
"محمد" انتبه الجميع لنداء والدها من فوق كرسيه المنزوي " كل وانت ساكت وسيبك من موضوع العريس ده"
انتبه الجميع لكلمات الاب القليلة وان كانت في منتهي الحزم. ..فسارعت اليه الام بتأدب حانق
" ليه بس ياحاج"!
" ام اسماعيل"! هتف بها الاب بحدة " اسماء قالت هتقعد اجازة ونفسيتها مش مظبطة... متشغلوهاش باي كلام فاضي"
" بس ياحاج نفسي افرح بيها" قبل ان تستطرد كان الاب يعود للمقاطعة وهو يرمي ابنته ذات العينين الحزينتين بنظرة محبة
" نفرح بيها اما هي تبقي عايزة مش بالغصب... وطول ما انا عايش مش هاتتغصب علي حاجة.. تقعد ملكة متوجة تاكل لقمة وترمي عشرة... وبعد موتي تبقي تاج فوق راس اخواتها الرجالة"
سارعت اسما تقبل كف ابيها الذي ربت علي رأسها بحنان. ..جعلها تبتسم بمشاغبة لامها
" شوفتي بقي! اهو الكلام ده احلي من مليون فطار"
ظلت الام مقطبة لدقائق لتحتل الابتسامة وجهها وهي تري نفسية اسماء قد تحسنت كثيرا..... خاصة وانها لم تسارع لغرفتها كدأبها الايام السابقة بل جلست مع اخواتها يضحكون ويتسامرون... حتي حان موعد ذهابها لفاطمة

طوبة ورق مقصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن