جلست كاميليا علي المقعد المرتفع امام فاطمة... وكلتاهما بعالم مختلف... خاصة بعد ان تركت اسماء المكان في اعقاب عبدالغفور لتعلن
" هاروح ادي دكتور احمد طبق كشري... اكيد نفسه فيه"
لم تحاول النظر وهي تغادر لفاطمة ليقينها ان الاخيرة ستعترض
فاطمة التي كانت لاتزال علي ارتباكها من طلب عبدالغفور... لن تنكر سعادتها كفتاة يطلب شاب التعرف عليها
لكنها منذ عملت علي الباخرة واتخذت علي نفسهاعهدا لن تنكثه الان.... يجب ان تعامل الله في كل خطوة ولاتكون من تلك الفتيات التي لايردعها عن الخطأ سوي قرب والديها او معارفعا
لذا قطعت حديثها مع نفسها بقرار
" انا هاقابله النهاردة وافهمه اني ماليش في الجو ده...."
اما كاميليا فنظرة عبدالغفور التي رمي بها فاطمة الغير منتبهة اثارت بداخلها الكثير من الشجون
لم تترك غرفتها منذ ماحدث مع عمار.... خوفا من لقاؤه.. لكنها في النهاية رمت عن نفسها الخنوع وهي تصر ان تكون في ابهي صورها حين تحين مواجهتهما القادمة
" باقي علي وصولنا خمس ايام... اكيد هصادفه تاني... حتي لو مش بالصدفة.. انا هاتعمد اشوفه.. عشان الكام مرة لقا دول يكونوا زادي في الغربة عنه"كانت فاطمة قد بدأت العمل علي شعر كاميليا التي شعرت باسترخاء لم تشعره منذ ايام... استرخاء اعادها لذكراها الاخيرة معه
" بحبك وعايز اتجوزك صعبة دي"!
حملت تلك الكلمات كخنجر مسموم علي مدار ايام.... لاتتخيل انه قالها
" ازاي! ازاي سيبت الامور توصل لكده"!
عادت لبكاؤها المرير كدربها الايام السابقة... نعم احبته بل عشقته عشقا ولكنها لم تتخيل للحظة انه سيفكر في الزواج منها
لقد سمعت كثيرا من القصص عن ان اول حب لا ينتهي بالزواج... لذا كانت ترتع في سخافة اعتقادها " عمره طبعا ما هايفكر يتجوزني"
حتي صدمها بطلبه ذلك..
" هاتعملي ايه يا كوكي! هتقعدي تعيطي كده وبس"!
مسحت زوجة والدها التي لاتكبرها سوي بأشهر علي شعرها ويدها الاخري تمسح دمعاتها التي تشارك بها كاميليا بكاؤها.
" وانا في ايدي ايه غير البكي يا سحر! خلاص حياتي انتهت يا سحر انتهت"
شعرت للحظة بسخافة كلماتها وهي تنظر لسحر... طفلة باعها اهلها للكبير يتزوجها بضعة اشهر ليرميها بعدها كبضاعة مستهلكة
منذ وعت علي الدنيا وكان هذا دأب والدها... يتزوج من فتاة يتمتع بها لاشهر قبل ان يتركها ليتزوج غيرها
ما دور والدتها في تلك المنظومة الفاسدة! هي من تخطط وتختار وتنفذ... طالما ان كافة امور التجارة بيدها وطالما لا ينجب الكبير الا منها
اي تجارة! تجارة الممنوعات بكافة انواعها... تلك التجارة التي يسيطر عليها ابويها واخوها الوحيد...
كان لها اخا تذكره... الابن البكر للكبير... الا انه هرب منذ سنوات ولم يصل له مخلوق بعدها حتي اقام له والدها العزاء... عزاءا يعني انه مات في عرفه... وان عاد سيقتله هو بيده
" هي دي كاميليا اللي انت عايز تتجوزها يا ابن سيادة اللواء بطل اكتوبر والاستاذة الدكتورة"
انخرطت في بكاؤها ثانية... حتي انها لم تشعر بخروج سحر ودخول أخر...
" لسه بتعيطي! لو بس تريحيني وتقوليلي ايه سبب كل البكي ده"
انتفضت كاميليا واقفة وهي تجذب الروب الموضوع علي ظهر سريرها تخفي تحته جسدها الملتف ببيجاما شتوية ثقيلة
قانون ابيها الوحيد" اوعي تباني ادام راجل بلبس مش حشمة... كلهم عقله اتلحس باللي بيشتغلوا فيه"
تطلعت لعيني هاني التي تبثها عشقا كبيرا... ولكنها تجاهلت حنان عينيه وهي تهتف بحنق
" انت ازاي تدخل كده يا جن! اتفضل برة قبل اما ابويا يسمعك ويطين عيشتك"!
ابتسم هاني الجن_الذي لم يكن مساعدا لوالدها او احد رجاله وانما شريكا يعتد به_وهو يقترب منها بأريحية
" ابوكي وامك عارفين اني جايلك... امك اللي قالتلي اجي اطمن عليكي... واعرف منك بتعيطي ليه"!
مد اصابعه الخشنة يمسح دمعة عالقة علي خدها.. فأبعدت وجهها بسرعة وعنف.. تحولت نظراته الحانية لاخري قاسية بشكل مرعب...شكل اجرامي
" اقسم باللي خلق الخلق.. اما اعرف مين مزعلك... ما هاسيبه الا اما يتمني الموت ولا يطوله"
اقشعر بدنها من توعده القاسي وهي تتخيل عراكا بينه وبين عمار... فأجابت بيأس حزين
" انا زعلانة من الدنيا بحالها يا جن... هتتعارك مع الدنيا كلها عشاني"!
اجاب بقوة ويقين... يقين شيئا وحيدا يملكه ولن يفرط فيه ابدا... حبه لها
" اموت يا كاميليا فداكي..."
ضحكت بسخرية وهي تمسح دمعات خائنة... لازالت تنزفها لخيانته
حتي الجن الذي تصورت في يوم من الايام ان بامكانها اقناعه للابتعاد عن كل هذا... تزوج اخري... وهي لازالت في نظر الجميع خطيبته
" والله! لا روح موت فدا مراتك.. والطفل اللي في بطنها"!
رقت ملامحه... فلم تعد تشبه هاني الجن تاجر الممنوعات.. بل هاني الرجل الغارق في حب تلك الصغيرة
" اقسم باللي خلق الخلق.. اتجوزتها عشانك"
بالرغم من معرفتها لمبدأه العقيم الا ان ضحكتها الساخرة علت بجفاف ليستطرد متولها
" اتجوزتها عشان خفت عليكي... مني
خفت اضعف ادام حبك و اذيكي... كنت خايف ادوب فيكي وفي احتياجي ليكي وانسي انك صغيرة... كتكوت لسه ماخرجش من البيضة
وانا راجل واللي عايزه منك ممكن يخلص عليكي في ايدي"
تخضبت وجنتيها خجلا وهي تفهم مايحاول قوله بتلك النبرة الساخنة... لكن في لحظة عادت صورة عمار امامها لتهتف بصلابة
" خلاص يا جن مابقاش ليه لازمة الكلام ده.... ولو صحيح بتحبني ساعدني ابعد عن هنا"
قبض علي ذراعها بعنف عاطفي يجذبها لحضنه غير مباليا للاصوات المخيفة الاتية من الخارج
" تبعدي! تبعدي ازاي! انتي لو بعدتي عني اموت... انت اخر دقة في قلبي... لو بعدتي هيتحول لحجر"
كانت وبالرغم من همسه العاطفي الا ان كل هدفها البقاء في حضنه...ليس حبا... ليس عشقا.. وانما لان الاصوات التي اتت من الخارج.. اخبرتها انها في كابوس
لكنها لم تتخيل ان كابوسها بتلك البشاعة..الا وباب غرفتها يفتح بقوة وعنف.. يطل منه عمار

أنت تقرأ
طوبة ورق مقص
Romansaالمقدمة " تعالي ألعبك لعبة حلوة" ابتسم لها بأتساع وهو يوليها جم انتباهه " هاغلبك بما اني اكبر" قالها متباهيا بخيلاء رفعت الصغيرة حاجبها بخبث " لكنك لا تعرف اللعبة اصلا...فأنا كده سبقاك بخطوة" زمجر بمشاغبة للصغيرة التي بدأت تشكل بكفها اشكالا وهي ترد...