المدفون

1K 27 10
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

قبل أن أبدأ في سرد أحداث القصة أود أن أخبركم شيئا. أنا أعلم أن من يقرأ هذا المقال يهمه في المقام الأول أن يطلع علي مجريات الأحداث وما تشتمل عليه القصة ومن هذا المنطلق قررت أن أكتفي بالسرد والكتابة فلن أبدي رأيا ولن أنقلكم من تدفق الأحداث إلي ما قد يمليه علي عقلي بل سأترك الكلمة للقارئ ليحكم علي هذا العمل بالنجاح أو بالفشل وإليك القصة بعنوان : المدفون                                    

الجزء الأول

استيقظت من نومي علي صوت أحدهم يصرخ ويبكي تصاحب صراخاته دقات موسيقي هادئة وشعرت ببعض الحرارة كما أحسست بضوء يصيب وجهي. وضعت يدي علي وجهي فقد كان الضوء يؤذي عيني . وبمجرد أن فتحت عيني توقف هذا الصراخ. لم يكن الأمر غريبا فقد كان الصوت لأخي الصغير حيث اعتادت أمي أن تتركه في غرفتي كل يوم صباحا ليكون صراخه سببا في إزعاجي كي أستيقظ . وقد لجأت أمي إلي ذلك بعدما فشلت في جعلي أنهض من الفراش بجميع الطرق الأخري الممكنة وغير الممكنة . تمددت وحملت أخي ثم نهضت من فراشي وكان الصغير قد توقف عن الصراخ فقد أصبح الأن يتقن وظيفته : يعرف متي عليه أن يصرخ وعندما ينهي مهمته يعرف كيف يتوقف. خرجت من غرفتي ووجدت أمي قادمة باتجاهي. ابتسمت وأخذت عامر وأخبرتني أن الفطور جاهز. في هذه الأثناء ذهبت إلي الحمام وعندما هممت بالخروج سمعت صوت هاتفي يرن وفي نفس الوقت رن هاتف المنزل أسرعت إلي هاتفي ونظرت إليه فإذا هي صديقتي يمني. نظرت إلي الساعة . كانت التاسعة وعشر دقائق. لابد وأنها غاضبة ....عندما أجبت دار بيننا الحوار التالي

أنا : أهلا

يمني(تصرخ) : أين أنت؟ الساعة تجاوزت التاسعة. أليس موعدنا الثامنة والنصف؟

أنا : لقد انشغلت بتحضير الفطور والتنظيف كما طلبت أمي ونسيت. أسفة سأتي حالا

يمني : لن أنتظر أكثر من عشر دقائق ثم سأرحل

أغلقت يمني الخط. شعرت بالضيق ولكن هذا الضيق لا يقارن بالسوء الذي شعرت به حين طرق محمود باب غرفتي. 

محمود : مها ..ارتدي ملابسك سنرحل الأن

أنا : ماذا؟ سنرحل؟ لماذا؟

محمود : تلك أوامر أبي ويستحسن ألا تعارضي هذه المرة لأنه يبدو منزعجا جدا

وقبل أن يتم محمود كلامه فتحت باب غرفتي ودفعته بعيدا لأتخذ طريقي باتجاه أبي. لم يستغرق ذلك وقتا ولم أضطر للبحث في أرجاء أو حجرات المنزل. كان صوتهما مرتفعا فكل ما فعلته هو تتبع الصوت حتي وجدتهما في الطابق السفلي. وعندما سمعا صوت أقدامي تصطدم بدرجات السلم توقفا عن الكلام أو ربما يجب أن أقول توقفا عن الشجار. كان ذلك عاديا ففي هذا المنزل دائما ما يتوقف الأب والأم عن الصراخ عندما يظهر أحد الأبناء. اندفعت نحوهما. لم يبد لي أنهما سعيدان برؤيتي

أنا : أبي..أنا لن أتي معكم. لدي موعد مع يمني

أبي : اتصلي بها وأخبريها أنه لا يمكنكي الذهاب. كنت سأذهب وحدي ولكن أمك تصر علي القدوم

أمي : وهل يزعجك هذا؟ أم أن هناك ما لا يجب أن أراه؟

أبي نظر إليها نظرة طويلة ولم يجب... قاطعت الاتصال البصري بينهما

أنا : ولم علي القدوم معكما؟

أمي : ألا تريدين أن تعرفي إلي أين سنذهب؟ ربما الأمر يستحق

أنا : لا أهتم

أبي : اذهبي إلي غرفتك وأحضري بعض الملابس سنرحل الأن. هذا غير قابل للنقاش

نظرت إلي أمي وحاولت أن أناقشها في الأمر ولكنها أناحت بوجهها بعيدا عني

أنا(صرخت) : لم عليكما فعل هذا دائما؟ لم أعد أحتمل

ركضت إلي غرفتي سريعا وانقضي وقت طويل لم أشعر به

رن هاتفي لينقذني من الغرق في بحر أفكاري. اضطررت إلي الاعتذار ليمني وأخبرتها أن أمرا ما قد طرأ. بالتأكيد كان عليها أن تغضب أو تغلق الخط مجددا ولا شيئ أفعله حيال الأمر. ولكن ذلك ما لم يحدث بل كان هذا هو الرد.... حسنا.لا بأس. بالتأكيد سنذهب في وقت لاحق

بعد ذلك قمت بجمع أغراضي كما طلب مني واستعددت للرحيل. كنت في البداية غاضبة جدا ولا أريد الذهاب. ولكن غضبي بدأ يقل بعد مرور بعض الوقت وبدأت أنظر إلي الجانب الجيد حيال الأمر.. علي الأقل سأقضي بعض الوقت بعيدا كنوع من التغيير وهو ما أحتاج إليه فعلا. حملت أغراضي خروجا من الغرفة نزولا علي السلم وعندما كدت أن أصل إلي الطابق السفلي سمعت صوت أبي يتحدث عبر الهاتف. قال إنه سيتغيب عن الشركة لبضعة أيام بسبب أمر طارئ. لم نستغرق وقتا طويلا للرحيل بعدما حزمنا حقائبتا. كثير من الحقائب وضعت بداخل السيارة. تمنيت أن يكون هذا السفر المفاجئ نوعا من التغيير. ربما سيكون تغييرا.ولكن لست واثقة أن هذا هو التغيير الذي أريده.

انطلقت السيارة تسرع في طريقها وحتي الأن لا أعلم إلي أين نحن ذاهبون

انتظر الجزء الثاني

     

                           

المدفونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن