استيقظت فى صباح اليوم التالى وما إن فتحت عينى حتى شعرت بشئ من الاختلاف. لابد وأن هذا راجع لاختلاف المكان فالمنطقة
هنا تختلف عن المكان الذى اعتدت العيش فيه. هذا المكان يسوده الهدوء الشديد سكون الريف وهو أحد مظاهر جمال الطبيعة بعكس
الصخب والضوضاء التى تعم المناطق المدنية والتى اعتدت أن أستيقظ على سماعها. مرت عدة دقائق قبل أن ألقى بنفسى خارج
الغرفة. تفقدت باقى الحجرات ولم أجد أحدا. يبدو أنهم سبقونى كما جرت العادة كانت جميع الغرف شاغرة باستثناء تلك التى يقطن
بها والداى فعندما اقتربت منها سمعت صوتا خافتا صوت شخص يتحدث عبر الهاتف. أنا أعرف هذا الصوت جيدا إنه أمى لم
تتحدث كثيرا ولم أفهم شيئا بل جل ما سمعته هو جملة واحدة تشير أنها تتحدث إلى رجل. كان ذلك مريبا فعلا. فبالنسبة لأبى هو
على علاقة بسكرتيرته فى العمل منذ وقت طويل وكلنا على دراية بذلك رغم أنه يحاول الإنكار كلما لمحت أمى إلى ذلك ولكن أمى أنا لم أشاهدها قبلا
تتحدث عبر الهاتف بهذا الصوت المنخفض وتلك النبرة المرتابة. ترى هل قررت أخيرا أن تدع أبى وشأنه؟ أم أنها رأت أن تجابهه
فيما يفعل وتبحث من جديد عن فارس أحلامها؟ عندئذ أغلقت أمى الخط لتقطع حبل أفكارى. عدت بسرعة إلى غرفتى وبقيت فيها حتى
هبطت أمى إلى الطابق السفلى. انتظرت بضع دقائق قبل أن أتخذ طريقى إلى الأسفل من بعدها وعندما وصلت إلى نهاية
السلم المؤدى إلى غرفة المائدة وجدت فتاة تجهز السفرة للفطور كانت فى نفس عمرى تقريبا لا أذكر مرة ساعدت فيها فى
إعداد الطعام. عندما رأتنى قادمة باتجاهها حاولت أن تبتسم وبعد حديث قصير دار بيننا علمت أنها اسمها فريدة وأنها الأخت الصغرى للشقيقين محمد وعلى
عند ذلك كانت قد أوشكت على الانتهاء من إعداد المائدة لذلك طلبت منى إخبار الجميع فى الغرفة المجاورة أن الفطور جاهز
فانتقلت إلى الغرفة المجاورة لأجد فيها جميع أفراد عائلتى اتجه الجميع إلى غرفة المائدة وانضم إلينا الأخوة الثلاثة على الفطور
كان الطعام مختلفا عما اعتدت تناوله على الفطور ولكنه كان لذيذا تبادلنا أطراف الحديث سويا أو ربما على القول أنهم تحدثوا بينما
أخذت دور المستمع كالعادة شرع الجميع فى تناول الطعام وتبادلوا أطراف الحديث معا ومر بعض الوقت قبل أن تنقطع الكهرباء
فجأة فقام على من مكانه وأعلن أنه سيعيد تشغيل الكهرباء فى الحال وما إن خرج من الغرفة حتى أغلق الباب خلفه بعنف
وفى نفس اللحظة سقطت النجفة المعلقة فى الغرفة وارتطمت بالمائدة بشدة لتنطلق بسببها صرختين الأولى هى صرخة أمى وكانت صرخة عادية
والثانية كانت لفريدة وكانت أعلى بمراحل وفى الحقيقة أظن أنها أفزعت الجميع أكثر من صوت اصطدام النجفة بالمائدة
كانت المفاجأة كفيلة ببث الرعب فى قلوب الجميع ليترك كل منا ما يفعله وينظر باتجاه الصوت
الأن أنا ألهث بينما أمى تهز الرضيع الذى بدأ فى البكاء. فريدة قامت من مكانها وابتعدت عن منتصف الغرفة حيث المائدة
كل منا ينظر إلى الأخر فى صمت وقد توقف كل واحد عما كان يفعله قبل انقطاع الكهرباء باستثناء
أخى محمود الذى ما زال منشغلا بطعامه وكأن شيئا لم يحدث
ليس مجددا -قال محمد
ماذا تعنى؟ -سأل والدى
لا شئ لا شئ أبدا- رد محمد بسرعة
اتجه محمد إلى الباب وحاول فتحه مرة بعد مرة ولكنه لم ينجح. حاول والدى أن يساعده ولكن دون جدوى
هل هناك من أغلق الباب من الخارج؟ هل أغلقه على؟ -سأل والدى
لا أعتقد هذا- أجاب محمد
هل هناك أحد فى المنزل غيرنا؟- سأل والدى
لا لا أحد- أجاب محمد
وبينما نحن على هذه الحال إذا بالكهرباء تعود فجأة كما انقطعت فجأة وبعد لحظات عاد على وفتح باب الغرفة وما إن دخل
حتى سأله والدى هل أغلقت الباب من الخارج؟
لا- رد على
كيف دخلت إذا؟ لقد كان مقفلا بإحكام منذ لحظات -سأل أبى
لم يكن مغلقا بإحكام عندما وصلت لقد كان موصدا فقط- أجاب على
ما الذى يحدث هنا؟ -سألت أمى
لقد بدأ كل هذا منذ أسبوع تقريبا عندما............. أجابت فريدة
قاطعها محمد قائلا -فريدة توقفى لا علاقة لهذا بأى شئ هذه كلها مجرد أحداث وقعت بالمصادفة لا أكثر
أنا غير مرتاحة لما يجرى ربما يجب أن نستعد الأن للسفر لكى نعود باكرا إلى المنزل -قالت أمى
سكت أبى لوهلة ثم قال_حسنا احزموا حقائبكم لكى نغادر
لم لا تبقون هنا اليوم وتسافرون غدا- قال محمد
أخشى أن هذا غير ممكن. لا يمكننى أن أغيب عن الشركة أكثر من يومين- رد أبى
لم نستغرق وقتا فى إعداد الحقائب فلم نفرغ من محتوياتها إلا القليل ثم حملناها إلى الأسفل ووضعناها فى السيارة وعندما ركب
الجميع حاول والدى تشغيل السيارة مرة بعد مرة ولكنها لم تعمل. قام الأخ الأكبر محمد بفحصها وأخبر والدى أنها بحاجة إلى ميكانيكى
كان علينا الرجوع إلى المنزل وإعادة حقائب السفر إلى الداخل. يبدو أننا سنبقى لبعض الوقت
أنت تقرأ
المدفون
HorreurFind the truth and discover who you are when you know that your whole life is just a lie