كانت السماء صافية تخلو من الغيوم تنمو تحتها أنواع شتى من النباتات يتخللها هواء منعش يسرى فى الأفق بين الحين والآخر كما توجد أصناف كثيرة من الطير والحيوان
منها ما يطير ومنها ما يدب على الأرض هذا هو المكان حيث كنت أقف لطالما أردت أن أعيش في مكان بديع كهذا مكان تجتمع فيه كل مظاهرجمال الطبيعة ياله من حلم جميل وبينما كنت أتأمل المكان حولى فجأة اختل توازنى واصطدم رأسى بشئ
ما وفتحت عينى لأجد نفسى في السيارة يبدو أننى بالفعل كنت
أحلم كانت الساعة قد تجاوزت الثانية عشرة ليلا وكانت السيارة ما زالت على الطريق وقد هدأ المسير فقد صارت الطريق طريقا ترابية أرجعت ظهرى إلى الخلف و
اتخذت وضعية النوم وكعادتى بدأت الأفكار تتدفق إلى رأسى من كل حدب وصوب يمكننى أن أظل على هذه الحال ساعات طويلة أفكر
وأفكر وأفكر فأنا أكبر مفكر أعرفه بل إننى ملكة مملكة المفكرين غرقت فى مئات
الأفكار ومرت ساعة أو أكثر لم أشعر بها ولم يعدنى للواقع إلا صوت شخص يتحدث شخص يجلس فى مقدمة السيارة
كان صوت أمى وقد دار هذا الحديث بينها وبين أبى
أمى -لا أصدق أننى أتيت هنا مجددا بعد كل هذا الوقت أرجو أن نغادر سريعا
أبى-لا تحبين أن تكونى هنا فالمكان يعيد إليك بعض الذكريات القديمة أليس كذالك؟ لم يكن عليك الحضور إلى هنا وإحضار الأولاد كل هذه المسافة
أمى-اعتقدت أن سفرك هذا سيكون كباقى السفريات السابقة لكن يبدو أن الحظ خدمك هذه المرة
أبى-هذا يكفى لا أعلم لماذا لا تثقين بى كماكنت تفعلين سابقا؟
أمى-ربما لأنك لم تعد ذلك الرجل الذى عرفته من قبل
أبى-هذا فقط فى خيالك المريض
همت أمي بالرد ولكن بادر أبى قائلا-لقد وصلنا أيقظى الأولاد
أعتقد أنهما لم يلاحظا أننى استيقظت منذ وقت طويل وإلا لما كان دار بينهما هذا الحديث المريب الأن لدى العديد من الأفكار والتساؤلات تجرى فى دماغى
أى ذكريات تملكها أمى فى هذا المكان؟أنا لم آتى هنا قبلاولا أعرف لما أتينا الأن
تظاهرت بالنوم بينما بدأت أمى بإيقاظنا واحدا تلو الآخر وتعجبت عندما استيقظت بعد بضع دقائق ومن حسن حظها أننى كنت قد استيقظت فعلا
وإلا لما نجحت أبدا فى مهمتها أخرج كل منا أشياءه الخاصة من السيارة ومشينا باتجاه المنزل المقابل كانت الساعة
تقريبا الواحدة منتصف الليل خرج بعض الأشخاص من المنزل لاستقبالنا تحديدا كانوا شابين فى مقتبل العمر
ساعدونا على حمل الحقائب إلى الداخل وعندما أصبحنا بالداخل بدأ أبى بالحديث معهما
أبى- أين والدكما؟ أهو نائم؟
رد أحدهما-البقية فى حياتك توفى أبى منذ بضع ساعات وقمنا بدفنه قبل قليل
أبى(سكت قليلا)- لا حول ولا قوة إلا بالله (إنا لله وإناإليه راجعون) ولكن ما الأمر المهم الذى أرادنى من أجله؟
رد الشاب الآخر- لا أدرى ولكنه ترك لك هذه الرسالة لقد أعطانى إياها قبل موته بأقل من ساعة وألزمنى أن أسلمها إليك شخصيا
أخذ أبى الرسالة وفتحها بتلهف وبدت على وجهه علامات دهشة كبيرة وهو يقرأ الرسالة ثم نظر إلى الشاب وسأله
أبى- كيف كان والدك قبل أن يموت؟
رد عليه - كان بخير منذ أسبوع ولكنه مرض منذ عدة أيام ولازم الفراش
سكت أبى قليلا ولم يتحدث أحد غيره حتى قاطع هذا الهدوء الشاب الآخر قائلا- لابد أنكم متعبون من الرحلة وتريدون الراحة يمكننى أن أرشد كلا منكم إلى غرفته كل غرف الطابق العلوى شاغرة ويمكنكم المكوث فيها
وبعد دقائق قليلة كان كل منا فى غرفته أنا أخذت إحدى غرف النوم ومكث والدى بغرفة النوم الأخرى مع الرضيع أما محمود فقد نام على الأريكة فى غرفة الجلوس
بالتأكيد لن أستطيع النوم هذه الليلة فبغض النظر عن الوقت الطويل الذى قضيته نائمة فى السيارة خلال الرحلة لدى العديد من التساؤلات فى رأسى وكالعادة العديد من الأفكار والسيناريوهات
بدا لى مما حدث أن هؤلاء الأشخاص هم بعض أقاربنا من ناحية أبى ولكن لماذا لم أرهم سابقا ؟ولماذا لم نذهب لزيارتهم أو يأتوا لزيارتنا من قبل؟
وما تلك الرسالة التى أعطاها الفتى لوالدى؟ وما الأمر المهم الذى جعلنا نأتى كل هذه المسافة إلى هنا؟ فالمكان لا يبدو ممتعا أبدا كل هذه التساؤلات كانت
تدور فى رأسى ولا أجد لها جوابا ربما الأيام القادمة تكشف لى عن أسرار لم أعرفها قبلا ربما يتسنى لى الحصول على بعض الإجابات
ولحسن الحظ استطعت النوم بعد ساعة أو ساعتين من التفكير المتواصل ولكنه تفكير بدون جدوى أو نتيجة مرضية
أكثر ما يعجبنى فى النوم أنه يأخذنى إلى عالم من الأحلام حيث أجد كل ما أشتهيه أمامى دون بذل مجهود ياليتنى لا أستيقظ أبدا
أنت تقرأ
المدفون
TerrorFind the truth and discover who you are when you know that your whole life is just a lie