نايا //
أسحبُ كلامي لقد كرهتُ هذا المكان حقا ،بشكل منعزل ، لوحدي ،لا يوجد جيران إلا على بعد منزلان ، مع شاب ،وربما منحرف ،وبارد جدا ومغرور كما ولو أنه الوحيد على هذه الارض ،لو كلفني الامر المبيت في الشارع لن أتردد ، والعجوز ذاك لم يترك لي فرصة للرفض على حجة أنه وقع على العقد من قبل أحد أصدقاء قريبي ،أنا سوف أُريه وأَجعله يندم إن لم يعد لي نقود الشقة ، لم أعد أُريدها .
"الحل المثالي هو أن أتصل بسامي " همستُ لنفسي بعد أن استرخيت على الاريكة مقابل التلفاز ،أمسكتُ الهاتف بيدي وبحثتُ عن إسمه بين الأسماء ، تلك الأسماء التي لم أعد أحتاج أحدها إلا سامي .
نظرتُ حولي إلى الشقه ،إنها حقاً جميله مطبخ مفتوحُ على غرفة الجلوس العصرية مع أرائك سوداء ورمادية تتوسطها أريكة صفراء ووسائد ملونه على الصوفات وطاولة مستديرة خشبية وخلفها مكان لتناول الطعام يقابلها مكتبة كبيرة لوضع الكتب والتحف ويوجدلها باب زجاجي للحديقة مع ستاره مزخرفة بشكل عصري للغايه يوجد غرفة صغيرة فارغه بجانب طاولة الطعام ولها باب زجاجي للحديقة ،أما بالنسبة لغرفة النوم تصل لها بعد أن تصعد السلالم الملتفة وهي فوق المطبخ فقط ومعها حمام وشرفة تطل على الجبال خلف الغابة .
نظرتُ لإسمه على الشاشة ، كان وما زال لي أخاً وصديقاً وأبا ً بعد والدي رحمهُ اللّه ، منذ سنين مضت كنت أظنه يستمر بإزعاجي فقط لكرهه لي ولم ألحظ حرصه علي ، كان يجبرني على بعض الدورات الادارية ،وحضور العديد من اتفاقات شركة والدي وأعمامي كان يجبرني على حضور ملتقى الاعمال والشركات ، وتوقيع العقود ،ولن أنسى أول مرةٍ جعلني عنصر الاتفاق الرئيسي في أحد العقود مع مستثمرٍ خليجي ، كم كانت صعبة خرجتُ منها وأنا أبكي ،ذلك هو عالم رجال الاعمال والاموال ،قاسي لا يرحم أحد .
من كان معي بعد وفاة والدي الحبيب وسندي غيره ، إنه أكثر من مجرد إبن عم ، أنه يبلغ الثالث والثلاثين من عمره وانا في الثالث والعشرين ، هو كل ماتبقى لي ومن أجلي .
ضغطُ على إسمه وانتظرت ثواني و وصلني صوته الحنون بشوق ،
" نايا ،هل أنت بخير ؟هل كل شئ على ما يرام ؟ هل وصل..." رماني بأسئلته المعتاده كما السهام ،يذكرني بوالدي .
"انا بخير سامي وكل شئ جيد فقط أردتُ أن أُطمئِنك و أُخبركَ بأمرٍ ما " قاطعته بصوتٍ حاولتُ قدر الإمكانِ أن يكون متزن ، شوقه هذا يجعلني أرغبُ بالبكاء .
" هذا رائع ،لقد أقلقتني عليكِ جداً " أجابني براحة .
" أوه هل هذا هو سامي الذي أراد سفري بأي طريقة ،ماذا هل اشتقت لي ؟ " قلت مع نبرة خبيثة بعض الشئ .
" كيف لا أشتاقُ لُأختي وصديقتي الغالية ، وبالنسبة للسفر فقد أخبرتك من قبل أنه..." لم أدعه يكمل .
" أنسى ذلك والأن ما هي أخبارك ؟ وكيف أصبحت رانيا ؟ " سألته محاولة تغير الموضوع.
" رانيا دخلت في .... غيبوبة " قال بخفوت ونبرة مكسورة .
" أوه سامي أنا حقا أسفة لم أكن أعلم ، ظننتها أفضل ، ولكن لاتقلق سوف تعود يوماً ما ...لن تخذلك إنها رانيا الياسين " قلتُ مواسيةً له وربما لنفسي أكثر .
تحدثتُ معه قليلا وأقفلت الهاتف من دون أن أُخبره عن الشقة ،لأن حالة خطيبته رانيا سيئة جدا ، إنه يحبها حباً جماً ، كم تمنيت أن يحبني أحدٌ مثل مقدار حبه ،في البداية كنت أغارُ منها جدا لان سامي كان يقضي معظم يومه معها لم يعد يرافقني الى العقود وامور الشركة وما الى ذلك كنت اكرهها ، ولكنني احببتها لاحقا انهما رائعان مع بعضهما وسامة سامي وملامحة الجذابة حقا وشخصيته الافته ، جمال رانيا الرقيق وروحها المرحه ، إنهما ثنائي ساحر ،ولكن لم يكتمل هذا الثنائي فقد تعرضت لحادث مريع وهي تقود سيارتها مما أبقاها في المشفى رهن الرعاية وحدث ذلك بعد وفاة والدي بثلاث أسابيع مما جعل سامي في حالة يرثى لها ، كان يظهر نفسه دائما الأقوى بعد وفاة والدي
،لم يكن عمه وفقط بل كان مثل أخه وصديقه وكل شئ له هو من حوله من شاب طائش لا يعرف إلا المتعة واللهو إلى شاب متزن ذو شخصية لافتة أصبح صديقا للصغير قبل الكبير أصبح يوازن بين أُمور حياته بين العمل والشركة والمتعة ، كان متعلقاً بوالدي لدرجة قسوى وبعد وفاته زاد حرصه علي أضعاف أضعافه ، تلك هي مكائد الحياه .
لن أبقى هنا طويلا فقط حالمل تستقر أوضاعي وتتحسن رانيا وبعدها سوف أنتقل إلى المكان المناسب ،لا مشكله من بعض الراحة هنا .
أتممتُ ترتيب حقائبي وكل ما معي الأن ويتبقى فقط باقي أشيائي التي سوف تصل مع شحن الباخرة من كتب وتصاميم وما إلى ذلك .
إتجهتُ إلى المطبخ وفتحتُ البراد ،فارغ ؟ طبعا ماذا توقعت أن يضع لي طبق منسف أم ماذا يالغبائي ، إنها التاسعة مساءاً ،جيد .
لم يكن هنالك أغطية إلا واحداً أرخيت عظامي على الاريكة ولم أجد أمامي إلا سقفاً جديداً لأتأملهُ لحظات ودخلتُ في نومٍ عميق .
أوه عظامي متكسرة لا أستطيع تحريكها ، كل ما فيَّ يؤلمني ، كم أنا جائعة ، نظرتُ إلى الساعة من هاتفي ،ماذااااا؟! إنها الثانية عصرا ، ثمانية عشرَ ساعة وأنا نائمة ، حركت جسمي مع قليل ٍ من الحركات وذهبتُ لتغير ملابسي والخروج ، إرتديتُ تنورة سوداء مع قميص ومعه معطف طويل بلونِ الزيتي ووشاحٌ مزخرف بتلك الألوان مع الخمري وحجاب وحقيبة سوداوين وحذاء رياضي أبيض ، إنتهيت وفتحتُ الباب ووجدتُ زجاجة حليب وفوقها ورقة ،في وقته يومي من دون كأس حليب لا شئ كان مكتوب ( أهلا آنستي أهلا بك هنا أنا جوني من مزرعة الحليب ونحن نقوم بتوزيع الحليب كل صباح والدفع بداية الشهر ملاحظة ، علمنا من السيد والتر هو أخبرنا بهذا ) شربتُ كأساً وذهبت .
كان الذهاب مشيا في هذاالصباح فكرة منعشه أساساً لم يكن هنالك سيارات أجرة خرجتُ من الباب الزجاجي ورأيت سيارة في الكراج أظنها لجاري كم أرغب بتحطيها لعجرفته خرجتُ قبل أن أُلاقيه ،كان صوتُ حفيف الاشجار مثل نغمة يعزفها موسيقارٌ محترف كانت مثل نغمة صباحية .
توقفت عند أول مقهى وتناولت الافطار ،ماتبقي الأن هو معرفة موقع الشركة التي سأعمل بها ،سرتُ بلا وجهة مع تيار الهواء البارد سرت على رصيفٍ صفتهُ العراقة تلتقطُ عيناي صوراً لمختلف الاجناس والأعراق مختلفي الوجه ،منهم من هو مع والديه منهم من هو مع حبيب ومنهم من هو مع صديق أو قريب ومنهم من هو وحيد في هذا الطريق الطويل يتكئ على أحلامه للوصول إلى نجاحه ومنهم من هومثلي من يتكئ على ذكرى وطنه وذكريات الماضي من يتكئ على إسم وطنه على ذلك الشرف العربي ليصل إلى نجاحه ، كل ما تمنيته هو أن أُصِل الإسم العربي الإسلامي إلى العالم أجمع ،ليس بأي صورة وإنما بصورة نجاحٍ مميز بصورة لن يستطيع من عرفها أن يمحيها من عقله أن يعرف العالم أننا لم ولن نكون إرهابين ،أن يتذكر هذا العالم ذاك التاريخ المجيد المرصع بالمجد والإفتخار ، أُريد أن يفتخر كل عربي ومسلم بنفسه بأصله وتاريخه ،أريد أن يعود مجد هذه الأُمة.
وصلتُ إلى موقع الشركة بعد السير مدة نصف الساعة ،إن تصميمها مبهرٌ حقا ً ، فلنخاطر وندخل ، قام الحراس بالتأكد من هويتي ودخلت توجهت الأنظار إلي مباشرة ً ،تجاهلتها و اتجهتُ إلى الإستقبال تحققت من إسمي في السجلات وأخبرتني أنه يمككني مقابلة المدير الأن ،كان أسهل مما توقعت ،إتجهت إلى مكتب المدير إستقبلتني المساعده و دخلت برفقتي ، طرقت الباب ودخلت وتبعتها ،" سيد راي إن للأنسة موعدا معك "
وجهتُ نَظري مباشرةًإلى ذلك الخمسيني ذو الملامح الحاده ، كانت تعبر عن مدى فطنته وذكاءه ، ولا بد من بعض المُكر .
وبتَدَأَ المشوار
أنت تقرأ
شرقية الكيان
Romanceوإن سألتني عن الحب الحقيقي ... فإنه ذاك الحب الذي تغير كل ما فيك وبك لأجله ، محاولتك لتكون لآئقاً به ...لآئقا بنقائها وبراءتها ، فتستحقها . وما حال تلك الروح الشرقية ... بها وبدونها.... نصف في موطنها ونصف معها وما كانت ديانتها إلا ملتقى للسلام والكي...