كان لها سبعة بساتين وقفتها على بني هاشم وبني المطلب، وجعلت النظر فيها والولاية لعليّ (عليه السلام) مدة حياته وبعده للحسن وبعده للحسين (عليهما السلام) وبعده للأكبر من ولدها، وكان كتاب الوقف موجوداً عند الإمام الباقر (عليه السلام) كما في كتاب الكافي للكليني، صورة الكتاب هكذا:
بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمة بنت محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بحوائطها السبعة: العواف والذلال والبرقة والمبيت والحسنى والصافية وما لأُمّ إبراهيم إلى عليّ بن أبي طالب، فإن مضى فإلى الحسن فإن مضى فإلى الحسين فإن مضى الحسين فإلى الأكبر من وُلدي. شهد الله على ذلك والمقداد بن الأسود والزبير بن العوام وكتب عليّ بن أبي طالب.
أما كيف وصلت هذه البساتين السبع إلى السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) فقد روى في (تاريخ المدينة) للسمهودي ج2 ص152 أن مخيرق اليهودي كان من أحبار يهود بني النضير أسلم وقُتل يوم أحد، وأوصى ببساتينه السبع إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فأوقفها النبي سنة سبع من الهجرة على خصوص فاطمة (عليها السلام) وكان يأخذ منها لأضيافه وحوائجه.
وأوصت لأزواج النبي لكل واحدة منهن اثنتا عشر أوقية، ولنساء بني هاشم مثل ذلك، ولأُمامة بنت أبي العاص بشيء(1).
إن كان بعض المسلمين لم يراعوا حرمة سيدة نساء العالمين في حياتها، وأذاقوها أنواع الذل والهوان، وقابلوها بالاعتداء والكبت، ولم يرقبوا فيها كرامتها ولا كرامة أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله).
ولم يحفظوا فيها كلام الله تعالى حيث أنزل آيات بينات في حقها وحق زوجها وولديها سيدي شباب أهل الجنة كآيات التطهير والمباهلة وسورة هل أتى وآية المودة في القربى.
وكأنَّهم لم يسمعوا وصية أبيها في حقها حيث قال: (المرء يُحفظ في وُلده) وقوله: (فاطمة بضعة مني، من آذاها فقد آذاني) وأمثال ذلك من الكلمات التي أوصى بها الرسول أمَّتُه بحق ابنته الوحيدة فاطمة الزهراء.
ولم ينصروها حينما استنجدت بهم واستنصرتهم فلم يسعفوها، ولم يتكلم منهم متكلم.
فإن الله تعالى قد حفظ لفاطمة الزهراء (عليها السلام) مقامها، ولم يبخس من حقها شيئاً، فلقد ذكرها في كتابه المجيد، وأحلَّها محلاًّ لم تدركه أية أنثى في العالم، وقد جعلها الله سيدة نساء العالمين.
وبعد هذا كله فإن الله تعالى سيُظهر عظمتها لأهل العالم كلهم في يوم القيامة.
في ذلك اليوم الذي يحشر فيه الظالمون ووجوههم مسودّة.
في ذلك اليوم الذي يعضّ الظالم على يديه.
أنت تقرأ
فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد
Historical Fictionالإهداء إلى سَيّدنا ومَولانا بقيّة العتْرَة الطَاهِرة الإِمَام المهدي المنْتظر (عليه السلام). إليْه أهدي هذه الصفحات المشرقة المتلألئة بحياة جدّته الصدّيقة الطّاهرة، ملكة الإسلام فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها). وأنا واثق أن هذهِ الخِدْمَة الضئيلة...