من منا لم يبكي..
من منا لم يبكي ألما عندما تحطمت كل آماله ، عندما أقنع داخله و روضها على أنه سيفعلها هذه المرة ، سيجازف بنفسه و كيانه من أجل حلمه الذي لا يفتك أن يتذكره في نومه ، في أكله في يأسه في قرحه ، في أقصى درجات شغفه و ادناها .. من منا لم يبكي من أجل حلمه الماجن ، الساحر ، الهارب من القانون ، ذلك الحلم الضائع ما بين ليالي فبراير و حزيران ، تموز و اغسطس ..ذالك الحلم الازرق الحزين كتب عليه النسيان فلم يكن له إلا أن يختفي و يمحى ... ذلك الحلم العقيم الذي حكم عليه غيبيا أن ينتحر و يشنق فتيا ..
من منا لم يبكي ...
منا منا لم يبكي عندما استيقظ صباحا وحيدا بعدما كان خليلا لهذا و أنيسا لذاك ، حبيبا لتلك و رفيقا لهاته ، أهي الظروف ام هم من أتقنوا الكذب فلم يصدقوا يوما ؟، اهي الظروف ام هم من تفننوا النفاق فأضحوا على اوج النجومية فلم يهتموا لحظة ؟ ، أهي الظروف ام هم من تجردوا الوفاء و تبنوا الجفاء و رحلوا دون سابق إنذار ؟ أهي الظروف أم هم !
ستبكي ألما ، ستدخل في علاقة أبدية مع الحزن و لن تنجو منها ، ستبكي حزنك بين التارة و الآخرى سترتبط به ارتباط سرمديا ممزوجا ببعض الكآبة ، سترتشف دموعك أخر الليل ، و تستيقظ باكرا آملا أن يمر اليوم بخير ثم تعود إلى دوامتك اللامتناهية و تختفي تدريجيا..
من منا لم يبكي ...
من منا لم يبكي عينيه ليلا ، عندما عم الهدوء و سكن المكان و طفق يجول في الزمان يتذكر كيف كان و كان ...كيف وقع في حبها و ناظل من أجلها حتى أضحت له و إليه تنتسب ، كيف اغرته بعينيها و انسته أن يأخذ حرسه و لا ينسحب ، أصبحت خيوطهما متشابكة بفظاظة حتى بعدما اغرته رمته كما ترمى بقايا السجائر الخامدة ، بعدما كان سيدها و سيد نفسه اخمدته و في عالم العبيد زجت به ، فأتقن البكاء و لا زال يبكي في الاركان و كل الإرجاء ..
من منا لم يبكي ..
من منا لم يبكي معها و عليها ، أماا كانت ام جدة ، هي امي ، امك ، امهم تبكي و لن تتوقف يوماً عن البكاء ، تبكي ابنها المعاق و تتمنى لو انها تمحي كل هاعاته بعناق، هي امي ، امك و امهم ، تبكي ولن تتوقف يوماً عن البكاء ، تبكي و ترثي جنينها في مهده الذي لطالما حلمت بهزه و هز كل أحزانها ناثرة ايها في السماء بين النجوم فوق السحاب خارج الفضاء ، هي امي امك و امهم ، تبكي و لن تتوقف يوما عن البكاء ، تبكي عجزها و كبر سنها ، تبكي همها و ضقة صدرها ، تبكي حبها و رهفة قلبها ، تبكي بؤسها و تشكي حاجتها ، تبكي زوجها و أباها ، تبكي أمها و كل بناتها ، تبكي اخوتها و جارتها ، تبكي اهلها و كل كيانها ، ولن تتوقف عن البكاء يوما ....
من منا لم يبكي ...
كلنا نبكي ولازلنا نبكي ، خلقنا نبكي دهشتنا للحياة اول مرة و اغلبنا فارق الحياة يبكي راجيا أهله السماح و حسن الختام ، كلنا يبكي و لا زلنا نبكي.

YOU ARE READING
عثرات قلم
Spiritualitéلا اعلم لماذا لا تجدي الحياة معي نفعا مهما حاولت إغراىي و انتشالي و جذبي لها، لكنني لا أحبذ رؤيتها و انبذ ايامها و لياليها ، كل صباحتها و امسياتها ، قد تتعدد تعريفات و مسيميات شعوري الغريب تجاه الحياة و لكنني رغم كل ما يقال امقت البقاء حيا لرؤية الح...