الفصل السابع والعشرين

4.9K 137 0
                                    


" سأذهب اليه جدي... لن اتحمل فكرة كونه يتعذب الان وهو يظنني اكرهه"
صوتها القاطع لم تدع له فرصة للرفض... ولكن سأل مؤكدا
" ألا تريدين معرفة ما عرفته عنه حين ارسلت يونس لبلدته"
سمعها تتنفس بعمق قبل ان تعلنها بقوة
" اعذرني جدي... لكني لا اهتم بأي شئ الان الا ان اخفف عنه معاناته .... ارجو ان لا تراني وقحة"
ابتسم لصوتها الخجل علي الجانب الاخر من الهاتف قبل ان ينهي المكالمة
" اراك عاشقة يا ابنة ابراهيم... انتظريني مع معاذ حتي آتي لكما"
انهي المكالمة وهم بالخروج الا انه لم يستطع ببساطة ان يتركها نائمة... فقد تصاعد قلقه عليها لاوجه... لاول مرة منذ زواجهما لاتستيقظ لصلاة الفجر او تحضير اففطاره
لايهتم لذلك... كل مايهمه ان تكون بخير
لذا اقترب ليجلس علي طرف السرير... يتحسس وجهها ورقبتها وبداخله ذلك الخوف الذي يأتي كرفيق للتقدم في العمر
الخوف ان تستيقظ في صباح يوم ما لتجد رفيق العمر ... يعانق الموت بدلا من ان يعانقك
تنفس بإرتياح وهزيمة تفتح عينيها هامسة مابين النوم واليقظة
( منصور... هل حانت صلاة الفجر بالفعل!)
ابتسم لها منصور بحنان وهو يتلمس ملامحها التي لم تتغير في نظره عن ملامح فتاة في التاسعة عشر تجرأت علي " طلب يده " للزواج
( لقد اوشك المؤذن علي اعلان صلاة الظهر يا كسولة... هيا حتي تصلين الصبح)
انتفضت بفزع هاتفة
( يا الهي ... اعذرني يا ابو قاسم يبدو ان العجز قد اصابني بكثرة النوم)
قطب وهو يشوح يديه بغضب مصطنع
( اي عجز هذا وقد اضطررت لانهاء حفل الامس بسبب الشباب التي لاتتوقف عن مغازلتك)
ضحكت هزيمة بحبور وهو يطعن الهواء بعصاه بشر
( لقد كدت ان ارتكب جريمة حين اتي احدهم يطلب الزواج منك... مني ظنا اني ابيك)
قهقهت هزيمة ووجهها يحمر ... فبالرغم من يقينها ان مايقوله مزحة الا ان كلماته كانت علي روحها كبلسم
" جدييييااااااييييااااي" نداء صارخ علي طريقة طرزان افزع كلا العجوزين وجعل هزيمة تنطق بالبسملة
" جدييييياااااييييييااااي" تحرك منصور ليفتح الباب وهو يسب عز الذي يظن نفسه في غابة ما
فتح منصور الباب فوجد عز علي كرسيه المتحرك يلف حول نفسه بسرعة ... يلعب
حين رأي جده حانقا... غمز عز لجده مشاغبا وهو يقول
( امي والسيدات ينتظرن جدتي وقد قلقلن عليها لتأخرها... فطلبن مني ان اتي اليك مطالبا بالافراج عنها وانهاء جلسة الغرام)
لولا سرعته في الابتعاد لكانت عصا جده قد اصابته بالارتجاج وهو يهتف به غاضبا
( الايام دول يا عز.... ييوم آت لا محالة)

( عسولي...) هل يحلم حلما بهذه اللذه ام ان الايام عادت للوراء بالفعل
(عسووووولي..) انتفض ابراهيم واقفا من غفوته علي الاريكة وهو يتأكد ان نداء رقية ليس حلما
فمنذ ايام زواجهما الاولي وبعد ان اتت والدته وغفران ليقيما معهما ... لم يسمعها تناديه مدللة بصوت مسموع
سارع للمطبخ حيث مصدر النداء.... ليقف مشدوها وقد سقط فكه من المفاجأة حرفيا
جلست رقية فوق طاولة المطبخ كما كانت تفعل في شبابها تهز ساقيها بنعومة ... ولدهشته كانت ترتدي غلالة نوم هكذا في وضح النهار وخارج غرفتهم ... شيئا لم تفعله منذ زمن بعيد حدا لازدحام البيت الدائم
تلفت ابراهيم حوله كالمجنون ليأتي صوتها مغناجا ناعما
( لاتقلق ... لا احد في البيت سوانا... انا وانت وحدنا)
هرع اليها يحملها بين ذراعيه وهو يهتف بحماس ( والمطبخ ثالثنا)
بعد وقت وقف ابراهيم يقلي الفلافل في الزيت بينما وقفت رقية جواره في غلالة اخري بلون عينيها فزادتها تألقا
اخذت نفسا عميقا وقررت البدء بخطتها البسيطة جدا
( عسولي..) همهم مستجيبا دون ان يحيد عما يفعله لتستكمل ( مارأيك لو عدنا لبيتنا هناك ... وحدنا كشهر عسل متأخر بعض الشئ)
ألتفت اليها مستعجبا من طلبها
( عجيب... دوما تطالبين بالنزول لمصر اول مرة تطلبين الرحيل)
لفت ذراعيها حول رقبته بتدلل وهي تهمس عند خده
( عسولي... لاول مرة سنكون وحيدين تماما كأيام زواجنا الاول... لذا انا اريد انتهاز الفرصة قبل عودتنا لزفاف غفران وهانيا)
استطردت تشرح
( بالتأكيد لن تترك هوينا اختها وعمتها في تلك الايام... كما انك كما تري حسن منذ اصابة عز ورحيل هلال يتحمل مسئولية العمل مع خالي ولن يتركه هو الاخر في الوقت الحالي نهائيا)
اعجبه ماقيل ووافق هواه الذي لايشبع من فأرته ابدا... فوافق بلاتفكير
( حمدلله ارتاح قلبي علي الصامدة والشقية... تبقت التقية) ضحكت رقية للاسماء التي طالما اطلقها علي الفتيات الثلاث ثم التقطت الخط وهي تراها فرصة سانحة
تنهدت بآسي مبالغ وهي تقول
( اتدري! لقد تمنيت شخصا بعينه لهوينا... شاب رائع ومن عائلة عريقة... ابن اصول صحيح... ومستقبله اكثر من مبشر بالخير... اما اخلاقه فاللهم بارك )
جذبت رقية انتباهه بوصفها المنبهر لذلك الشاب الذي يتمناه اي اب لابنته
( من هذا الشاب! وهل هو مرتبط لذلك ترين انه لم يعد يصلح لهوينا)
صمتت لثانية واحدة لتشوقه للاجابة قبل ان تهمس كمن يهمس بسر عظيم
( صقر الصعيدي... تعرفه طبعا. لكن المسكين لن يجرؤ علي طلب يد هوينا بالرغم من رغبته الواضحة لذلك... لانه كان مسجونا)
وقبل ان يعترض ابراهيم اويغضب لانها تفكر بشخص رد سجون لابنته سارعت تحكي
( سُجن في قضية تشاجر تقريبا او عاهة لا اتذكر... لانه ضرب شخصا عديم الشرف اراد الاعتداء علي اخته... وحين سألته الشرطة رفض شرح اسبابه حتي لا يعيب في المسكينة او يشوه سمعتها)
كانت عينا ابراهيم تتسعان مع وصفها لصقر الذي ابهره وجعله مع نهاية كلماتها يهتف تماما بما ارادت هي وخالها
( والله شخصا بهذا الشرف وهذا الايثار... لايستحق اقل من ابنتي كزوجة)

عانق اشواك ازهاريحيث تعيش القصص. اكتشف الآن