ذاتُ السائِل الملحِي يقسِرُ طريقَهُ على وجهيهِما المُتقابلينِ يأسًا.
التفاصيلُ الدافِئة لذكرياتِهِ الراحِلة, النيرانُ الذميمة التي ما تلبثُ تكتسِحُ عقلَه, وأصواتُ الاستِغاثة الطارِئة حديثاً, اطلعَت عليها جميعًا, أبصرتها كامِلة وعاشَتها خطوة بخطوة معَهُ مُبصِرة.
وكانَ ذلِك فَزعًا لا يقارنُ بالنسبةِ لها, بعدَ أعوامٍ مِن عزلِ حياتِها بعيدًا عَن الجميعِ, بعدَ عهدٍ بعدمِ السماحِ ليديها بإمساكِ صورةٍ أخرى, عدَمَ إعادَةِ إحياءِ أي ذكرياتٍ لأيٍ كان, هي فشلَت ذريعًا, أقبلَت على الفعلِ ثانية, وكسرَت قلبًا, مُجددًا.
استمرَت تُحدِق بِهِ, بحالِهِ الذي يرثى عليهِ, عيناهُ الواسِعة تُغرِقُ كُل وجهِهِ, شفاهُهُ دونَ لونٍ ترتجِفُ مُشتاقة لِلمياهِ, وخداهُ مُحمرينِ مِن السُبُلِ التي شقتها الدموعُ عليهِما, رغمَ طولِهِ الفارِعِ وبنيتِهِ الصلبة, كشفتهُ عبراتُهُ كطفلٍ تائِه, يقاسي ليعثُرَ على مَن يُنجِدُهُ, يبكي انقِطاعَهُ الدميم.
بدت روحُهُ مُتربعة على عرشٍ عظيمٍ مِن الوحدة, تِلك الذِكرياتُ التي سمحَت ليديها بالعرضِ أمامَه, كُلها اكتظت بثلاثةِ وجوهٍ, لَم تحتَج قدرًا عاليًا مِن الذكاءِ لُتدرِك الأمرَ, لتعلَم أن رغبةَ عيشِ هذِهِ الذكرياتِ مُجددًا كان فِعلًا صادِرًا عن اشتياقٍ شديد, عانيًا كونَ هؤلاءِ الثلاثة لم يعودوا من سُكانَ هذهِ الأرض.
تنافَرَت الأحاسيسُ داخِلها مشحونة, ارتجَف بدُنها لحالهِما, هي وهو على الأرضِ, كلاهُما يجهَرُ بالنحيبِ على شَّجنِ الحياة, لَم تأذَن لِلترَدُدِ في فِعلِها أن يأخُذَ سبيلاً, حبَت على رُكبتيها إلى حيثُ جلَسَ, أمالَت لقُربِهِ واحتوت رأسَهُ المُبلَلَ بمزيجٍ مِن الدموعِ والعرَقِ بينَ دفءِ ذِراعيها الرماديتان, خضعَ هو دونَ تضارُبٍ واندفَن بفعلٍ غير مُخطَطٍ في جناحِها بصورةٍ أعمَق.
"لا بأسَ, انتهى الأمر."
همَسَ صوتُها مواجِهًا شعرَهُ أكثَرَ مِن أذُنِهِ, بدى خثينًا جِدًا وكأنها أضربَت عن استخدامِهِ لأعوامٍ عديدة."ولكنني لا أريدُهُ أن ينتهي!"
كلامُهُ ضبابيٌ تمامًا وأحرفُهُ تعتصِرُ قلبها قبلَ قلبِه.
"أريدُهُم أن يعودوا! أو أن يأخذوني معَهُم!"دمعة واحِدة عريض انبثَقَت مِن تجويفِ عينِها اليُسرى, عانقَت كتفيهِ مزيدًا, لانَ بدَنُها, وتفكَرَت بصوابِ الكلامِ الذي عليها قولُه.
"أخبرني."
عبثَت بأطرافِ شعرِه الداكِنة.
"ما سبَبُ وجودِ هذهِ النيرانِ في ذكرياتِك؟""إ-إنها ليسَت جُزءًا مِن ذكرياتي."
تعثَرَ مُحدثاً.
"أنا لَم أكُن موجودًا عِندما حدَثَت حتى!"
![](https://img.wattpad.com/cover/156706273-288-k241000.jpg)
أنت تقرأ
Photograph || صورة
Fanfic-عندما يذهَب جونغكوك في مُهِمة لإعادة إحياءِ الذِكرياتِ الأحبِ إلى قلبه. E: 200818 Cover by: @designsoliders