《٢》

1K 131 151
                                    

"لو أضفت إلى الخطايا السبعة سيكون الخيال خطيئتي بلا شك"

أنصار الأحلام النبيلة والخيال الخصب، لا تنظروا إلي باستنكارٍ هكذا رجاءً؛ ليس بعد سجلٍ حافل بقلة الانتباه وبطء التحصيل الدراسي والتباعد الاجتماعي!

ورغم أنني حاولت التصدي لعلّتي مراراً حتى أمضي في الحياة قدماً على نحو صحيح؛ إلا أنني كنت عالقة بمستنقع الإدمان بالفعل، فلم تزدني المقاومة إلا غرقاً. وكأي مدمن بقيت أتجرع تلك المتعة الزائفة باستمتاع؛ على كلٍ، بعد أن أستيقظ من هفوتي يمكنني دائماً بذل مزيد من الجهد للتغطية على عيوبي، إذ منّ الله علي بنفحة كاريزما تجذب انتباه الآخرين بلا عناء، فلا ينقطع التواصل الاجتماعي أو القدرة على خلق حوار، أو لعله ذاك التناقض الغريب في الكون؛ تعزف عن الناس فيقبلون على صحبتك أفواجاً، وتتوق للقياهم فيعرضوا عنك كما لو كنت وباءً قاتل!

وأما الدراسة، فحتى السلحفاة البطيئةٌ ربحت سباقها مع الأرنب بدأبها على التقدم دون انقطاع مهما سرقتها عقارب الوقت بتخاذل. إلا أنني كنت في النهاية كمن يدهن شقوق جداره القبيحة بطبقةٍ مزدوجةٍ من الطلاء للتغطية عليها بدل ترميمها!

ووسط طريق النجاح المتلوي الذي كنت أسلكه، أهدتني مُعلمتنا الصالحة "ليلى"، وأمنا الثانية التي لم تمنحها البيولوجية حق إنجابنا، فعوضها الإله بوليد عشق مكنون داخل قلوبنا أجمعين، كتاب تنمية بشرية على شكل قصص قصيرة كعادتها في تكريم متفوقي مادة التربية الإسلامية*(١)، ربما لأن هوسي بهذا النوع كان مكشوفاً لسيطرة الذكاء الذاتي على ملكاتي، ورغم سقوط معظم قصصه من منافذ ذاكرتي القصيرة مع مرور الزمن، إلا أن واحدة منها تظل عالقة برأسي بعناد؛ لعظم أثرها في نفسي ربما:

"يحكى أنه كان هنالك شابٌ بذراع واحد، أراد تحدي إعاقته بتعلم رياضة الكاراتيه، إلا أن معظم المراكز كانت ترفضه لعدم لياقته الجسدية كما يظنون، ما عدا مدرباً واحداً، قَبِل به أخيراً شريطة أن يسجل بالمسابقة الوطنية بعد انتهاء تدريبه، وعكف بعدها على تعليمه حركة واحدة لا غير.

في البداية، ظنّها الشاب مزحة لكسر الجليد؛ ليس قبل أن يجد نفسه عالقاً وسط حلبة النزال أمام أول منافس في سلسلة عملياتٍ انتحاريةٍ هوجاء، تنتهي دائماً وللعجب، بتساقط خصومه كأوراق الخريف موسماً بعد الآخر لا هو؛ حتى فاز بالمركز الأول رغم أحادية إمكانيته!

جوسكاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن