الفصل الثاني

68.3K 1.8K 55
                                    

الفصل الثاني
كانت جالسة على طاولة الطعام تتناول غدائها مع علياء ... كانت علياء تتابعها طوال الوقت وقد لاحظت شرودها فسألتها بحنان :
" مالك يا سالي ...؟ مش بتاكلي ليه ...؟!"
" ابدا مفيش حاجة ..."
" هتخبي عليا انا ..."
قالتها علياء بتأنيب فاخفضت سالي رأسها خجلا ... سألتها علياء مرة اخرى لتجيبها سالي بنبرة حزينة :
" مخنوقة اووي ... نفسي اخرج من البيت ده ... اتخنقت من قعدتي بين اربع حيطان لا بشوف حد ولا حد بيشوفني ..."
صمتت علياء ولم تقل شيئا فهي تعرف ان سالي معها كل الحق فهي محبوسة طوال الوقت داخل جدران هذه الفيلا لا تخرج منها ابدا ولا ترى اي حد عداها هي والخدم ...
" معلش حبيبتي ... ايه رأيك بعد الغدا نخرج بره في الجنينة نزرع ورد ..."
أشاحت سالي بوجهها ناحية النافذه ثم قالت بعيون دامعة :
" هو كل يوم الجنينة ... مفيش مكان تاني اروحله ... انا مليت منها ... ومليت من كل حاجة في الفيلا دي ..."
" طب تروحي فين بس ...؟"
" مش عاوزة اروح اي مكان ... انا عارفة انوا مكتوب عليا افضل محبوسة هنا طالما جدو عاوز كده ..."
تنهدت علياء بصوت مسموع بينما كفكفت سالي دموعها التي بدأت بالهطول حينما سمعا أصوات سيارة تأتي من الخارج ... قفزت سالي من مكانها وهي تقول بلهفة :
" دي اكيد رزان جت ..."
ركضت ناحية الباب الخارجية وفتحتها وخرجت لتجدها تهبط من سيارتها ...
هبطت رزان من سيارتها وتقدمت ناحية سالي وعلى شفتيها ابتسامة سعيدة ... سارت اتجاهها بخطوات سريعة ثم ضمتها بقوة ما ان وصلت اليها ...
ابتعدا الفتاتان عن بعضهما بعد لحظات لتقول رزان بنبرة اشتياق :
" وحشتيني ..."
ردت سالي عليها بابتسامة :
" وانت وحشتيني اكتر ..."
اردفت بانزعاج مصطنع :
" كده متجيش عندي اسبوعين كاملين ..."
رزان باعتذار :
" آسفة والله ... كان عندي شغل كتير في الشركة ... "
" خلاص سماح المرة دي ..."
" بصي جبتلك ايه ..."
قالتها رزان وهي تتجه ناحية سيارتها لتخرج منها كيس كبير يحتوي على انواع مختلفة من الملابس وتقدمت به ناحية سالي والتي أخذته منها بلهفة كبيرة و بدأت تقلب في الملابس بسعادة بالغة ...
**************************************
خرج مازن من غرفته وهو يرتدي ملابس الخروج ...هبط درجات السلم متجها الى الباب الخارجية للفيلا حينما لمح والدته تجلس في صالة الجلوس تتابع التلفاز والتي صاحته ما ان رأته قائلة :
" مازن ... انت خارج و رايح فين ...؟"
تقدم مازن ناحيتها وهو يجيبها بجدية :
" رايح أقابل حامد الشناوي ..."
عقدت حاجبيها بتعجب وسألته باستغراب :
" هتقابله ليه ..."
اجابها باختناق :
" عشان نحدد معاد الفرح ..."
ابتسمت والدته لا إراديا وقالت بسعادة واضحة :
" انت وافقت ...؟"
" ايوه وافقت ..."
قالها مازن بحنق واضح جعل والدته تخفي ابتسامتها بسرعة وتنهض متجهة نحوه قائلة بنبرة جذلة :
" معلش يا مازن ... انا عارفة انوا صعب عليك تاخد قرار زي ده ... بس معندناش حل تاني ..."
" حاسس اني ببيع نفسي ليه ..."
قالها مازن بقهر واضح فنهرته والدته بسرعة :
" متقولش كده ... انت بترجع فلوسك و بتحافظ على اسمك ..."
في نفس اللحظة فتح الباب و دخلت اخته ريم الى المنزل ...
" مساء الخير ..."
ألقت التحية عليهم فردوا عليها بينما تحدث مازن قائلا :
" انا لازم اروح دلوقتي ..."
" رايح فين ...؟"
تسائلت ريم بتعجب لتجيبها والدتها نيابة عنه :
" رايح يحدد معاد فرحه ..."
" ايه ده يا مازن ... هو انت خطبت دينا ..."
رشقتها والدتها بنظرات محتقنه جعلتها تهز رأسها باستغراب بينما قالت والدتها :
" لا مخطبش دينا يا ريم ... مازن هيخطب حفيدة حامد الشناوي ..."
" معقول ... طب ودينا ...؟!"
زفر مازن انفاسه غضبا ثم قال بازدراء :
" انا رايح أقابل الرجل قبل ما انفجر هنا ..."
سار مبتعدا عنهم  خارج الفيلا متجها الى فيلا حامد الشناوي بينما تسائلت ريم بسرعة :
" انا مش فاهمة اي حاجة يا مامي ... احكيلي كل حاجة بلييز ..."
" اقعدي واحكيلك ..."
جلست ريم بجانب والدتها التي بدأت تسرد على مسامعها جميع ما حدث وما يخص زواج مازن من حفيدة حامد ...
**************************************
جلس مازن امام مكتب حامد على الكرسي المقابل له ... تقدمت الخادمة منهما ووضعت فنجان القهوة امامه وفنجان اخر امام حامد ...
ما ان خرجت الخادمة من المكتب حتى تحدث حامد بابتسامة قائلا :
" كنت متأكد انك هتوافق يا مازن ..."
لم يجبه مازن الذي كانت ملامحه يغلب عليها البرود بينما اكمل حامد بدوره قائلا بجديه :
" نخش في التفاصيل على طول ... انا مش طالب منك اي حاجة ... وانا زي ما قلتلك ... المهم عندي تتجوزها وتخلف منها وبعدها اعمل اللي انت عاوزه ..."
سأله مازن بوجوم :
" والطفل ...؟"
" ماله ...؟ "
اجابه مازن بجدية :
" اضمن منين انك مش هتاخده مني ..."
" لا اطمن خالص ... انا مستعد اكتبلك ورقة تنازل عنه لو عاوز ..."
تطلع اليه مازن باستغراب حقيقي ثم سأله بجدية :
" لما انت حتى الطفل مستعد تتنازل عنه ... مصمم عالجوازة دي ليه ...؟"
اجابه حامد بغموض :
" ده شيء يخصني ... انت ملكش فيه ..."
أردف مازن متسائلا مرة اخرى :
" طب وحفيدتك موافقة ...؟"
اجابه حامد بثقة :
" متقدرش ترفض ليا اي كلمة ... سالي مطيعة ومستحيل تعاند او تمانع حاجة انا بقولها بس خد بالك هي مش عارفة عن الاتفاق اللي بينا ..."
" ليه مقولتلهاش ...؟ كده احنا بنخدعها ...؟"
" قلتلك من الاول الكلام ده ملكش فيه ...انت ليه مصر تدخل نفسك في حاجات متخصكش ... انت المهم عندك فلوس ابوك وأملاكه ... ودي هتاخدها كاملة..."
زم مازن شفتيه بضيق بينما أردف حامد قائلا :
" المهم ... خلينا نحدد معاد الفرح ... وخد بالك انا مش عاوز فرح كبير وهيصة ... عاوز بس المقربين من العيلتين يجوا ... سالي مبتحبش الدوشة والحفلات الضخمة ..."
" حاضر ... حاضر يا حامد بيه ... عاوز معاد الفرح يبقى امتى ...؟!"
حامد بجدية :
" الخميس اللي جاي ..."
" اللي هو بعد بكره ..."
قالها مازن بدهشة ليقول حامد :
" خير البر عاجله ... ولا انت مش عاوز تطمن على فلوسك وثروتك ..."
**************************************
انتفضت دينا من مكانها وهي تقول بصدمة شديدة :
" تتجوز !!! انت بتقول ايه ...؟ انت اكيد بتهزر ...؟"
تنهد مازن وقال بجدية :
" اقعدي يا دينا وخلّينا نتفاهم ..."
ردت دينا بعصبية :
" نتفاهم ايه بس ... انت خليت فيها تفاهم ... بقى انا جايه ليك عشان واحشني الاقيك بتتجوز ..."
نهض مازن من مكانه واقترب منها قائلا بنبرة هادئة :
" دينا ممكن تسمعيني ... انتِ عارفة اني بحبك ... وعارفة انوا ده غصب عني ..."
زفرت دينا انفاسها ضيقا ثم قالت بقهر :
"بس مش لدرجة تتجوز يا مازن ... استحمل ازاي حاجة زي كده ...؟!"
"حبيبتي ، ده جواز مصلحة ... سنة بالكتير وينتهي ... المهم ارجع فلوس من البني ادم ده ... انتِ عارفة انوا ده الحل الوحيد عشان ارجع ثروتي ... مقداميش حل تاني ..."
دينا بعدم اقتناع :
" مش عارفة أقولك ايه ..."
مازن برجاء :
" قوليلي انك هتوقفي جمبي وتساعديني لحد ما أتخطى المرحلة دي ..."
أردف بعدها بجدية :
" لو بتحبيني هتستحملي عشاني ..."
" انت عارف اني بحبك يا مازن ... بلاش تختبر حبي ليك فالطريقة دي ..."
صمت مازن ولم يتحدث وقد سيطر الوجوم على ملامحه ... شعرت دينا بانزعاجه فقالت بابتسامة مصطنعة :
" خلاص يا مازن ... انا هفضل جمبك ومش هسيبك ... وهستحمل جوازتك دي ... بس اوعدني ... سنة واحدة بس مش اكتر ..."
قبض مازن على خصرها مقربا اياها منه وهو يهتف بها :
" وأقل منها لو اقدر ... صدقيني سنة واحدة وهرجعلك وابقى ليكي لوحدك ..."
**************************************
انتفضت من مكانها برعب وهي ترى جدها يدخل الى غرفتها ... اخر مرة رأته فيها منذ عامين ... لم تره طوال عامين كاملين الا انها تحفظ بالتأكيد ملامحه المخيفة وكلامه المؤذي الذي يلقيه في وجهها ...
تقدم ناحيتها قليلا ثم قال بصوته الغليظ الذي يبث الرهبة داخلها :
" جهزي نفسك ... بعد بكرة فرحك ..."
"ايه ...!!!"
صرخت بعدم تصديق ثم قالت باندهاش شديد وهي تشير الى نفسها باصبعها :
"فرحي انا ..."
" ايوه فرحك ... عارف انها صدمة كبيرة ليكي ... مهو مش معقول وحدة زيك تتجوز ... دي مبتحصلش حتى في الاحلام ..."
ابتلعت غصتها داخل حلقها وسألته بجدية :
" ومين ده اللي هيرضى يتجوزني ...؟"
" مازن الدمنهوري... اكيد متعرفيهوش ..."
هزت رأسها نفيا بينما اكمل بدوره قائلا بجدية :
" المهم بكرة هتكوني عندي بالفيلا ... هتلاقي كل حاجة جاهزة للفرح ... قبلها هتعمليلي توكيل عشان اكتب الكتاب نيابة عنك ... فاهمه ...؟"
هزت رأسها موافقة على كلامه بينما خرج هو من الغرفة تاركا اياها لوحدها ترتجف من رأسها حتى اخمص قدميها محاولة استيعاب ما سمعته منه ...
**************************************
دلفت رزان الى غرفة مكتبه وهي تسأله بصوت عالي بعض الشيء :
" الكلام اللي سمعته صحيح...؟"
اجابها حامد بسخرية :
" هي الأخبار وصلتك بالسرعة دي ...!"
" انت ازاي تعمل حاجة زي كدة ... ازاي ...!!"
كانت تصيح بصوت عالي جعله يصرخ عليها بصوت حازم :
" وطي صوتك احسنلك ... ولآخر مرة بقولها الزمي حدودك معايا .."
أردف قائلا بنبرة متسلطة غليظة :
" انا أقرر واعمل اللي انا عاوزه ومحدش يقدر يرفض ... الكل لازم يكون مطيع ليا وانتِ أولهم ..."
" لو فاكر اني هسكتلك وأوافق  على قرارك ده تبقى غلطان ... الجوازة دي مش هتم ... انا مش هسمح ليها انها تتم ...هتشوف رزان هتعمل ايه ..."
خرجت صافقة الباب خلفها بينما أمسك الجد هاتفه بسرعة واتصل على وسام ... ما ان جاءه صوت وسام حتى سأله بسرعة :
"انت اللي قولت لرزان على موضوع الجوازة ..؟"
" ايوه انا ..."
" عاوزك تخفيها باي طريقة لحد ما الفرح يخلص ... شكلها ناوية تعملي مشاكل ..."
" أخفيها ازاي ...؟"
سأله وسام بعدم فهم ليقول جده بعصبية :
" أتصرف يا وسام ... اعمل اي حاجة ... المهم متبوظش الفرح ..."
"  حاضر ...حاضر ..."
قالها وسام واغلق هاتفه ليفكر بطريقة مناسبة يخفي من خلالها رزان ...
*************************************
بعد مرور يومين
وقفت امام المرأة تتطلع بانبهار الى ذلك الفستان الأبيض الضخم الذي يغطي جسدها النحيل ... لم تتصور في أبعد أحلامها انها سترتدي في يوم ما فستان كهذا ... شعرت بغصة قوية وهي تتطلع الى وجهها المشوه وتمنت لو بامكانها ان تمحي ذلك التشوه من على وجهها ... ذهبت بتفكيرها نحو عريسها وتذكرت وسامته ورجولته الطاغيه بعد ان بحثت عن صوره في الانترنت وانبهرت به ... لم تصدق ان هذا الشاب المليء بالوسامة والرجولة سيتزوج بها هي ... ما زالت تجهل سبب موافقته على الارتباط به وهي بهذه الهيئة ... استبعدت ان يكون سبب زواجه بها من اجل المال فهو من عائلة غنية مشهورة ... اذا لماذا سيتزوج بها ...؟
تقدمت علياء منها وقالت بعينين  مدمعتين ونبرة حنون :
" ماشاء الله يا سالي ... تجنني ..."
" اجنن ايه بس يا دادة ... احنا هنضحك على بعض ولا ايه ..."
قالتها سالي بسخريه جعلت علياء تربت على ذراعها وهي تقول بحنان بالغ أدمعت عينا سالي على اثره :
" في نظري انتي تجنني ... كفاية انك بنتي اللي ربَّتها وعشت معاها سنين عمري ..."
ضمتها سالي بقوة وهي تقول بنبرة صادقة :
" وانتِ امي اللي مجابتنيش وربنا عالم بمعزتك عندي ..."
خرجت من بين أحضانها بعد ذلك وهي تقول بحزن :
"هي رزان مش هتجي ولا ايه ...؟"
اجابتها علياء بارتباك :
" مانتي سمعتي جدك قال ايه ... قال انها مسافرة فشغل مهم تبع الشركة ..."
" مش معقول متحضرش معايا وتوقف جمبي فيوم زي ده ..."
صمتت علياء ولم تتحدث الا انها من الداخل كانت تعرف بان ثمة شيء ما غريب يحدث فالجد يبدو انه يخطط لشيء سيء ... سالي بنفسها تعرف ان هناك لغز وراء هذه الزيجة الا ان لهفتها وعدم تصديقها لما تمر به جعلتها تتغاضى عن كل هذا ...
**************************************
اوقف مازن سيارته امام فيلا حامد الشناوي حينما هتفت والدته بغيظ :
" انا مش عارفة ايه معناه اننا مش هنعمل فرح ولا اي حاجة ..."
مازن بتهكم :
" انتِ صدقتي ولا ايه انها جوازة بجد ..."
" حتى لو ... دي اول جوازة ليك ... مش معقول تعدي كده ..."
تحدثت ريم بضجر :
"كفاية بقىً ...احنا مش هننزل ولا ايه ..."
أردف هاني وهو صديق مازن المقرب :
" خلونا ننزل يا جماعة وبعدين نتناقش في الموضوع ده ..."
" بلغتي بيت عمي ...؟"
سألها مازن بجديه فاجابته والدته بضيق :
" لا طبعا ... لما يرجعوا من السفر هبقى أبلغهم ..."
هبط الجميع من السيارة وتقدموا الى داخل فيلا فوجدوا كلا من حامد ووسام وعدد قليل من أقاربهم في انتظارهم اما فادي فلم يأتِ الى الزفاف فالامر لا يعنيه  ...
رحب حامد بهم وجلسوا في الصالة ليأتي المأذون بعد دقائق ... تم عقد القران وأطلق الخدم الزغاريد احتفالا بهذه المناسبة ...
نهض مازن من مكانه وصافح حامد الذي بارك هذه الزيجة وطلب من الخدمة ان يطلبوا من سالي النزول ...
بعد لحظات هبطت سالي درجات السلم وهي تخفض رأسها نحو الأسفل ... كانت تشعر بالخجل الشديد والرهبة من التجمع الذي تراه امامها فهي لم تعتد الظهور امام هذا التجمع الكبير من الناس ... تقدمت ناحية مازن الذي رفع وجهه ناحيتها لينصدم بقوة ممايراه امامه ولم تكن صدمة والدته والحظور باقل منه ... بينما ابتسم الجد بخبث وهو يشاهد الصدمة والنفور الواضح على وجه الضيوف واولهم العريس الذي ما زال غير مستوعب لما يراه امامه ...
نهاية الفصل

عروسي المشوهة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن