الفصل الاول

25.9K 495 27
                                    

اذكر الله قبل قرائتك للفصل 💚
الفصل الأول :
جالسة هي بصحبة ابنة عمها التي هي كالأخت بالنسبة لها ..فمنذ الصغر وهي صديقتها المقربة التي تعلم جميع اسرارها وخباياها بالرغم من فارق العمر بينهما الذي يصل الي اربعة سنوات الا ان ذلك لم يقف ابداً حائلاً بينهما ..وتوطدت تلك العلاقة أكثر لسكنهم في نفس البناية بل نفس الطابق فشقتهما مقابلتان لبعضهما 
قالت سما مبتسمة :بجد انتي مش متخيلة كمية السعادة الي البيت كله فيها ..اخيرا هيرجع وحشني اووي الحيوان ..طول عمره احن واحد في الدنيا واقرب واحد لقلبي ..صمتت قليلا ثم قالت باعين يملؤها المكر : وانتي يا ليلي كريم موحشكيش ؟!
تلبكت ليلي قليلا ثم جاوبت : هه !!يعني اكيد وحشني هوه اخويا والي مربيني من وانا صغيرة ..
نظرت لها سما بتلاعب ثم قالت بنبرة متهكمة : اخوكي اه مهو علي يدي ..يلا يختي نروح نشوف امي وامك في المطبخ لحسن هيموتونا ..دول محسسني ان في قبيلة معزومة عندنا عاملين اصناف اكل تكفي شهر لقدام
ـ امال يوسف فين صحيح ؟؟!مش باين بقالو حبة ليكون وقع ولا حصله حاجة !
ـمتخافيش يختي مع لما بتلعب معاه ..ده انا الي امه مش خايفه عليه قدك
ـ طبعا لازم اخاف عليه ده حبيب قلب خالتو ليلي ده
ـطاب بالله عليكي اخلصي عشان هنتعلق دلوقتي
ضحكت بصوت مرتفع وقالت : طيب يختي اهه بالراحة ..
..هو ؟؟!! ..هو أبيها الذي شبت علي وجوده جوارها حتي جاء الوقت الذي تخلي فيه عنها بحجة انه يريد السفر كي يدرس  الهندسة بالخارج عن طريق منحة أخذها لتفوقه الدائم ..بالطبع والده لم يعارض فهو يري مدي أهمية تلك الفرصة لمستقبل ولده الوحيد ولكن ماحدث ان سنوات الدراسة تبعتها ثلاثة سنوات بحجة انه وجد وظيفة جيدة ستكسبه خبرة تساعده حين عودته لايجاد عمل وايضا سيكون نفسه مادياً ليكمل ثماني سنوات بعيداً عنها  ..تركها هي مفطورة القلب تستشعر مرارة فقدان الأب للمرة الثانية ..كان من المفترض ان يأخذ عمها دور الأب في حياتها ولكن ما حدث كان غير ذلك ..فمنذ طفولتها وكان لها الحامي والملاذ الوحيد ..كانت تلك افكارها وهي واقفة بالمطبخ من المفترض انها تقطع الخضراوات ولم يخرجها من تلك الافكار سوي هتاف والدتها وهي تقول انه قد عاد !!
.......................................................
علي الجانب الاخر كان هو هائماً في ضحكتها الخلابة  التي اشتاق اليها حد الجنون..فقد تزامن دخوله للشقة مع دخولها للمطبخ ..مرت ثمانية سنوات ..كان قد تركها طفلة حينذاك ...في العاشرة من عمرها كانت ..لكم تمني رؤيتها ؟!!كل دقيقة وكل لحظة انه كان يحارب رغبة تسحقه وتفتته لاشلاء وهي رؤيتها ..والان عرفها علي الرغم من التغيرات الكبيرة التي طرأت عليها  فقلبه يحفظها عن ظهر قلب قد تحولت من طفلة الي انثي ابدع الخالق في تصويرها ..ضحكتها تلك حركت مشاعره بطريقة كادت تحرقه  لكم اراد ان يجري  ناحيتها الان ويجذبها الي صدره فيحتجزها بين ضلوعه ويبعدها عن كل الناس ..هي جوهرته ومعشوقته ..هي كانت تلك التفاحة المحرمة ولكن الان صارت حلالاً ..
استقبله الجميع استقبالاً حاراً وسط بكاء كثير ولوم وعتاب ..فهو لم يزورهم طيلة تلك السنوات ..لم يعد ..
وكيف له ان يعود وهو بالأصل السبب الرئيسي لسفره هو ان يبتعد عنها ..خاف ..خاف من سيل مشاعره الهوجاء التي يمكن ان تحرقها ..قد عشقها كما لم يعشق أحد في العالم قط ..وهي كانت تلك الطفلة التي دوماً ماتناديه بتلك الكلمة البغيضة "أبيه " ..وقتها استشعر ان مشاعره لها ستسلك درباً أخر فقرر الانسحاب ..وأنسحب ..عاش مرارة الوحدة بعدما تعود علي جو أسرته الكبيرة الدافئة ..ولكنه تحمل  حتي جاء هذا اليوم فهي بالفعل قد أتمت الثامنة عشر فالأن فقط يمكن ان تكون زوجته شرعاً وقانوناً ...فارق العمر بينهما كبير هو يعلم ولكن هي لن تكون لغيره وان اضطر لمحاربة العالم .. لايدري متي وكيف ولكن ما يعلمه هو انها ستكون له في اسرع وقت ....انه جنون العشق يا سادة ..
بالطبع أخذته والدته في احضانها بعدما أشبعته سباباً وضرباً  ودموعاً علي هجره الطويل لهم ...وقد نال حصته من "هدي " والدة ليلي والتي بالرغم من كونها زوجة عمه الا انها كانت في مكانة الأم له فبالفعل هو كان يحيي بأمين ...مرت لحظات الاستقبال الحار بسرعة ...لم تتوقف الا في تلك اللحظة التي كان فيها قد القي التحية علي كل أفراد الأسرة سواها ...ثم جاءت كلمة أمه التي سخر منها كثيراً في ذهنه ..
ـ دي ليلي يا حبيبي اكيد معرفتهاش ...كبرت ماشاء الله وبقت عروسة ده انت كنت سايبها عيلة هبلة بضفاير ..ثم أكملت بعتاب : مهو لو كنت زي البني ادمين وبتنزل كل سنة حتي تشوف أهلك كنت عرفتنا واحد واحد ...
ألا يعرفها ؟؟!! كيف وهي ساكنة الفؤاد والعقل والروح ..وان اعطوه ورقة وقلم لرسم ملامحها عن ظهر قلب ..تلك الملامح المحفورة في قلبه بحروف العشق الابدي ...
نظر لها بنظرة جاهد لتصنع الجمود بها وهو يتجاهل يدها التي امتدت لكي تصافحه قائلاً بكل برود الكون : عاملة ايه يا ليلي ؟! معلش مبسلمش علي ستات ..
أبتلعت غصة مريرة في حلقها والدموع راحت تترقرق في مقلتيها فحاولت إخفائها : الحمد لله ..حمد الله علي سلامتك ...قالتها ثم ركضت منصرفة لشقتهم المواجهة تاركة له حصة التوبيخ الكبري ..
نظرت له والدته بلوم وهي تقول : ليه كده تحرجها يا شيخ حرام عليك ...تعالي يا سما نروح نشوفها هي من غير حاجة حساسة وتلاقيها مموتة نفسها عياط ..
نظر له والده بخيبة أمل ثم قال بلهجة ظهر فيها العتاب جلياً : أنا نازل استني صلاة العصر في الجامع ..أبقي حصلني يا سبع البرمبة ...
ولم يبقي في الغرفة سواه هو و "هدي " والدة "ليلي" نظرت له نظرة لوم ثم قالت : هتفضل طول عمرك جلنف كده ..أهطل طول عمرك بتهبب الدنيا وترجع تندم ...أنت تعرف هي مستنياك بقالها قد أيه ؟؟!! أنت تعرف انت وحشتها قد أيه طيب ؟؟!! دي بنتي يا غبي يعني حتي لو محكتليش انا بعرف ...
نظر لها بحزن وهي الوحيدة في هذا العالم التي تفهم معني نظراته أكثر من أمه التي حملته وأرضعته ...فلقبرهم الشديد تبادلت الأمان الادوار فصارت "هدي " الاقرب لكريم و"عائشة "الاقرب لليلي ...
نظرت له بعمق ثم قالت : ولو ؟؟!! ولو وحشتها زي أخوها الي رباها بس المشاعر موجودة ...ياض انت ليه محسسني انك معدي المية وهي لسه في اللفة ..ياما ناس اتجوزت وفرق العمر بينها زيكوا واكتر وعاشوا خلفوا والدنيا تمام ..ده امك وابوك اكبر مثال ..
ـ ايه الي جاب الموضوع ده للموضوع ده ؟!! وبعدين علي فكرة انا فعلا مبسلمش علي ستات ..
ـ انا وانت عارفين كويس ان الموضوعين ليهم علاقة ببعض ومعاهم سفرك من أوله ...وبعدين حتي لو مبتتهببش تسلم ابتسم في وشها حتي يا أخي لا انت من اول م دخلت مصدرلها الوش الخشب وعمال تتكلم مع كله وسايبها
نظر لها بألم وهو يقول : انتي ليه مش حاسه باللي انا فيه ؟؟!! انا مش قادر اكلمها ولا ابص في وشها ...شعور اني بغضب ربنا بيحرقني ..انا مجرد م احس انها بس موجوده في المكان الي انا فيه مشاعري بتتحرك بطريقة غبية مابالك باني اشوفها او اسمع صوتها ...انتي تعرفي انا بعاني قد ايه عشان ابقي ثابت كده قدامها .. هي شايفاني اخوها ومش هتشوفني غير كده وده حاجة بتموتني لوحدها ...
ـ يا غبي هي شايفاك اخوها عشان هي طول عمرها بتتعامل علي الاساس ده انما لو حست وعرفت انك مش كده مشاعرها هتتغير صدقني دي بنتي وانا الي اعرفها ... السنين الي عدت دي كفيلة انها تغير حاجات كتير ...كفيلة انها تبعدها عن فكرة انكوا اخوات دي
نظر لها ببعض الأمل قائلا: تفتكري
أبتسمت وهي تبعثر شعره كحركة محببة لها منذ كان طفلاً : أفتكر يا أخرة صبري ..واهدي بقي كده واعقل بدل م ارميهالك بشنطة هدومها ....أما اروح اشوفها تلاقيها قالباها مناحة انت عارفها طول عمرها ملكة الأفورة ...انت عملت فيا جميلة يا شيخ انك هتاخدها ..
ضحك بشدة علي تعبيرها فهو بالفعل يعلم صغيرته فهي حساسة كالزهرة لا تتحمل اتفه الاشياء منذ كانت رضيعة وكان دوماً هذا سبباً من أسباب قلقه وخوفه عليها ...تذكر تلك اللحظات التي كانت تأتي فيها له بالمدرسة فقد حرص أبوه ان يرتادا نفس المدرسة ...تأتي له وتتمسك بطرف بنطاله كي يحملها ثم تشكو له أحدي زميلاته التي سخرت من لون شعرها الأحمر المميز وشبهته بالساحرات لكم كانت خرقاء تلك الطفلة فكيف تسخر من تلك الميزة الرائعة التي أودعها الله بصغيرته ...كان دوماً يذهب معها ويلقن الفتاة درساً طويلاً ثم يأخذ طفلته ويشتري لها حلوي كي تكف عن البكاء فسرعان ما تعود بسمتها المميزة لها مرة أخري ...أهٍ لكم أشتاق لتلك الأيام ...وقتها لم يكن قد فسر مشاعره لها بعد ...لم يكن قد علم بكم الحدود والحواجز التي يجب ان يرسمها بينهما ...ولكن بعد سنوات الفراق والهجران عاهد نفسه علي الدفاع بضراوة عن حقه فيها ...عاهد نفسه علي أمتلاكها قلباً وقالباً كما أمتلكته ...

لعنة حبك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن