الخاتمة

15.5K 497 50
                                        

الخاتمة :
ما ان سمعت هذا الخبر حتي دارت بها الدنيا وسقطت مغشياً عليها ... كان الجميع لا يعرف أيبكي ويحزن ام يري تلك المسكينة ويحاول ان يسعفها ...سقط والده علي الكرسي مثقلاً بهمه ولسانه لا يقول سوي لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين  وأمه التي جحظت عينيها في صدمة ولم تبدي ردة فعل اخري غير الذهول ... جرت كل من هدي وسمل ليحاولا افاقة ليلي وكل منهما يحاول ان يقنع نفسه بكذب هذا الخبر الذي فيه نهاية كل شئ ...نهاية نبع الحنان الذي كان يفيض علي الجميع ...رن جرس الباب فتحامل زياد "اخو ليلي " علي نفسه وذهب كي يفتحه وما ان فتحه حتي جحظت عينيه بصدمة وهو يقول بصوت عالٍ " كريم !! "
ـ مالك ياض محسسني انك شوفت عفريت ليه كده اوعي دخلني !!
ـ لا يعني اصلك كنت م ...مسافر النهارده يعني ...هو انت بجد مسافرتش ؟؟!!
ـ مهو بفقاقتك دي طالما انا قدامك دلوقتي يبقي اكيد مسافرتش ...وبعدين اوعي من وشي بقولك الدنيا صيام والواحد مش ناقص ...
كان يدلف ممسكاً في يده باقة كبيرة من الزهور وحقيبة هدايا ...لكن ما ان رأي ذلك المشهد قام بألقاء كل مافي يده وركض مسرعاً ناحيتها ...كانت فاقدة للوعي ملاقة علي الاريكة مما جعله يشعر ان قلبه قد تمزق الي قطع صغيرة ...
ما ان رآه الجميع حتي جحظت عيونهم ....ونظرت هدي نحوه بزهول ثم ركضت له مسرعة وهي تضمه الي صدرها ببكاء قائلة : ابني حبيبي ...الحمد لله ياما انت كريم يارب ..
افاق والده من صدمته ثم حمد الله وشكره كثيراً ...ولكن سرعان ما تذكر امر التي لم تقوي علي تحمل ذلك الخبر وعليهم افاقتها الان ...
قال كريم بعصبية مفرطة  بعد ان أخذها بين ذراعيه وفك حجابها كي لا يعيق تنفسها: هو انتو كلكوا هتفضلوا متنحين فيا كده ...هاتوا مية وبرفان بسرعة !!
ومرت تلك اللحظات كالسنوات علي الجميع حتي افاقت ...واول م رأت عيناها كان وجهه ...نظرت له بصدمة ثم دفنت وجهها في صدره وأخذت تبكي بشدة تمزق نياط قلبه ...أخذ يربت علي ظهرها ويهدهدها كالطفل الصغير وهو يقول : خلاص يا حبيبتي خلاص انا جنبك اهه ...ثم قال موجها كلامه للبقية : هو ايه الي حصل لكل ده ؟؟!! ساعتين اغيبهم الدنيا تتقلب كده !!
ـ أصل الطيارة الي انت كنت المفروض تركبها وقعت ...,احنا يعني فكرنا انك بعد الشر جرالك حاجة فهي مستحملتش واغم عليها علي طول ...كان هذا صوت هدي التي جاهدت لتخطي تلك الصدمة الاليمة لها فهو لم يكن يوما الا ابنها الذي ربته كأمه ...
تعجب من هول الموقف ثم قال وهو يحمد الله في ذهنه الف مرة : سبحان الله بجد !! انا كنت وصلت المطار وخلاص هركب الطيارة بس وصلتلي الرسالة بتاعت ليلي ومهانش عليا اسافر وانا مزعلها وانا فعلا غلطان اني مقولتلهاش فكلمت الناس بتوع الشركة واتخانقت معاهم شويه واتفقنا اني هحل الموضوع بالنت ...انا مش قادر اتخيل بجد !!
ـ الحمد لله يا حبيبي ربنا ده احن واحد في الدنيا وهو العالم بحالنا وهو الحفيظ  الي نجاك من الموت ...لازم بجد نطلع حاجة للفقراء بس المهم دلوقتي هدي مراتك يلا ...وانتو يلا روحوا شوفوا كنتوا بتعملوا ايه وسيبوهم لوحدهم وانا هروح اصلي ركعتين شكر عشان ربنا نجانا من المصيبة الكبيرة دي وبالمرة ادعي للي ربنا اتوفاهم ...الحمد لله حتي يبلغ الحمد منتهاه ...
وغادر الجميع ولم يبقي سواهما ...كانت هي لا تزال تبكي علي صدره فحاول التخفيف عنها وهو يقول بحنو : خلاص بقي يا حبيبتي انا جنبك اهه ومش هروح في اي حتة ...الحمد لله يا حبيبتي الحمد لله ..
قالت بصوت يغلفه البكاء والشهقات : انت مش عارف انا حسيت بايه !!! انا حسيت اني اتيتم تلتاني مرة ...انا حسيت ان روحي اتسحبت مني .....انا من غيرك والله م اقدر اكمل حياتي مقدرش بجد مقدرش ...
ـ بس بس ...انا الحمد لله يا حبيبتي اهه جنبك ومش هسيبك تاني وهخليكي جنبي كده علي طول ...
قالت وهي تنظر له بعينين متسعتين كالاطفال : وعد ؟؟!
ضحك علي برائتها ثم ضمها اليه مرة اخري قائلا: وعد يا طفلتي ...
أستقرت لحظات علي ذراعيه جعلت كل منهما ينسي العالم من حوله ثم فجأة انتفضت وابتعدت عنه وهي تقول بغضب : اوعي كده هو انت مفكرني نسيت الي انت عملته ؟؟؟!! لا وكمان كنت هتتهبب تسافر من غير م تقولي !! وانا عند كلامي بقي طلقني !!
ـ انتي يا بت هبلة هو مش انتي الي خلتيني من شويه اوعدك اني ماسيبكيش ؟؟!! وعد الحر دين عليه بقي يا قطة ...
ـ يووه بقي جتك القرف ... قالتها وهي تدبدب علي الارض كالاطفال ...
ضحك علي تعبيراتها ثم قام واحضر الزهور والهدية واعطاها اياهم وهو يقول : انا اسف ...سامحيني عشان انا بجد مقدرش علي زعلك ...
لمعت عيونها ببريق السعادة ثم اخذتهم منه دون ان ترد عليه وتركته وذهبت ...فقال هو : اه يا مادية يا حقيرة ...طاب استني يا بت طيب ...طاب صافي يالبن ؟؟!!
قالت وهي تقف علي مدخل المطبخ  بابتسامة سلبت لبه : حليب يا قشطة ...
.....................................
واليوم هو قبل عيد الفطر المبارك بيومين ... دخل كريم المنزل بعد ان صلي صلاة التروايح هو وابيه فأستغرب ان النساء لم يذهبن للصلاة حينما سمع اصواتهن ...
ـ ايه ده انتو بتعملوا ايه وايه الربكة دي ؟؟! كان هاذا حديثه مع امه وزوجة عمه ...
قالت عائشة بتبرم : سلامة الشوف بنعمل الكحك والبسكوت بتاع العيد ولا انت عشان بقالك سنين برة نسيت ...
دائما يجب ان تغلف كلامها ببعض اللوم والعتاب علي غيابه ولكنه بالفعل يستحق لم يعطي بالا للموضوع وقال : لا بس يعني اصل كله دلوقتي بيجيب جاهز ...
كان الرد من نصيب هدي هذه المرة : لا يا اخويا احنا ايه الي يعرفنا اذا كان المحل نضيف ولا لا وبعدين دي عادة ربنا م يقطعها احنا مش بنحس بالعيد الا كده أصلا ...
كانت لما الصغيرة تحاول ان تشكل العجين مثلهم فأخذ يلعب في شعرها وهو يقول : حتي انتي يا زقردة بتعملي معاهم !!
ابتسمت بفخر وهي تريه ما قد شكلته : اه يا ابيه شوفت انا عملت كل الحبة الي قدامي دول لوحدي
ـ شطورة يا حبيبة قلبي عشان انتي شاطرة في كل حاجة كده هننزل نجيب عروسة جديدة النهاردة انا وانتي ولولة ...
ابتسمت بسعادة بالغة وهي تقول : هييييه ...قبل شعرها ثم قال : امال فين الزقردة الكبيرة ؟؟!!
قالت عائشة : لو تقصد اختك فهي مشيت جوزها لسه واخدها دلوقتي ... ثم قالت بابتسامة خبيثة :ولو مراتك فهي كانت جوة بتعجن عجينة  البسكويت ...ولم تكمل كلامها حتي خرجت وصعق هو من شكلها حتي فتح فاه !!!
كانت ثيابها ووجها مليئ بالدقيق وتلبس ثياباً قديمة وشعرها مبعثر حولها بشكل مفزع ...
وما ان رأته هي حتي فزعت وصرخت بهم قائلة : مش تقولولي انه جه بدل م يشوفني بالمنظر العرة ده الله يسامحكوا ...كانت علي وشك البكاء من الاحراج فهرعت الي غرفتها لتبدل ثيابها بسرعة ..
اخذ الجميع يضحكون بما فيهم هو وقال بمزاح : انتو متأكدين ان هي دي الي هتجوزها بعد 4 ايام !!
ـ مهي دي يا خويا الي حفيت عليها سنين ولا نسيت ...كان هذا كلام هدي
ـ جرا ايه يا دودو ان الله حليم ستار بقي قلبك ابيض ...ثم اكملوا ضحكهم من جديد ....
...........................................
بعد ان ابدلت ثيابها وعدلت مظهرها خرجت ووقفت معه في الشرفة كي يتبادلان الحديث فقال لها : انا مش عارف اقتل اخوك يده ولا اقف جنبه ؟!!
نظرت له بأستغراب ثم قالت: ليه عملك ايه زياد ؟؟!!
ـ شوفته النهارده كان قاعد هو ولما وكانت مشغولة بالعروسة الجديدة الي نزلت معاها جبناها دلوقتي ومش بتلعب معاه ...قعد يزعق فيها عشان مش معبراه ...
ـ طاب وايه في كده ؟؟!!
ـ الي في كده ان ده مش اول موقف اشوفه ليهم همه الاتنين يحسسني انه بيحبها ...نظرت له بصدمة فأكمل : بصي انا عارف انهم اطفال بس ...بس هو بيفكرني بيا اووي ...انا كنت بعمل كده معاكي ...كنت ببقي لسه مشتريلك لعبة جديدة عشان تفرحي بيها بس لما كنتي بتتشغلي عني كان بيبقي نفسي اكسرها اووي ...انتي كنتي طفلة فأكيد مش هتفتكري الكلام ده بس انا بجد شوفت نفسي فيه اووي ...وشوفتك في لما ...مبقتش عارف اروح اكسر دماغه عشان دي اختي ولا اساعده عشان حاسس بيه ...الحب في الوقت ده من كتر م هو بيبقي برئ بيكبر مع الواحد لدرجة انه بيشوف انه احق بالي بيحبه من كل العالم ...انا كنت بحس بكده بجد .... عشان كده قررت اني انصحه وافضل مراقبه واشوف تصرفاته عشان اساعده ومخليهوش يغلط غلطاتي ...وفي نفس الوقت اطمن علي اختي
نظرت له ودموع السعادة تهطل من عينيها قائلة : هو انت بجد بتحبني من واحنا صغيرين كده ؟؟!!
ضحك ثم قال : بحبك من يوم م اتولدتي وكنت انا اول واحد يشيلك علي ايده قبل امك وابوكي حتي ...
نظرت له بمشاعر لا يمكن لكلمات ان توصفها وهي تقول : بحبك ...بحبك اووي
نظر لها بدهشة وهو يقول : كفارة يا شيخة اخيراً ده انا قولت هقضي عمري كله من غير م اسمع الكلمة دي ...
ضحك كل منهما بشدة ونظرا لبعضهما البعض نظرة سعادة وعشق وهيام ...

تمت بحمد الله ..

لعنة حبك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن