2

19 4 0
                                    


وقفت لارا في المطبخ تساعد صديقتها الخادمة كيندل في غسل أطباق الغداء، و لاحظت الخادمة مدى الشرود و الخمول الواضح على هيئة لارا، حتى أنها لم تلاحظ بأن  كيندل قد بدأت تتحدث معها، و كان صوت كيندل كأنه موجة من بعيد نحو لارا، و فجأة أدركت لارا صوت صديقتها الذي دوى في رأسها للتو : هل انتي هنا يا لارا. . لارا ..لارا ..
و قالت لارا بصوت جاف خفيض : آسفة يا كيندل لم اسمعك، إنني شاردة الذهن منذ فترة، أن ما حدث كفيلا بأن يجعل حالي هكذا، أليس كذلك؟ لقد كانت فوبي من مسؤوليتي حمايتها. ..
و فجأة غطت في نوبة من بكاء عميق خفيف الذي عادتا لا تصاحبة الدموع، حاولت كيندل من تهدأتها و قالت : أن هذا هو القدر يا لارا، لست الملامة فالموت هو الموت دائما يأتي بشكل مفاجئ و خصوصا للأشخاص الذين لديهم مقتبل العمر .
هدئت لارا قليلا، ثم فتحت عينيها و كأنها تستعد لتقول شيء مهم، ثم قالت : فوبي لم تمت بهذه الطريقة، أنها جريمة انا واثقة من ذلك .
قالت كيندل باستغراب : و لكن المعبر الخشبي كان قديماً و آيلا للسقوط، أنه حادث، هذا ما اعتقدة كما رجحت الشرطة ذلك .
نظرت لارا نحو الفراغ و هي تقول : لكنني واثقة من ذلك، أن هناك أشياء كثيرة حدثت في الأيام الأخيرة، تجعلني متيقنة بأن جوا من الشر وراء موت فوبي .
- مثل ماذا؟ .
تراخت لارا قليلا و قالت بصوت حاد : هناك مثلا العلاقة بين السيد هاورد و زوجتة التي بدت فاترة بشكل واضح، و تحديدا بعد موت فوبي، و هناك شيء من حديث لهما التقطت اذناي بعضا منه و كان محتواه ' أن اروين هاورد قد أقدمت على أمر جعل زوجها السيد هاورد يفور من الغضب نحوها، لأنها لم تخبرة عنه في اوانة و قد عرف ذلك بالصدفة من تلقاء نفسه ' .
- و هل تعتقدين أن ذلك الأمر له علاقة بموت فوبي؟ .
- نعم. لأن علاقتهما قبل موت فوبي لم تكن فاترة و انطوائية بهذا الشكل، ألم تلاحظي ذلك يا كيندل؟ .
- نعم لاحظت، و لكنني لم افتح المجال لعقلي بهذه الطريقة، لا أعني أنك تتوهمين، و لكن أقصد أنني لم أهتم كثيرا لهذا الأمر، و لكن كان يلوح في فكري شيء من هذا القبيل، أجل . لقد لفت انتباهي ذات مرة حطام لصورة ورقية ممزقة في سلة المهملات، و بدافع الفضول قمت باخذها و جمعتها فأصبحت صورة للسيدة اروين هاورد و هي أصغر سنا، و كانت صورة لواقع كانت تعيشة، فكانت ترقص في مكان مزري كالمومس، و ذات مرة قرأت رسالة على هاتفها الخاص بطريق الخطأ و كانت تحتوي على تهديد بفضح سرها أن لم تنفذ المطلوب منها .
قالت لارا بشيء من الارتياح : هذا جيد جدا، إنها معلومات مهمه، و توضح بعض الأمور، من الواضح أن هناك شخص له علم بماضي السيدة هاورد، و كان يبتزها للحصول منها على مبالغ مالية، و سحبت السيدة اروين هاورد المال من الحساب المصرفي و اعطتة لهذا الشخص، و فجأة علم السيد كريك هاورد بذلك، و عرف بأن زوجتة هي من وراء ذلك، و هذا يفسر ذلك الحديث بينهما الذي سمعتة .
- ما زلت لا أفهم، ما علاقة كل ذلك بموت فوبي ؟ .
- أؤكد لك يا كيندل أن هناك شيء ناقص في كل هذا، و أن الشخص الذي قتل فوبي هو أقرب من الريح أليها .
و فجأة سرى شيء ما في جسد لارا، جعلها بحاجة ملحة أن تصعد الى فوق و تنظر من النافذة، و فعلت ذلك، فتحت النافذة و أطل وجهها الحزين الذابل . و نظرت إلى الموقع المفضل لدى فوبي الذي كانت تلعب فيه، و تذكرت ذلك اليوم .
تذكرت وجه فوبي المندهش و هي تنظر الى واجهه البيت، كانت تنظر بفزع و خوف . ثم حاولت لارا أن تربط هذه الذكرى بما لديها من معلومات حول السيدة هاورد، لقد كان هناك شخص ما يبتزها، و من المؤكد بأنه قد جاء للبيت و أخذ منها المال الذي طلبة . و هكذا قد رأته فوبي، رأت ذلك الشخص المبتز الذي بفعلتة هذه قد تحولت ملامح وجهه إلى ملامح وجه حيوان مفترس مخيف، و هذا يفسر الفزع الذي بدا عليها ذلك اليوم .
و نظرت لارا نحو الشجرة التي كان يتوارى خلفها ذلك الشخص و يظهر ضمن المساحة المرئية ظلة المخيف، و فجأة ألتمع وجه من خلف تلك الشجرة، وجه أطل من ذكريات و أفكار لارا، وجه بيلي ماكسيميلين، الوجه المألوف الذي لاحظتة لارا في جلسة التحقيق .
تذكرت الآن بأنها رأت وجه الشخص الواقف خلف الشجرة، ليس فقط ظله، و فور تذكرها لذلك امتلىء ذلك الجزء الناقص من افكارها في عقلها الباطن .
يبدو أن بيلي ماكسيميلين كان يعرف الكثير عن الماضي المخجل للسيدة اروين هاورد، و أثناء ما جاء للبيت ليأخذ ماله، لاحظ ان الفتاة قد انتبهت لما يقوم به، فأخذ موقعا سريعا له خلف الشجرة، لتحين له الفرصة من أجل قتلها، لكنة أدرك بعد قليل أن التسرع قد يعرضة للخطر و الشبهات . لذلك يجب علية أن يرسم خطة متقنة لتموت هذه الفتاة  .
عرف كل شيء عن فوبي، و قام بأحداث كسر بأحد القطع في المعبر الخشبي، و أتى في ذلك الصباح و تحقق ما كان يصبو ألية .
سقطت فوبي في النهر و صرخت راشيل كوثبيرت و ركض هو ليمثل دور المنقذ، قفز في النهر قبل أي مساعدة أخرى ليكمل جريمتة تحت الماء، خنق الطفلة و أحكم قبضتة حول عنقها فماتت، و بما أن التحليل الطبي أثبت أنها ماتت بالاختناق، فإن هذا يفسر الأمر .

في الليل الهادئ على قرية سينت ميد رود طرق باب بيت ال هاورد، و فتحت السيدة هاورد الباب للضيف الذي كانت تنتظرة، و انشق السكون بصوت الفتى بيلي ماكسيميلين و قال : لماذا اردتي أن نتحدث يا اروين، ماذا هناك؟ .
خرج صوت السيدة خفيفا خائفاً : لماذا قتلت الطفلة، لقد كنت انفذ كل طلباتك، ما الذي استفدتة من هذا الفعل؟ .
- لأنها رأتني و انا أخذ المال منك، ثم انها بماذا تهمك، يجب أن تشكريني لأنني ازحتها عن طريقك، لن يكون لك منافس في الميراث بعد الآن .
- انا لم أطلب منك أن تقتلها أيها الغبي .
- لا تنسي ما أعرفه عنك و من تكونين .
- لم أعد خائفة منك .
- هل انتي متأكدة، اتريدين أن أذهب و أخبر كريك هاورد الآن .
- و لكنك ستوقع نفسك بمشكلة، لا تنسى انك مجرم الآن، و قد اعترفت بذلك أمامي .
و فجأة أدرك واقعية ما تقول، و ارتعد ثم اصفر وجهه، وتابعت السيدة هاورد حديثها : يمكنك أن تخبر كريك بنفسك، انظر هناك في العتمة، اتراة؟ انه يجلس هناك بجوار لارا و كيندل . و انظر هناك للمفتش أدريان الذي يسجل اعترافك بالجريمة .
تحركت أقدام المجرم الى الوراء بشكل أوتوماتيكي، و لكن مسدس مساعد المفتش المصوب الى ظهره جعلة ينتصب في مكانة بلا حراك .
ثم فتحت الأنوار و قبل انسدال الليل انكشف كل الغموض المحيط بالقضية، و أخذت الشرطة المجرم بعد أن قيدت يداة بالاغلال، و السيدة هاورد على ذمة التحقيق .
و هنا فقط ازاحت لارا الهم القابض على روحها، و الجاثم على صدرها، لكنها لن تنسى فوبي، لن تنسى وجه فوبي الجميل البريء ما حيت .

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Sep 18, 2018 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ظل خلف الشجرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن