1949| England.أنا لا اموت ابدًا، لأن الموت يعني ان تنسى
أن تترك العالم كله يتملص من بين أصابعك، وتغادرهوأنا ولدت جبانًا.
لست مثلك هنري، وأعرف كم تبغض نوع الأزهار الذي أتركه عند قبرك كل يوم، سجائري النتنة
لطالما كرهتَ رائحتها لأنها تذكرك بهم، ولطالما أزعجني السكون المخيف في شاطئ بورنموث الذي تنام فيه وحدك منذ عام.
اليوم هو العاشر من يونيو، الرياح باردةٌ على غير العادة في هذا الشهر، أسير في الأزقّة القذرة وبالكاد يلمحني العالم، أبدو شاحبًا..
أجر خلفي المئات من الأيام المنسيّة، وبشكلٍ آخر، أذكرها انا
الحرب لم تترك أي شيءٍ بنا على قيد الحياة، وحتى مع أنها انتهت منذ أربعة اعوام مضت، لازالت البشاعة تلبس وجه مدينتنا..
الدماء تغطي الكنيسة، والمقابر لا تسع جثتك
لهذا، تركتك هناك هنري.. قرب البحر الذي حلمت دومًا بالسفر عبره.**
يتجاهلني بيل منذ عام، هارولد أيضًا والبقيّة بعد مغادرتك،
جميعهم يخافون أن ألمح الذنب على أوجههم، ولكني ألمحهحتى وأن لم أنظر اليهم، إليزا اختفت في اليوم الذي غادرت فيه، لا أعرفها كثيرًا مثلما تفعل
لكنك كنت تحبها، تتحدث لي عنها كثيرًا، واليوم بلا سبب أتذكرها كما اتذكرك
لو أتوقف عن تبني تفاصيلك في حياتي، ربما سأكون بخيرٍ حينها، لن استيقظ في الصباح بأملٍ سخيف وأنا ابحث عنك، وأجدني لحظتها نائمًا ببوس، بجثث من السجائر الى جانبي قرب قبرك.
سأكون ممتنًا لو تركتني وحدي لأعيش، هنري.
**
دفعت باب الحانة التي أرتادها عادةً، دخلتها أخلع قبعتي والمعطف المهترئ الذي كان ينام على كتفاي الهزيلتان بهدوء
متجاهلًا ذلك الجسد العريض الذي يستولي على مقعدي المفضل، والزحام ايضًا، وتقدمت نحو المقعد الوحيد في زاوية الحانة
ماكدت أبلغه حتى سقط أمامي جسد هزيل، نظرت بعينٍ باردة للشجار الذي يحدث، والذي بسببه لا استطيع الاستمتاع بشرب كأس من الخمر قبيح الطعم ليحرق حنجرتي، ربما الحياة تبغضني حقًا
أشعلت سيجارةً أخرى، كنت أنظر، والجميع ينظر، حين سقط الفتى مجددًا إثر لكمةً شوهت وجهه، ومن أسفل قبعةٍ كان يضعها إندثر شعر طويل ترك الجميع مذهولًا
من بينهم أنا، لأوّل مرة، شيءٌ ما يثير إنتباهي
شيءٌ غيرك هنري، أنحنيت لآخذ القبعة السوداء أسفل قدمي
ونطقتْ دهشتي عوضًا
"اليزا؟"
**
يتبع