هكذا يولد العظماء

45 7 2
                                    

جميعنا نسعى جاهدين لنكون الافضل، الارقى، الاكثر، المثاليين سواءً خُلقا او خَلقاً، ولو كان الامر بشق الانفس، حتى لو اطررنا للتضحية بكل ما هو ثمين بالنسبة لنا او ان لا نظهر انفسنا وشخصياتنا الحقيقيه ونخبئها تحت اطنان من الاقنعه اللتي تتناسب مع كل موقف، فعقلنا البشري لا يتوقف عن حساب الامور على حسب معايير المجتمع المحيط بنا، معايير وضعناها ونحن نعلم استحالة العمل بها جميعاً بذات الوقت بذات الشخص،  معايير مستعصيه وخانقه، معايير طفح الكيل بها فولّدت النقّاد والمحللين والمفسرين ومن ابناء تلك المعايير من نودوا ذات مره بالمجانين او الحمقى وانتهى بهم الامر علماء وفلاسفه.
نحن من قيدنا انفسنا ونحن نحررها، فبيدنا المفتاح والاقفال على الابواب، ابواب اقفلتها معايير مجتمعاتنا، ابواب كتب الدمار والخراب والسؤ كله عنوانا لها.
امسك مفاتيحك جيداً ،لا تفلتها،  اشرع بفتح الابواب، الباب الاول موصد، فالثاني، فالثالث، لا نهاية لهذه الابواب.
وصلت بابك افتحه، اكتشف جوفه، مظلم؟ مليئ بالعثرات؟ امضي، لاتخف، فلطالما كان الخوف عدواً للبشريه، اجعل الفضول ياكلك ادخل اليه وتعمق وحارب للوصول لمبتغاك، وصلت، انظر هناك تكمله، مجددا امضي، مجددا تعمق، مجددا حارب، وهكذا الى ان تنتهي تلك الطرق او تخور قواك، فان خارت قواك كن فخورا لانك صنعت افضل ما لديك بهذا الباب، بهذا الطريق، وامضي الى باب اخر، عالم اخر ومشقّة جديده. اما ان انتهت تلك الطرق، فلقد حان دورك لصنع طرق جديده، إنحت، إهدم، إكسر، حلل، او حتى اجعل ذلك الحائط ينخر به خرم ابره بقطرات الماء، خرم واخر واخر واخر، الى ان يتداعى ذالك العائق بين البشريه والعالم وتضع بصمتك.

اما لمن فتح الباب ووجده مشعاً مضائا معبداً دون عناء.
فاحذر، هذه الدنيا، وقانون الدنيا لا شيء بالمجان، فعيشك ثمنه عمرك، وطعامك ثمنه صبرك، ومشربك ثمنه قلة نسبة المياه العذبه، فذاك الباب المشع شعاعه يعمي الابصار فتتجاهل الحفر والطين والاوساخ التي تغطيك به من رأسك لاخمص قدميك الى ان تقع بمستنقع طيني ملوث بقاع منحدر عميق مظلم، لا يصله سوى ضوء خافت لنجمةٍ صغيرة بعيده، استعد، اشحذ طاقتك، ازل ما يثقل حركتك وتسلق الى ان تصل القمه، اصبح ضوء النجمه الصغيره تلك ضوءً منيراً يشابه الضوء اللذي كان في البدايه لكنه انقى واصفى، اسعى للوصول اليه، وصلت، لا تسترح عليك ان تحاول قدر المستطاع البقاء في ذالك الضوء دون ان تمسه الظلمه.

خلاصة القول مفهوم الافضل يختلف من شخص لاخر، ولتصبح افضل عليك كسر حاجز قد صنعته بنفسك او بفعل الاخرين، قد يطول الامر وقد يكون سهلاً، قد يكون مليء بالعثرات وقد يكون معبّداً سهلاً، وفي مرحلة ما ستصل لعثرة او حفره تجعل من المواصله امراً اشبه بالمستحيل، عند هذه النقطه اسعى لتحقيق المستحيل، حينها شبيه المستحيل لن يعد حائطاً يوقف حركتك بل ستتجاوزه وتمر وكانه لم يكن .

وهكذا يولد العظماء.

خواطر مشتتهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن