Part 2 || القطّة

3K 196 101
                                    

لمْ استطع النوم تلك الليلة بسبب صوت الرّعد الذي لمْ يتوقف الا عند الثانية بعد منتصف الليل

إستيقضتُ باكراً على صوت المنبه
كان شعري مُبعثراً و تحت عينيّ هالاتٌ سوداء بسبب قلّة النوم
كنتُ اُعاني من الارق طول هذا الاسبوع

نظرتُ الى سرير زميلي مينامي هارو في الغرفة فلمْ اجده
فقد إستيقظ قبلي

نهضتُ ليُفتحَ باب الحمّام ، كان مينامي كن و على رأسه منشفة عرفتُ حينها انه كان يستحم

قال بإبتسامةٍ واسعة
" صباح الخير تودوروكي "
" صباح الخير "

منذ إنفصالي عن مومو هو كان يعتني بي و يحاول إسعادي
كان يشعر بالشفقة عليّ
رُغم ذلك فأنا لمْ اشعر قبلاً بأنّي اُريد أنْ اشكو له عن الحرب التي تدور في داخلي
ذكريات الماضي لا تزالُ تُراودني كل ليلة ، اشخاصٌ وعدوني بالبقاءِ لكنّهم اخلفوا وعدهم
على الرّغم من تلك الضجّة في داخلي ، إلّا إنني اتلاشى ببطئ و هدوء .. دون أنْ يُدرك احدٌ ذلك

إرتديتُ قميصي الابيض و بنطالي الاسود ، و فوقه معطفي البني المُفضل
و وشاحي الازرق ، خرجتُ و معي مظلّتي نحو الجامعة

اخبرتُ اُمّي بأنّي سأكون صيدلانياً و ساُخلّصها مما كانتْ تُعانيه ، و نذهب لنعيش معاً بمفردنا تاركين والدي
لكنني حققتُ حُلمي لوحدي ، لطالما تمنيتُ أنْ تكون اُمي معي لترى نجاحاتي و إنجازاتي ، لكنني الان لا املك احداً اخر لاُخبره بها ، لمْ اشعر بالسعادة حينما دخلتُ الجامعة بمعدّلٍ جعلني التحق بقسمِ الصيدلة
شعرتُ إنّ هناك شيءٌ ما ينقصني
و كان ذلك الشيء هو اُمي

بينما كنتُ اسيرُ نزولاً على الدرج لمحتُ تلك العَينينِ الحمراوتانِ
كان ذلك الفتى مجدداً و معه اصدقاءه
نزلتُ ببطئٍ بعد أنْ تأمّلتُ عينَيه كالعادة ثمّ ذهبتُ خارجاً نحو قِسمي

كانتْ الارضُ مُبللةً و مملوءةً بالطين و بِرك المياه
سرحتُ في خُضرةِ الاشجار بينما كنتُ اسير حتى وصلتُ الى وجهتي
دخلتُ لتعلو اصوات الهمس ، إستطعتُ معرفة محور حديثهم فهذا شيءٌ إعتيادي
مومو لديها شعبية كبيرة بين الطلاب ، لذا كان جميع الاولاد يعتبرني محظوظاً لإرتباطي بها
و خبر إنفصالنا انتشر ايضاً ، و بالتأكيد فقد تعرّضتُ لعدّة اسئلة مزعجة .. عن سبب انفصالنا و من كان المخطئ
و لمْ انجو من الإتهامات و الإشاعات التي انتشرت بشكل واسع ، هناك من يقول بأنّ مومو وجدتني مع فتاةٍ اخرى
و هناك من يقول اننا تشاجرنا .. الخ
و لأكون صريحاً فأنّي لمْ اهتم لكل هذا ..
.
.
.
.
.
.
بعد إنتهاء الحصص خرجتُ لآكل غدائي ، جلستُ تحت إحدى الاشجار و فتحتُ علبة طعامي و بدأتُ بأكل شطيرتي
سمعتُ صوت خطواتٍ خفيف بجانبي
نظرتُ الى الاسفل لأجدها قطة سوداء

تمتمتُ قائلاً

" هل انتِ جائعة ؟ "
قسمتُ جزءاً من شطيرتي و اعطيتها إياها لتبدأ بأكله

" امرٌ سيء أنْ يعتبركِ الناس جالبةً لسوء الحظ .. أليس كذلك ؟ "

قلتُها بينما كنتُ امسح على رأسها بخفّة

اكملتْ طعامها و نظرتْ إليّ لثوانٍ لتجلس بجانبي و تمسح رأسها بقدمي

" آسف ولكن عليّ الذهاب ، اراكِ لاحقاً "

إستقمتُ بعد أنْ ادخلتُ علبة طعامي في حقيبتي ثمّ اتجهتُ نحو المكتبة لاُنجز مشروعي الذي طلبه الاستاذ منّا
بينما كنتُ اسير سمعتُ صوت مواءٍ من خلفي
إلتفتتُ لأجدها نفس القطة

" تباً .. ارجوكِ لا تتبعيني ، غير مسموحٍ لي إدخال الحيوانات "

قُلتها بينما كنتُ ادفعها بخفّةٍ الى الخلف ثمّ اغلقتُ الباب خلفي بسرعة
تنهّدتُ و تقدمتُ نحو إحدى الطاولات لأجلس و اُخرج حاسوبي المحمول و ابدأ بالعمل على المشروع

" اتركيني ايتها القطة اللعينة ! "

كان هذا الصوتُ مألوفاً
رفعتُ عينيّ لاجده ذلك الفتى الاشقر و القطة السوداء تلتصق بقدمه
تباً انه خطأي يجب أنْ اُبعدها !

إستقمتُ و ذهبتُ نحوهما

رفعتها بيديّ و قلتُ
" اسف "
" هااه ؟ هل هذه قطتُك ؟! انتَ تعلم بأنّ احضار الحيوانات الى المكتبة غير مسموحٍ ! "
" اجل ، اعلم "

قلتُها بهدوء لأذهب الى الخارج و اتركها بمكانٍ بعيد ثمّ اعود راكضاً .. و قد بدأتْ السماء تمطر بالفعل لذا عدتُ الى المكتبة بسرعة

جلستُ مجدداً على الكرسي و كان الفتى جالساً في الطاولة المُقابلة لي
نظرتُ الى حاسوبي لاجد انّ الفلاش ميموري ( الذاكرة المتنقلة ) غير موجودة

تمتمتُ قائلاً

" هل يُعقل إنّي نسيتها في المنزل ؟ ... "
بحثتُ في حقيبتي ثمّ قلتُ

" تباً .. اذكرُ إنّي قد اخرجتُه قبل قليل .. اين هو .."
" اوي ، هل تبحث عن الفلاش ؟ انّه تحت طاولتِك "

كان الفتى الاشقر

نظرتُ تحت الطاولة لاجدها هناك فعلاً

" اوه .. شكراً "

عاد هو الى القراءة بينما كنتُ قد سرحتُ في عينيه مجدداً

ساعة لندن ، شوارع فرنسا و انهار إيطاليا .. جميعها كانتْ اجمل ما في مُخيّلتي .. لكنّي ادركتُ انّ هناك ما اجمل من هذه جميعاً
انها عيناه..

يُتبع-

The cancer || TodoBakuحيث تعيش القصص. اكتشف الآن