القاتل السعيد

2

بعد اقل من ساعة كانوا يتمشون في صحراء نائية تمتلئ ارضها القوية بالتراب و تحدها رياح ترابية من جميع جهاتها، كانت السيدة سالي كينج و المترجم نور الدين يترأسؤونهم و يأتون هم بعدهم في مواكب صغيرة.
فكانت عائلة السيد كوينتن منفردة و السيدة بوك تسير مع سيسلي و ايميلي جوشوى و ان شيلدون، و سار بوارو مع السيد ميدوز غريتل. و سار ايوان هايس مع زوجتة تانيا بالقرب من مواكب اخرى تضم سيدات و رجال.
و كان السيد دينيس ويلبر يسير وحيدا الى جانب تلك المواكب المندفعة.
وبدا لهم ذلك المكان المفتوح الواسع غريبا مخيفا و كأنهم يسيرون مختطفين في مكان ما، و سرعان ما خفت ذلك الرعب قليلا بصوت السيدة كينج : في هذه المرحلة من رحلتنا نكون قد وصلنا الى ما يعرف بآثار اوروك الشهيرة، ان من هنا يا اعزائي انطلقت الكتابة و التعبير من خلالها و التدوين، فبها استطاعوا نقل حضارتهم تلك الى ايامنا هذه، لقد سكن هذه الارض السومريون و هم من اخترع تلك الكتابة في هذه المنطقة، و قد كانت اكبر مناطق الارض في تلك الفترة ان صح التعبير؛ فقد كان يقدر طول محيطها حوالي 6كم.

سكتت قليلا عندما اصبحوا قريبين من بناء وحيد ينتصب في تلك الصحراء، و قالت : اننا على وشك ان نصل الى البناء الاثري ذاك و هو عبارة عن معبد اثري كما ترون.
ويعود تأريخ بناؤه إلى عهد الدولة السلوقية أو البارثية، وذكر إنه أعيد بناؤه في عام 110 أي بعد آلاف السنين من أحدث مبنى للحضارة الأكدية والبابلية التي حوله، ويمتاز بهندسة معمارية فريدة من نوعها. ويبعد حوالي 30 كم تقريبا شرق مدينة السماوة. وربما يعود تاريخ بناؤه إلى القرن الأول الميلادي، والمعبد هو واحد من عدد قليل جدا من مباني العبادة الموجودة من الفترة البارثية في بابل.بني المعبد من الطوب المحروق ويتكون من غرفة واحدة فقط. والأبعاد الخارجية هي 10.7 × 13.7 م. و يسمى معبد كاريوس.

و سكتت السيدة كينج من جديد عندما اصبحوا قريبين اكثر من ذلك المبنى، و تشعبوا حولة ليستكشفوة، و بدا لهم
معبد كاريوس هيكل من بقايا المبنى التي لا تزال مرتفعة عدة أمتار، وقد زينت كل من الجانبين الخارجي بأربعة أعمدة مع عواصم أيونية ومنافذ بينها، وهي مقوسة كنهاية علوية. ويقف أمام واجهة المعبد سلسلة من ست ركائز، وبني بالجص مرة واحدة وزينت مع إطار تصويري لبعض المخلوقات الأسطورية.

قالت السيدة كينج و كانت كأنها تتحدث مع نفسها فقد كان جميع السواح منشغلون باستكشاف المعبد الوحيد : كان المعبد يقف في البداية في منطقة محصنة، والتي بنيت مع مرور الوقت، وهناك أيضا حمام تحت المباني، وأستعيد مبنى المعبد الفعلي جزئياً في عام 1972.
و إن كاريوس هو آلهة بارثية، وقد كان معروفا من خلال النقوش والكتابات القديمة التي وجدت في مدينة أوروك.

كانت اجواء المكان خاوية جافة و من الصعب تصديق بأن هذه المنطقة كانت عامرة بنهر كبير يجري من خلالها، و حضارات تناوبت و ازدهرت فيها على مر العصور التأريخية.