الثالث.

87 8 33
                                    

شعرت بأصابعها تتجمّد فوق لوحة المفاتيح في المُحادثة.. وكأنها لا تدري ماذا تقول! لقد كانت تمازحه مُتيقّنة بأنه لن يأتي الآن بهذه البساطة..

= أحقًا أنت في طريقك إليّ؟

كان ذلك كُل ما إستطاعت كتابته.

- المعلومة الأولى يا آنسة.. أنا لا أضيّع الفرص.

= ستضيعُ الفرصة بشكلٍ أو بآخر. فأنا إقتربت من المنزل جدًا.. حظًّا موفّقًا في البحث عني :)

- المعلومة الثانية.. أنا لا أستسلم.

= أنت تُضيّعُ وقتَك، لن تلحق بي.

- أنا أُضيّعُ وقتكِ، لن تصعدي للمنزل.

عقدت حاجبيها لتتسمّر قدماها على الأرض لوهلة، ثم وضعت الهاتف بحقيبتها وتنهّدت قبل أن تكمِل سَيرها طاردةً كل الأفكار من رأسها، قصدت محل البقالة بجوار عمارتها وإبتاعت بعض الأغراض قبل أن تسمع صوت إشعارات هاتفها يندلعُ من قلبِ الحقيبة.

كانت رسالة من ذاك المتطفل، تحتوي على علامتين إستفهاميتين من دون أية أسئلة.. تعجّبت قليلًا ثم تجاهلته لتتجِه نحو عمارتها.

أوقفتها نبرةٌ مألوفة تهتف:

- لِمَ العجلة؟

إستدارت لتكسو الدهشة ملامحها بينما تُطالعهُ يقِفُ بمدخل عمارتها في هدوء تام، وسُرعان ما إرتسمَت إبتسامتهُ على شفتيه ليقترِب حتى وقف أمامها.

حاولت إخفاء صدمتها بسؤالها الذي قاطع تحديقهما الصامت الطويل:

- لِمَ تُصِرّ على رؤيتي هكذا؟!

عقدت حاجبيها وشاهدتهُ يبتسِم خَجِلًا، رفع عينيه ليسألها:

- ولِمَ تتهرّبين مني؟!

فسُرعان ما ضحكت بإستخفاف وعقّبت بدهشتها:

- أنا أتهرّب منك؟! لِمَ قد أفعل؟

- كان هذا سؤالي.

حدّق بعينيها آبيًا أن يقطع إتصالهما البصري، فسألتهُ:

- مَن أنت لأتهرّب منك؟

مدّ يدهُ مُبتسمًا بتوسُّع:

- هشام.

نظرت ليدِه، ثم إليه قبل أن تصافحهُ، وكادت تتحدث لولا أن قاطعها مُمازحًا:

- إسم حقيقيّ تلك المرّة إذا سمحتِ.

أخفَت إبتسامتها قائلة:

- رانيا.

  فرفع حاجبيه مُتعجّبًا:

- وما الذي يدفعكِ لإبقائه سرًّا؟!

أردفت عاقدةً حاجبيها:

قلب لا ينبض.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن