٠١

63 5 4
                                    

٠٤ اغسطس ١٩٤٣.
أنا المريض النفسي في الغرفة ١٠٥، لقد مر على بقائي هنا أيام أو بضع أعوام، لا أعلم حقيقة. لقد توقفت عن عد الأيام منذ وقت طويل. ربما منذ أن نسيت ملامح أمي، و كيف هو العالم في الخارج. أو منذ أن استبدل الخوف الذي كان يسري في دمي كسريان الأدوية ، كل يوم على الساعة الخامسة في حلقي. بالعادة و اللامبالاة. تقول ممرضتي، أنه خلال أيامي الأولى، لم أكن أغلق جفوني لوهلة. بل و أني كنت أصرخ لساعات، مستنجدة. حتى أصبح صوتي صدءا. اليوم، لا أدري ما حل بأنا القديمة. و لا لما قامت بذلك. لربما أنها ارتعبت حينها من فكرة البقاء لوحدها مع هذه الأنا .. أو الأخريات. من أن تحبس معنا، بين هذه الجدران البيضاء الساطعة و الأصوات الجهنمية.
يقال : من عاشر قوما لأربعين يوما أصبح منهم.
هل تم تعميم هذه المقولة، على من لا يعاشر إلا نفسه -أنفسه- وحدته و شياطينه لشهور عدة؟
لربما هذا السؤال هو مادفعني لطلب هذه الأوراق وقطعة الفحم من ممرضتي، لربما هي فكرة أن ما مررت به قبل و إبان حبسي بين هذه الجدران لن يدرى يوما. أو خشيتي من أن شخصيتي و ماهيتي لن يعرفها أحد. أظن أن ذلك سيكون أنانية مني، ألا أترك ظلا من ظلال روحي لمن سيقرأ ما دونته هنا، يوما.
                                                        آنستازيا.

Random🦕Where stories live. Discover now